Culture Magazine Thursday  14/10/2010 G Issue 319
أوراق
الخميس 6 ,ذو القعدة 1431   العدد  319
 
كلمات
عشق الكلمة أوصلني لتلك الأميرة البائسة!
محمد بن أحمد الشدي

لقد عشقت التاريخ منذ وقت مبكر في حياتي العملية وقرأت العشرات من الكتب السياسية والتاريخية إلى أن وصلت إلى روايات جرجي زيدان لقد بدأت من سلسلة كتب دار الهلال!! ثم كتب طه حسين بفتنته الكبرى ودعاء الكروان والأيام وحديث الأربعاء والوعد الحق مروراً بهارب من الحياة والتفاحة والجمجمة لمحمد عفيفي ويوميات نائب في الأرياف - وكنت أغلق الباب عند قراءتها من الضحك - وعصفور من الشرق لتوفيق الحكيم.

في بيروت قرأت لمارون عبود وسعيد عقل (أجمل منك لا) ونزار قباني وليل الغرباء وتطور الوضع القرائي عندي مع قراءة الصحف التي بدأت من أول يوم جلب والدي - يرحمه الله - إلى منزلنا أول جريدة ثم بعض الكتب الأخرى ومجلات مصر مثل آخر ساعة والأهرام والمصور ومجلة الهلال ومن تلك الأيام وهذه قضيتي القراءة ثم القراءة في كل شيء أحصل عليه ثم جاءت الطامة الكبرى فبعد أن أمسكت القراءة بتلابيبي كما تقول تلك الكاتبة صافي ناز كاظم لم أعد أعلم أين أنا؟ عملت في الصحافة ثم سقطت في بحر لا قاع له وهو بحر عشق التاريخ وملاحقته: يا ويلنا من التاريخ لقد ضيعنا وضيعناه - عربا وعجما - على طريقة الأستاذ هشام حافظ! التأريخ.

أنا شخصياً لي معه قصة وله معي قضية شاقة واسعة بلا حافة ولا قاع ولا مرسى إذ إنني لا أرى لها يابسة، إنني أجد نفسي ألهث خلف سراب لا أقبض على شيء منه إلا كما يقولون قبض الريح التي ذهبت بما كان لي من مفقود لن يعود رغم انغماسه في روحي وخاطري بل إن جميع الطرق المؤدية إلى معرفة الحقيقة المنشودة قد عميت علي بفعل فاعل. وقد عجبت - وهكذا أدركتني حرفة الكلمة وتعلقت بها فليس لي على ما يبدو من ذلك فكاك بل إن مهنة الكلمة أصبحت تجر جلدي على الشوك غير عابئة بي وبأوجاعي التي أدمتها وعورة هذا الطريق الخطير طريق الكلمة والثقافة وطريق كل مجروح مثل دوقلة المنجي، شاعر فصيح في أرض الشام والحطيئة في رمال الزلفي بوادي مرخ!!

ودائماً طريق الثقافة لذته في خطورته ودائماً أتذكر ذلك الأرستقراطي الإنجليزي الذي ورد حواره مع جاره في قصة شارلي دكنز قصة مدينتين عندما داست خيله ابن ذلك الجار فجاءه ملهوفاً صائحاً يا سيدي خيلك، قال ما بها قال: لقد داست على بطن ولدي فرد الإنجليزي الأرستقراطي بكل برود: وهل أصاب الخيل سوء!! إنني ذلك الصبي.

إنها قصتي مع التاريخ إنها موجعة مبكية لي دائماً بل إنني قبل فترة اطلعت مع الأخ الدكتور معجب الزهراني على مذكرات أميرة عربية عاشت في ألمانيا في حقبة تاريخية ماضية في تعاسة مؤلمة هي الأميرة سالمة بنت السلطان سعيد الذي أسس إمارة عربية فارهة في زنجبار وكان له أكثر من مائة ابن وابنة ثم انفلت عقد تلك الإمارة وعقد تلك الأسرة بعد أن توفى والدها وضاع ذلك الملك العتيد وتشرد الأبناء وقصة سالمة الموجعة آلمتني وأخي معجب من جميع الجوانب الإنسانية والإسلامية والعروبية والتاريخية لماذا لأنني متعلق بالقراءة والتاريخ والبحث عن ضالتي التي ذهبت أدراج الأيام والسنين!

إن قصتي مع الكتاب رغم لذاذتها ملتهبة ولا يمكن أن أتوقف في البحث عنه متابعة دائمة أين ما كنت. لقد أحببت أن يشاركني القارئ العزيز بعض هموم الكتاب والركض معه في صحراء الفكر ليس في بلادي فقط وإنما عبر وطننا العربي حفظه الله من أبنائه وأعدائه - على حد سواء -!!

وربما عدت إلى مذكرات الأميرة سالمة التي كتبت بماء القلب والتي تلقيتها هدية عند زيارة سابقة إلى بلدنا الثاني سلطنة عمان حرسها الله.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة