Culture Magazine Thursday  14/01/2010 G Issue 294
حوار
الخميس 28 ,محرم 1431   العدد  294
 
يرى أن الشعر حاجة أساسية من حاجات الإنسان..فاروق جويدة:
الشاعر لا يكتب سوى قصيدة واحدة

القاهرة – أحمد عزمي:

يعد الشاعر فاروق جويدة أحد أهم الأصوات الشعرية الحالمة في العالم العربي، وهو لا يكتفي بقصيدته الرومانسية، التي تجعل المرأة محور هذا العالم، بل يغمس ريشته في هذا الجرح العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، كما استدعت الأمور ذلك.

كانت البداية حين عمل محررا اقتصاديا في صحيفة (الأهرام) إلى أن أصبح مشرفا على الأقسام الثقافية بها، وكان الشعر هو الثابت الوحيد لديه، كانت القصيدة تتسرب إلى الوجدان الجمعي،رغم أنف النقاد الذين تجاهلوها وتجاهلوه كشاعر لكنه

أثبت حضوره الكبير عبر بوابة القصيدة التقليدية، وصولا إلى قصيدة التفعيلة التي تحافظ على إيقاعها الموسيقي العالي، سواء كان هذا الإيقاع داخليا أم خارجيا، وأصدر طوال هذه المسيرة الطويلة ستة عشر ديوانا، منها (شيء سيبقى بيننا) و(كانت لنا أوطان) و(في عينيك عنواني) و(زمان القهر علمني).

كما أصدر أربع مسرحيات شعرية، في الوقت الذي عبرت فيه هذا الجنس الأدبي، وهي (الوزير العاشق) و(دماء على أستار الكعبة) و(الخديوي) و(هولاكو) وفي هذا كله تبقي مقالاته الأسبوعية هي الأقرب إلى إثارة الجدل حول قضايا تلتصق بهموم الناس بشكل مباشر.هنا حوار مع الشاعر فاروق جويدة فإلى التفاصيل.

تظل الطفولة نبعا لاتنضب مياهه في حياة الشاعر كيف كانت طفولة فاروق جويدة وكيف جاء تأثيرها على مسيرة الشاعر فيه؟

- الاقتراب من الطفولة هو الدخول في قلب الشعر، أو النزول إلى قاع الشعر الخفي، المليء بالينابيع، التي تتجمع فيها المياه من ينابيع عدة، ثم تنفجر فجأة، في حركة انبثاق شبيهة، بانبثاق القصيدة في جوفي اللاوعي.

وقد ارتسمت علامات الشعر في نفسي منذ الطفولة والصبا، حيث كنت استمع إلى الأوراد الدينية التي كانت ترتل من قبل المنشدين في مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي والسيد البدوي بصحبة والدي، وفي سن مبكرة حفظت (بردة البوصيري) التي علمتني موسيقي الشعر وأوزانه.

مابين النشأة في إحدي قري الدلتا والإقامة الدائمة في القاهرة كيف كانت تلك المسيرة الطويلة؟

- المسافة قليلة في المكان، لكنها بعيدة وشاسعة في الزمان، هي مسافة عمر قضيته بين هنا وهناك، وأنا شاعر أمكنة وأزمنة وأقنعة، والعودة إلى المكان الأول هي عودة حالمة على كل حال، عودة سحرية، لان المكان لم يبق على رحاله، ولا الفتى بقي على حاله أيضا.

ومتي بدأت ملكة الشعر عندك؟

- كنت طالبا في المدرسة الثانوية، عندما ظهرت ملكة الشعر عندي، كنت أكتب قصائد غزلية، تلقى استحسان الجميع، في حين كان زملائي، وعلى رأسهم الدكتور (أحمد زويل)، منهمكين في الدراسة كان (زويل) ذكيا ومجتهدا، لا يلتفت إلى مثل هذه الأمور، لذلك أصبح عالما كبيرا، في حين أصبحت شاعرا.

تبدو المرأة حاضرة بقوة في شعرك لماذا هذا الانحياز للمرأة؟

- أعتبر القصيدة الجميلة امرأة، والزمن يأخذ من المرأة، يأخذ من جسدها فيترهل، ومن أعضائها فتشيخ، هناك أشياء تسطو على كل ماهو جميل، والمرأة طاقة متفجرة من الأنوثة والمشاعر، تدفعني الي البوح بأسراري الشعرية على الورق.

وسط الحصارات المادية والمعنوية التي تحيط بالإنسان من كل جانب هل ترى للشعر جدوى في حياتنا؟

- الشعر يطلق الإنسانية من أسر سياقها المنطقي المألوف، ويحاول أن يسعى بها لتستنشق الهواء النقي، بعيدا عن كل ماتواضع عليه الآخرون، الشعر لايمل من تحرير اللغة من محدوديتها، ومن دلالاتها المنضبطة، فالشعر من حيث هو جوهر لايمكن أن يموت، فهو حاجة من حاجات الإنسانية الأساسية، مثله مثل الحب في ذلك.

هل يكتب الشاعر قصيدة واحدة في مشواره الطويل وتأتي بقية قصائده كتنويعة واحدة على هذه القصيدة؟

- الشاعر ذو الشخصية الشعرية يكتب ذاته وقصيدته، في جميع أطوارها وتحولاتها، فالشاعر فعلا لا يكتب سوي قصيدة واحدة على مراحل.

وأنا أتفق مع الفرنسيين حين يقولون: إن الأسلوب هو الرجل والأمثلة على صحة تلك المقولة كثيرة من المتنبي وأبي العلا المعري وصولا إلى أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران، وانتهاء بأحمد عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور ونزار قباني وغيرهم من المحدثين.

كل شاعر مميز يكتب قصيدة واحدة، هي أسلوبه ولغته ومعانيه وأشكاله، بحيث إذا حذفنا اسم نزار قباني عن قصيدة كتبها، نستطيع أن ننسبها إليه، وكذلك قصائد بدر شاكر السياب وأدونيس وعبد الوهاب البياتي، و أعتقد أن مثل هذا الكلام ينطبق على قصيدتي أنا الآخر.

بموازاة القصيدة نراك تكتب المقالة التي تعالج هموما اجتماعية على المستوين المحلي والقومي فهل يأتي هذا ضمن مهام الشاعر؟

- أرفض الظلم و سحق الإنسان، والديكتاتورية، فأنا مهموم بقضايا العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، لذلك على ما أظن أصبحت قريبا من قلوب الناس. و إذا فعلت غير ذلك فهذا يعني أنني أصبحت خائنا لرسالتي ككاتب وشاعر، فالشاعر لايعيش في برج عاجي، وعليه أن ينخرط في هموم الناس، ويعبر عن أحلامهم، ويصور معاناتهم.

و أين دور المثقفين في توعية هذه المجتمعات؟

- الثقافة في كل مجتمع مرتبطة بظروفه الاجتماعية والاقتصادية، ورغم تغير الثقافة العالمية، فقد أصبح شراء الكتاب اليوم يفوق طاقة المصريين، لأنه لا يوجد لديهم ما يكفي لشراء كتاب.

وما الحل في رأيك؟

- البداية من أصل الداء، وأتمنى بذلك حل الأزمة الاقتصادية، بحسم الصراع بين الاقتصاد الحر والاشتراكي، كنظام للتعامل الاقتصادي، وإذا تم الاتفاق على الاقتصاد الحر، فيجب علاج أمراضه، مثلما تفعل أمريكا على سبيل المثال مهما توفر منح بطالة، وتدعم منتجات غذائية أساسية. ويجب أن يكون هناك زيادة في مخصصات الدولة للثقافة والتعليم، ودعم المواهب، والحفاظ على قيم الاستنارة والإبداع.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة