Culture Magazine Thursday  15/04/2010 G Issue 306
فضاءات
الخميس 1 ,جمادى الاولى 1431   العدد  306
 
إلى عبده خال في أيام تكريمه في وطنه
د.لمياء باعشن

حفل تكريم نادي جدة:

لم تكُن وحدكْ.. تأكّد

كلنا كنا معك

منذ مر الموت، كنا ها هنا

(الموت يمر من هنا)

منذ كان الطين طيناً

(الطين)

كنا ننتظر

منذ أصغينا إلى صوت النباح

(نباح)

منذ صار العشب علفاً للمدن

(مدن تأكل العشب)

كلنا عشنا معك.

عشت فينا.. بيننا:

هذي التي كشفتها حياتنا،

هذي التي لامستها همومنا،

عبرت عن أحلامنا،

مكنونات نفوسنا،

هذه كلماتنا.. أصواتنا..

كلها في داخلك.

أنت منا.. أنت فينا:

ابن هذي الأرض

تحفظ خطوتك.

لست وحدك

كلنا بجانبك:

كم انتظرنا ذات فجر

ترفع الأيام عنك خباءها

(الأيام لا تخبئ أحدا)

وتقدّرك.

ثم أطلقت الشرر،

(ترمي بشرر)

فأضاءت منجزاً

به يُفتخر..

لم تكن وحدك.. تأكد:

حين أُعلنت النتيجة ُ

كلنا فرحنا لك،

كلنا فرحنا بك.

حين نادوك

استجبنا كلنا،

ومددت أيدينا جميعاً

نتسلّم... نتقبّل..

نتباهى بالخبر.

ما كان أحوجنا لفوزكْ

نرفع الرأس به

أسعدتنا بتميزك

نزهو به

لست وحدك

ها هنا نحن جميعاً

في جوارك نبتهج،

(لا شيء يبهج )

بك نحتفل،

بك نفتخر،

ونهنئك.

تكريم اثنينية عبد المقصود خوجة

أسمع من يطلق على عبده خال بعد فوزه اسم: عبده بوكر.

وأعتقد أن من يساوي عبده خال بالبوكر، فقد أخطأ.

ومن يظن أن عبده خال هو (ترمي بشرر)، فهو مخطئ أيضاً.

بل إن من يفكر أن عبده خال هو رواية من رواياته، أو حتى مجموعة رواياته، فعليه أن يعيد حساباته

عبده خال هو تراكم مخزون من أشياء لا تُعد ولا تُحصى،

هو تلك القرية النائمة في ذاكرته،

وتلك «الأزقة المدهوكة بالخطوات والحكايات»،

رذاذ المطر، وزرقة البحر، و»جلبة الصبية في الحواري الضيقة»،

وهو أولئك الناس الذين مروا في دروبه، ومر في دروبهم،

هو ذلك الإحساس اللاقط لكل شاردة وواردة وعابرة،

وذلك الأتون المتوهج الذي يصهر ما يرى ويسمع ويقرأ.

عبده خال هو ذلك المفكر المتأمل الذي يقبع خلف، وأمام، وفوق رواياته كلها.

يتفحص أحوال السرد وحيواته، ويطلق مقولاته الفلسفية بين طياته.

عبده خال هو ذلك الحكيم الذي يقول:

- الغياب لا يعني الإلغاء، نحن الذين نغيّب الأشياء ونستحضرها.

- سرعة الضوء ثابتة، فكيف نقيس متحركاً بثابت؟

- الهواء الذي عبرك للتو أخذ شيئاً منك ليزرعه في مكان ما من هذا الكون.

- لا شيء يسقط للأعلى، الأعلى نقطة خارج الامتحان.

- الجمرة المتوهجة لا أحد ينتبه أن أسفلها معتم، والحياة هكذا يومها متوهج وأمسها معتم، الماضي هو الظلام.

- مساحات الظل والضوء هي اللعبة التي تجيدها الحياة بإتقان، لكل شيء وجهان، يعتركان، ولا يمتزجان، تقلبهما الحياة بنسب، وتصبح مواقعنا هي قواعد اللعبة، أيهما يبرز، وأيهما يختفي.

- يكفي فعل واحد لأن تغلف بشرنقة عصية من الأقدار تسلمك لبعضها بعضاً ( حتى تستحيل العودة للوراء).

- الأمر الشاذ يغدو قاعدة في يوم من الأيام.

- طرفة العين زمن لا نكترث به. هذا الزمن جُلب فيه عرش بلقيس وغيّر التاريخ.

- لا أحد ينظر للخلف خشية أن يرى إثماً عظيماً لا يقدر على محوه.

- البداية صرخة تشقق بها المدى، بعدها تظل تلملم صرخاتك من الجهات الأربع.

- التاريخ لا تصنعه الحوادث الدموية، بل تصنعه الكذبة العظيمة.

- السقوط حالة زمنية توصلك إلى القاع في سرعة متناهية

- كم من الحمق نرتكب حينما نظن أن أزهار أرواحنا لا يمكن لها أن تتلوث وتسحق تحت الأقدام.

- سرب من الأمنيات نجمعها في شباكنا يومياً، ونطير أحلاماً على أغصان المستقبل، وكلما عجلنا بالمسير اكتشفنا أننا لا زلنا نقعد في أعمارنا الصغيرة.

هذه المقولات وغيرها تحدد بقوة ملامح عبده خال: (ترمي بشرر)، و(فسوق)، و(مدن تأكل العشب)، و(الطين)، و(نباح)، والقصص القصيرة، وكل حرف يكتبه عبده خال، هو دليل على عقل واعٍ يعتمل في داخله فكر واسع وعميق، كل الروايات ليست سرداً همه الحكي، بل هي وسائل لحمل أطنان من التأملات، والشذرات الفكرية اللامعة. هذا ليس كشفاً عن جانب من شخصية عبده خال، بل هي شهادة على شخصيته كاملة، شخصية المفكر الدافعة والمحركة لكل ما يكتب.

هذا هو عبده خال، وهذا هو مشروعه الفكري الذي نال عليه جائزة البوكر.

جدة
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة