Culture Magazine Thursday  16/12/2010 G Issue 325
حوار
الخميس 10 ,محرم 1432   العدد  325
 
تخصص في أدب نجيب محفوظ
العناني: جائزة نوبل ليست بريئة طول الوقت.. وكثيرون من العرب يستحقونها

القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد عزمي

يعمل د. رشيد العناني الناقد والأكاديمي المصري أستاذاً للأدب العربي في إحدى جامعات بريطانيا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وقد عايش تيارات نقدية وأدبية مختلفة هناك، وظهر ذلك جلياً في مؤلفاته، التي تشكّل جسراً للحوار بين الثقافتين العربية والغربية. من هذه المؤلفات: «صورة الغرب عند العرب، الثقافة بين الشرق والغرب في الرواية العربية، استنطاق النص، نجيب محفوظ حياته وعصره، عالم نجيب محفوظ من خلال رواياته، نجيب محفوظ قراءة ما بين السطور». هنا حوار مع د. رشيد العناني أثناء إحدى زياراته للقاهرة.

لماذا تبدو من خلال إنتاجك وكأنك متخصص في أدب نجيب محفوظ؟

- يعدُّ نجيب محفوظ أحد حكماء البشرية، وقد استطاع أن يصفي نفسه إلى درجة الوصول إلى بلورة إنسانية نقية، وكل عمل روائي كتبه كان بمثابة تجربة عميقة، وصورة رائعة لفترة كاملة من التاريخ، وربما أيضاً وثيقة اجتماعية مهمة، وأنا أعشق الثلاثية والحرافيش، على وجه الخصوص.

لقد بدأ نجيب محفوظ بالرواية الواقعية التي تكاد تكون حسية؛ ليصل إلى الومضات الصوفية في «أحلام فترة النقاهة» وأنا الوحيد الذي رصد مسيرة نجيب محفوظ الإبداعية منذ الثلاثينيات حتى آخر كلمة كتبها، وقد أعطيته نسخة من أعمالي التي كتبتها عنه بالإنجليزية، فشكرني وقال لي إن بصره لا يقوى على القراءة، وأعطاها للكاتب محمد سلماوي؛ ليحيطه علما بما فيها.

ولماذا اخترت رواية محفوظ «حضرة المحترم» لتترجمها إلى الإنجليزية؟

- هذه الرواية جذبتني بلغتها الخاصة، حيث كتبت بشعرية مكثفة، وتتناول موضوعاً واقعياً عادياً جداً، لكنها تعبر عن تجربة البطل «عثمان بيومي» الذي ترقى في وظيفته من عامل في الأرشيف إلى منصب المدير العام، والرواية تتناول هذه التجربة العادية في إطار صوفي.

لماذا لم يحصل كاتب عربي على جائزة نوبل بعد نجيب محفوظ رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على حصوله عليها؟

- سأعكس السؤال: ولماذا لم يحصل أي كاتب عربي قبل نجيب محفوظ وليس بعده؟ المؤهلون للحصول على جائزة نوبل والمستحقون لها من العرب كثيرون، والكتاب المستحقون لها في أي بلد في العالم كثيرون، على الأقل في البلاد ذات الحضارة العريقة والتاريخ الممتد والآداب المتفردة.

ليس كل من يستحق الجائزة ينالها، ولدينا أدباء يموتون دون أن ينالوا الجائزة؛ لأنها في النهاية جائزة واحدة، تمنح كل عام، في حين أن عدد الكتاب الجيدين كبير، والجائزة لها اعتبارات أخرى، غير الاعتبارات الأدبية، حيث تتدخل السياسة فيها كثيراً، ولا أعتقد أنها بريئة طوال الوقت.

تعيش منذ سنوات بعيدة في الغرب وتتابع المناهج النقدية الغربية الحديثة فهل تتبنى منهجاً ما في دراساتك النقدية؟

- منهجي النقدي تحليلي مقارن ليبرالي إنساني، ولا أستعين كثيراً بالمنهج البنيوي أو الألسني إلا لماماً، لكنني أعتمد على تحليل النصوص ومقارنتها بغيرها، وإحلال النص محله من النوع الأدبي الذي ينتمي إليه.

أنا ناقد كلاسيكي بهذا المعنى، ولا أتبنى النظريات النقدية الأدبية في دراساتي، لكني قد أستعملها من وقت إلى آخر، لكنها ليست في صلب منهجي، ويجب أن تكون الكتابة النقدية شبه أدبية، فهي إبداع مواز، ويجب على الناقد أن تكون كتابته ممتعة للقارئ، ولا بد أن تخلو من المصطلحات الوافدة واللغة المقعرة والرسومات البيانية، ويجب أن ينال النص النقدي شغف القارئ كما لو كان نصاً إبداعياً.

وكيف ترى حال النقد العربي اليوم؟

- لا يوجد لدينا نقد عربي؛ فالنقد العربي ظل معتمداً على النظريات الغربية إلى اليوم، نحن مستوردون للنقد، لكننا مصدرون للإبداع، وللأسف لا يوجد نقد عربي متمتع بالخصوصية العربية المختلفة عن النقد الغربي، وأصبح المناخ الثقافي يخيم عليه الالتباس وخلط الأفكار، والإصرار على سيادة المعيارية الأيديولوجية،حتى صار الاختلاف سريع الاشتعال من أي بادرة تصر على فرض مزاعمها النقدية أو الإبداعية، كما أن النقد العربي لا يستطيع مواكبة الإبداع المتلاحق، في زمن يواجه فيه العالم العربي والإسلامي قضايا مصيرية، تراهن على الدين والبشر والثروات، ومطلوب منا بعث روح المسؤولية النقدية لكي يكون لدينا نقد عربي متميز.

بأي المناهج النقدية نستعين في دراسة النص التقليدي منها أم الحديث؟

- لا خير في الاثنين؛ لأن المنهج التقليدي قد يدفع الناقد إلى اجترار الماضي دون أن تكون لديه رؤية نقدية؛ فالقدامى كانوا معاصرين وحداثيين في عصرهم. أما المناهج أو المدارس النقدية الحديثة فلن تفيد دون أن تمثلها أسسها المعرفية وسياقاتها الثقافية وأصولها، وذلك قبل تطبيقها.

وكيف يمكن الخروج من تلك الأزمة النقدية؟

- استيعاب تجارب النقاد الأوائل أمر مهم، بداية من طه حسين والعقاد وأمين الخولي ومحمد مندور وغيرهم، يجب أن ندرس نتاج هؤلاء ونقومه على نحو نقدي، وأنا أرى أنه لا خلاص من أزمة النقد الأدبي إلا بربطها بالوضع الثقافي العام والحضاري، وأيضاً بترسيخ القواعد المهمة في النهوض، وذلك لا يقوم إلا بإحياء التراث إحياء نقدياً من جهة، والاتصال بالآخر من جهة أخرى.

وأعتقد أن أزمة النقد تعكس أزمات عدة، منها الأزمة الثقافية والحضارية والسياسية والاقتصادية، التي امتدت لتشكل أزمة اجتماعية إنسانية متعددة الجوانب.

ما مدى إقبال البريطانيين على دراسة الأدب العربي؟

- قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 كان عدد الطلاب في قسم اللغة العربية بجامعة اكستر خمسة عشر طالباً، وصل عددهم اليوم إلى نحو أربعين طالباً، فهذا الحادث دفع الغربيين إلى دراسة اللغة العربية والإسلام، كما صدر عدد ضخم من الكتب حول هذا الموضوع، وزاد عدد الطلاب من دارسي الماجستير في الدراسات الشرق أوسطية، وقد ظهرت لديهم النية الصادقة لدراسة المنطقة العربية بشيء من الجدية والإصرار؛ لمعرفة ثقافات العالم العربي والإسلامي من أجل استيعاب الفروق الثقافية وفتح القنوات الخاصة بالتواصل والتفاهم بين العرب والغرب.

تكتب بالعربية والإنجليزية ألا يمثل ذلك ازدواجاً في الهوية؟

- ليس ازدواجية لكنه تنوع، تمليه الضرورة والمعيشة في حضارتين مختلفتين، أنا عربي الهوية وأعيش في إنجلترا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ومن الضروري أن أجيد الإنجليزية، وأكتب بها لكي أستطيع التواصل مع الوسط الثقافي البريطاني.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة