Culture Magazine Thursday  18/03/2010 G Issue 302
فضاءات
الخميس 2 ,ربيع الثاني 1431   العدد  302
 
(انحناءَةٌ).. في بَلاطِ (الكِتَاب)
عمر بن عبد العزيز المحمود

لم يكن بغريبٍ على (الرياض) أن تحتضن هذا العرس الثقافي الذي تَمَثَّلَ (حُضُوراً) و(تألقاً) في (معرض الرياض الدولي للكتاب) الذي تنظمه (وزارة الثقافة والإعلام)، فقد عودتنا (الرياض) على هذا (الكرنفال الحضاري) في كل عام، فأبدعت وأمتعت، وكانت أيامها (العشرة) (جواهر) ثقافية و(لآلئ) حضارية من (عِقْد) عامها الذي اعتاد أن (يَتَحَلَّى) بها ف(تَتَجَلَّى) به في كل سنة جديدة، فمضت تلك الأيامُ عَجْلى تاركةً أثر (التألق الثقافي) و(الجمال الحضاري) لدى (كافة أطياف المجتمع) الذين سيظلون في انتظار هذه (المناسبة الاستثنائية) منذ اليوم الأول لانتهاء المعرض. وتأتي هذه الأسطر لترصد بعض (المشاهدات) الخاصة و(المشاهد) اللافتة، خلال أيام المعرض الفائتة.

(مَشهَدٌ أوَّل): نجحت بامتياز (وزارة الثقافة والإعلام) -كشأنها في كل عام- في إظهار هذا (العرس الثقافي) بأبهى صورة وأجمل حُلَّة، فلم نرَ -وهو الأهم- (احتباساتٍ) أو (تجاوزاتٍ) ولم نلحظ (تشنجاتٍ) أو (تطاولاتٍ) سواءً على المستوى (الفردي) أو على المستوى (الحكومي). وهذا هو المأمول من أمثال هذه (التظاهرات) (الحضارية) و(الفكرية)، بل قبل ذلك (الإنسانية). وما ذلك (التناغم) و(الانسجام) بين كافة (الاتجاهات) و(التيارات الفكرية) بين أطياف (المشهد الثقافي السعودي) الذي يدركه الزائر للمعرض للوهلة الأولى- إلا دليلٌ واضح على درجة (الوعي) و(الانفتاح) التي وصل إليهما المجتمع في وطننا النفيس.

(مَشهَدٌ ثانٍ): تنظيم (اللقاءات) و(الأمسيات الثقافية) الذي تقيمه الوزارة على هامش المعرض أمرٌ يستحق الإشادة، فهذه اللقاءات تسهم في زيادة (توهُّج المعرض) وثراء أيامه القصيرة، وتجعل لياليه تنبض (ثقافةً وفكراً). بيد أن القلم يتوقف هنا ليُسجِّل (مُلاحظةً صغيرة)، وهي أنَّ أغلب (المحاضرات) و(الندوات) التي تُعقد على (هامش المعرض) تجنح إلى (التخصص الدقيق) في الخطاب، وهذا أمرٌ غير مُستحسن في نظري، خُصوصاً إذا علمنا أنَّ هذه (اللقاءات الثقافية) تسعى إلى كسب (جمهور عريض) وتحرص على (اجتذاب) كافة الأطياف والتوجهات. أما (الندوات المتخصصة) و(المحاضرات الأكاديمية) فلها مكانها الآخر من (جامعاتٍ) و(معاهد متخصصة) و(مراكز للبحوث)، لا أمثال هذه المعارض المفتوحة للجميع.

(مَشهَدٌ ثالث): لا أظن أنَّ كاتباً يتحدث عن (معرض الكتاب) ويُغفل (مشكلة الأسعار) التي تكون (حاضرةً) في كل عام، كما لا أظن أن هذه المشكلة ستتلاشى دون (وقفة حازمة جازمة) من (وزارة الثقافة) التي أحسب أنها قادرة على ذلك، فبدلاً من أن يصبح الكتاب (صناعةً) و(ثقافة)، أضحى -مع الأسف الشديد- (تجارةً) و(تكسُّباً)، وهذه (المغالاة في الأسعار) التي تقوم بها (بعض دور النشر) في (وضح النهار) دليلٌ واضح على (غياب الرقيب) و(اختفاء الحسيب)، والعجيب في هذا السياق ما رواه لي أحد المسؤولين عن (معرض القاهرة الدولي للكتاب) من أنَّ إدارة المعرض قامت ب(منع) إحدى دور النشر العربية المعروفة بسبب (تَجاوزه الحدود في الأسعار) و(تكرار مغالاته فيها!)، فهل فكَّرت وزارتنا الحبيبة بمحاكاة هذه التجربة للنظر في نتائجها؟

(مَشهَدٌ رابع): وهو يتصلُ بسابقه ويَمسُّهُ بسبب، وهو ما لاحظته من (استغلالٍ) واضحٍ (للعُمَّال/أصحابِ العرباتِ)، فيُؤجِّرُ عليك أحدُهم العربةَ بسعرٍ مُبالغٍ فيه، وإذا أردتَ الاستعانة به في دفعها فالسعر (يتضاعف!)، وإذا أردتَ منه إنزالها وإركابها في السيارة فلذلك (حِسابٌ آخر!) ولا أعلم إن كانت مثل هذه التصرفات/التجاوزات (نظامية)، أم أنها خبط عشواء في ظل (الغياب التام) للجهة المنسقة لمثل هذه الأمور؟

(مَشهَدٌ خامس): لم تُغيِّر كثيرٌ من دور النشر (طريقة عرضها للكتب)، فهي مبعثرةٌ هنا وهناك دون (ترتيب) أو (تنسيق)، وكان من الأجدى -(تسهيلاً على الزائر وتوفيراً لوقته وجهده)- أن تقوم الدار بوضع (لافتات صغيرة) فوق كلِّ زاويةٍ من زوايا الدار تتضمن اسم (التخصص) الذي تندرج تحته مجموعة الكتب، وهو ما فَعَلَتهُ مشكورةً -والحقُّ يُقال- بعضُ دور النشر التي تُعدُّ على أصابع اليدين، وحبذا لو (كشفت) الدار الناشرة عن (جديدها) في كل عام لكي يتسنى للمرتاد معرفة (إصداراتها الحديثة) أو (طبعاتها الجديدة).

(مَشهَدٌ سادس): (جدولة) برنامج الدخول للزائرين كان (غريباً) بعض الشيء، فلا شك أنَّ تخصيص أيامٍ ثلاثة للرجال فحسب يُسعِدُنا ويُريحنا -نحنُ الرجال- من الازدحام، سواءً على المستوى المروري/(مواقف السيارات)، أو على مستوى (ممرات المعرض)، لكنني أعُدُّ هذا أنانية، فلماذا لا يُخَصَّص أيامٌ للنساء فقط؟ وما ذنبُ المرأةِ المسكينة التي تأتي في أوقات زيارة الرجال -جاهلةً بالجدول- ومن ثم ترجع صفر اليدين، خصوصاً أن بعضهنَّ ربما أتى من مكان بعيد؟

والحلُّ في نظري أحد أمرين: إمَّا أن يُخصَّصَ (أوقاتٌ للرجال) و(أوقاتٌ للنساء) و(أوقاتٌ للجميع)، وبذلك يكونُ الكُلُّ قد نال نصيبه من الحرية في التجوُّل وتَجنُّب الازدحام، وإمَّا أن تكون أيامُ المعرض جَميعُها (للجميع) ما دام أنَّ إدارة المعرض قد وضعت بالفعل (أياماً للجميع).

(مَشهَدٌ سابع): وهو متصل بسابقه، فما دام الحديث عن (الجميع) فمن أجمل المشاهد في المعرض حين ترى (العائلة) بجميع أفرادها تحضر هذه (المناسبة الثقافية) وتتشارك معاً في اقتناء الكتاب ليكون (نقطة وصل) حضارية بين أفرادها، لكن المزعج هنا هو (إهمال) بعض العوائل لأطفالها؛ مما خلق نوعاً من (الفوضى والضوضاء) في ظل غياب الأب والأم، ولا أدلَّ على ذلك من تلك (الإعلانات) التي تصدر من (إدارة المعرض) بين الفينة والأخرى مُعلنةً عن وجود أحد الأطفال لديها، وطالبةً من العائلة القدوم لاستلامه! لذا فالواجب أن يتم التنسيق بين أفراد العائلة منذ الدخول وحتى الانصراف، والحرص على عدم ترك الأطفال يتجولون وحدهم، خصوصاً وأن (إدارة المعرض) قامت مشكورةً بوضع (جناحٍ للطفل) أُعِدَّ خصيصاً لتنمية ثقافته وإبراز مواهبه، فكان من الأجدى لو وَجَّهَت العائلة أطفالها إلى ذلك الجناح الرائع.

(مَشهَدٌ أخير): شُكرٌ خاص ل(وزارة الثقافة والإعلام) على بذلها كل الجهود الممكنة لإنجاح هذه (التظاهرة الثقافية) الرائعة، لتظهر (الرياض) في كلِّ عامٍ مُتلفِّعةً بأثواب (الجمال الفكري) و(التألق الحضاري)، وكُلُّ عَامٍ و(الرياضُ) (كِتَاب).

الرياض omar1401@gmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة