Culture Magazine Thursday  15/04/2010 G Issue 306
فضاءات
الخميس 1 ,جمادى الاولى 1431   العدد  306
 
من قضايا اللغة
فيصل المنصور
مرادف كلمة (الزعل) في العربيَّة

أرسلَ إليَّ بعضُ الفضلاءِ يسأل عن المرادِف الفصيحِ لكلمة (زعل) في كلامِ العامَّة. والجوابُ عن هذا أنَّ مرادفَها في العربيَّةِ (السّخط). ومنه قولُه تعالَى: {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} (58) سورة التوبة. وقولُ هُدبة بن الخشرم:

أنا المرءُ لا يخشاكم إن غضبتمُ

ولا يتوقَّى سُخطَكم إن تغضَّبا

ف(السخط) في هذين الموضعين دالٌّ على ما يَدلُّ عليه (الزعل).

ولها مرادِفٌ آخَرُ، وهو (الغضب)، إذِ (الغضب) في العربيَّةِ كلمةٌ تَشمَلُ الحدثَ العارِضَ المعروفَ الذي ينتابُ الإنسانَ، وتشمَلُ أيضًا ما ينشأ عنهُ مِن مَّا يقعُ في النفسِ مِن النفورِ، والهِجرانِ للمغضوبِ عليه. وهو ما نسمِّيه نحنُ (الزعَل). وإطلاقُه على الأوَّلِ إطلاقٌ حقيقيٌّ. وأما إطلاقُه على الآخَر، فمجاز مرسَلٌ عَلاقتُه السببيَّة، لأنَّ الغضبَ هو المسبِّبُ له، والمفضي إليه، ثمَّ صارَ يسمَّى بهذا الاسمِ، وإن لم يتقدَّمه المعنَى الأوَّلُ.

فأمَّا النوعُ الأوَّل من الغضب، فهو الشائعُ. ومنه قولُ جريرٍ:

أبني حنيفةَ، أحكِموا سفهاءَكم

إني أخافُ عليكمُ أن أغضبا

وقولُ الحماسيِّ:

وأيُّ ثنايا المجدِ لم نطلع لها

وأنتم غِضابٌ تحرُقون علينا

*.

فالمرادُ بغضبها هنا هو ما نسمّيه (الزعل) الذي يعقبُ الغضبَ عادةً. ولو كان المرادُ بذلكَ الغضبَ الذي تحمرُّ منه العينُ، وتنتفِخُ منه الأوداجُ، لكانَ ذلكَ أمرًا بيِّنًا، ولم يحتَجْ إلى أن يلتمسَ عِرفانَه بقسمِها بربِّ إبراهيمَ. ولذلكَ جعلَ (الغضب) مقابلَ (الرضا) كما أنَّ (الزعلَ) في كلامِ العامَّة يقابلُه (الرضا) أيضًا.

ومنه قولُ جميل:

فإن تغضبوا من قسمةِ الله حظَّكم

فلله إذْ لم يعطكم كانَ أبصرا

والمعنَى المرادُ هنا ليس المعنَى الأولَ للغضب، وإنما المعنَى الثاني الذي نسمِّيه نحن (الزعل).

ومنه قول الآخَر:

وما أنا للشيءِ الذي ليس نافعي

ويغضب منه صاحبي بقئولِ

وحاصلُ هذا كلِّه أنَّ (السخط)، وكذلكَ (الغضب) في أحدِ معنييه يُقابلانِ لفظَ (الزعل) في كلامِ العامَّة. وأمَّا (الزعَل)، فله في العربيَّة معانٍ لا تدلُّ على معنى (السخط)، أو (الغضب)، إلا أن بعضَها أدنَى إلى المعنَى الذي تعرِفه العامَّة، وأخلقَ أن يكونَ هو الأصلَ، ثم دخلَه التحريفُ.

faysalmansour@gmail.com بريدة
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة