Culture Magazine Thursday  14/10/2010 G Issue 319
شعر
الخميس 6 ,ذو القعدة 1431   العدد  319
 
عاشقة الصحراء
د. أشجان الهندي

أُقبّلُ منكَ الرملَ والرأسَ واليدا

وأحني حروفي واحداً، ثمّ واحدا

فشوقُ القوافي أنْ تُقبّلَ قَِبلةً

يجيءُ سناها النورُ شوقاً مُعاهِدا

وأغزلُ من شِعري شراعَ محبةٍ

على نغمةِ الداناتِ يأتيكَ مُنشِدا

يُغنّيكَ شعري موطنَ الوُّدِ والهوى

وخيرُ الهوى ما جاءَ منهُ توُددا

أيا وطنَ الصحراءِ أتقنتَ حبَها

فأعلنتْ الصحراءُ حبَكَ سيِّدا

دَنَتْ وانحنَتْ غيماتُها، ثمّ صفّقتْ

ومالتْ فسالتْ فوق رملٍ توحّدا

تَوحُّدُهُ حبٌ، ووحدتُهُ هوىً

وواحدُهُ جمعٌ يُعانقُ مُفردا

أيا قمرَ الصحراءِ سامرهُ الندى

ويا طيبَ غصنِ الوردِ حين تورّدا

نعم يشهدُ التاريخُ أنّا ومِن هنا

سقينا المُنى فخرًا وعِزًّا وسؤددا

ملأنا الدُنى والمجدُ يطلبُ وُدّنا

يجيءُ حمانا المجدُ ظمآنَ قاصِدا

روينا ينابيعَ السلامِ سلامةً

وكنّا لماءِ السَلمِ وِردًا ومَورِدا

وإنّا كما صحرائِنا في وضوحِها

بصدقِ النوايا كم أنخنا المقاصدا

ومَنْ جاءنا شكًا أتتهُ شموسُنا

يقينًا من التأكيدِ يأتي مُؤكَّدا

وإنّا كما صحرائنا في عنادها

بعزمٍ قويِّ البأسِ تطوي الشدائدا

إذا أجدبتْ صامتْ، وإن أزهرَتْ رَوَت

وإنْ جحدوا دامتْ تمدُّ يدَ الندا

عنودٌ وليس الخوفُ شيمةَ أهلها

تنامُ مساءَ الخوفِ في مُقلةِ الردى

و إنّا كما صحرائنا في شموخِها

ثراها لغير اللهِ ما خرَّ ساجدا

كِرامًاً بنينا للعلوِّ منازلاً

يَحُقُّ لمن يبني العُلا أنْ يُزايدا

وإنا فِعالّ جاوبتهاَ فِعالُها

وما نحنُ أقوالّ يُجاوبها الصدى

بنينا نفوسًا لا تُباعُ وتُشترى

صقورًا إلى العلياءِ تخترقُ المدى

إذا اشتدّ عودُ الخَطْبِ تطوي جبالَها

وتنحتُ منها ساعدًا شدّ ساعدا

وإنّا إذا دنتِ الغصونُ تذللاً

نعافُ قطافَ الغصنِ إنْ نكّسَ اليدا

ونطلبُ ما ينأى مِن الكرمِ شامخًا

ونقطفُ حينَ القطفِ ما كان أبعدا

وإنّا كما صحرائِنا في وفائها

إذا عاهدتْ أبقتْ سنا العهدِ خالدا

يُجددُ نقشَ العهدِ صدقُ رِمالِها

وأطلالُها تبقى عليهِ شواهدا

وإنّا كما صحرائنا في جمالِها

كَسَتها أزاهيرُ النجومِ قلائدا

نسيمُ الصَبا إن رقّ راقَ لنا الهوى

كريقٍ رحيقُِ الصفوِ يحثوهُ باردا

نَرِقُّ إذا صحراؤنا جادَ برقُها

و نحلو كما شهدٍ يُبلله الندى

وما همُّنا إنْ حلَّ إلاّ مُفارِقٌ

كغيمٍ أظلّ الشمسَ، ثمّ تبددا

نعم يشهدُ التاريخُ يا أرضَنا -لنا-

بأنّا حُماةُ الأرضِ شعبًا وقائدا

ويشهدُ أنْ لا شيءَ كالحبِ شاهدٌ

على الحبِ إذ يأتي مُحبَّاً وشاهدا

ومَنْ تنحني الدنيا لعزّةِ عرشهِ

ويأتيهِ عرشُ العزِّ يتلو التشهُّدا

هو القلبُ تسقي ماءَهُ وردةُ الشذى

يُبادلُها عطرًا فتُمطرُهُ ندى

هو الحبُّ مطويٌّ على دانةِ الهوى

كطيرٍ طوى ريشاتهِ، ثمّ غرّدا

هو العهدُ يأتي طائعاً ومُبايعاً

بهيّاً إذا ما مرّ دهرٌ تجددا

هو الشعرُ لا ينصاعُ إلا محبةً

أبى حاسدٌ أو جاحدٌ ماتَ حاقدا

عسى حسدَ الحسّادِ يقتلُ بعضَهُ

فبدرُ الرضا قد تمَّ إنْ غِيظَت العِدا

أيا موطنَ الأزهارِ، داري وقِبلتي

وغيمةَ أشعاري تهلُّ قصائدا

نهاري وليلي أنتَ، شمسي وظلُّها،

وصحوي وأمطاري خِتامًا ومبتدا

وبوحي وأسراري، وعِزّي وعِزّتي

تحاشدَ مِن غيماتِها ما تحاشدا

فدتكَ عيونُ الشعرِ، موجُ بحورهِ،

وروحُ رمالِ العشقِ روحي لها ِفدا

جدة - تبوك/ أكتوبر 2010
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة