Culture Magazine Thursday  18/03/2010 G Issue 302
تشكيل
الخميس 2 ,ربيع الثاني 1431   العدد  302
 
وميض
ريادة لبنانية
عبدالرحمن السليمان

رواد من نهضة الفن التشكيلي في لبنان-القرم وسرور والصليبي، عنوان كتاب هام صدر للباحثة والناقدة في مجال الفنون التشكيلية د. مهى عزيزة سلطان، والفنانون الثلاثة (داود القرم 1825-1930) و(حبيب سرور 1863-1938) و(خليل الصليبي1870-1928). في الكتاب يتضح الجهد الكبير الذي بذلته الباحثة، فالمادة المصورة والتفصيلات غير مسبوقة في معظم التأليفات العربية التي تتناول تاريخ الفن التشكيلي العربي أو حياة المبدعين، كما وفي الكتابات الخاصة بالفن التشكيلي اللبناني إلا من مراجعات المؤلفة لبعض الكتابات والكتب والمنشورات العديدة التي اتخذتها مرجعية، فقد استغرق العمل قرابة الخمسة أعوام، والكتاب مشروع رسالة دكتوراه أنجزتها الباحثة بجهد كبير وواضح، فصفحاته من القطع الكبير تتجاوز340 صفحة وصوره التوثيقية عديدة.

الدخول في غمار دراسة تاريخ الرسم والتصوير في لبنان عمل شاق ومتعدد المداخل كما تقول المؤلفة، فعكفت على دراسة مؤثرات الفنون العالمية التي دخلت في صميم التكوين الأكاديمي لهؤلاء الرواد والتحولات الأسلوبية التي عاش في خضمهما إنتاجهم الفني، جالت مكتبات باريس ومتاحف دمشق والقاهرة وكنائس الإسكندرية كما اقتفت آثارهم في لبنان لدى أصحاب المجموعات الخاصة فضلاً عن مجموعات الأحفاد والأقارب وأصحاب الغاليريهات ومتذوقي الفن. بحثت في الكنائس والأديرة والمطرانيات والنيابات البطريركية المارونية في بكركي فجمعت لوحات كثيرة مشتتة ليس لها أن تجمع إلا في متحف.

تشير د. مهى سلطان إن همها وما زال إعطاء هذا الجيل ما يستحقه من الاهتمام والدراسة والتقويم حفاظاً على التراث التشكيلي من الضياع والتشتت ولرفع الغبن عما يعانيه من التشويه والتزوير بغية الاتجار من جهة ومن النظرة الدونية التي ما زالت تلاحقه من جهة أخرى.

تذكر عن بدايات الرسم اللبناني إبراهيم سربيه (1850-...) الذي رسم مرفأ بيروت وسجل بعض أحداثه وتسجل من مذكرات وكتابات الفنان اللبناني مصطفى فروخ أسماء أخرى (علي الجمال وحسن التنير وسليم حداد ومحمد سعيد ونجيب البخعازي) وترك بعض هؤلاء لبنان إلى بلدان أخرى.

عندما تكتب عن داود القرم مثلاً فإنها تعود إلى المحيط الذي عاش فيه والإرهاصات التي جعلت منه فناناً هاماً. تشير في الجزء الخاص به إلى فنانين آخرين كان لهم حضورهم، والفنان أظهر موهبة مبكرة فرسم وهو في العاشرة العصافير والزهور والفراشات وفي السادسة عشر رسم واحدة من أروع صور العذراوات التي كان يرسمها، وكان للآباء اليسوعيين الدور في إقناع والديه لدراسة الرسم في روما. وجد القرم في روما نجاحاً كبيراً بعدها انتقل إلى بلجيكا وأصبح مصور الأسرة المالكة في عهد ليوبولد الثاني لينتقل إلى بيروت وتبدأ طلبات التصوير عليه ويسافر إلى فرنسا للمشاركة في معرض باريس الدولي 1900.

يعتبر حبيب سرور المؤسس الفعلي لدعائم النهضة الفنية التي وجدت دعائمها في فن القرم. تتلمذ على يديه أسماء فنية هامة بينهم (مصطفى فروخ وصليبا الدويهي ورشيد وهبي) وآخرون جمع بين الفن الديني والفن المدني درس في روما وذاع صيته محلياً، ورغم إقامته في مصر إلا إنه لم ينقطع عن لبنان والثابت -تؤكد المؤلفة- أنه عاد إلى موطنه بدءاً من 1891

ويعتبر خليل الصليبي صاحب الفضل في ولادة أسلوب جديد في التعبر اللوني مهد للانطباعية أن تتجذر في تاريخ الرسم والتصوير في لبنان، فقيصر الجميل وعمر الانسي تتلمذا على يدي هذا الفنان، وقد شكل ثورة على التقاليد الكلاسيكية، درس في بريطانيا وهو دون العشرين من العمر والتقى فيها بالفنان سنغر سارجنت (1856-1925) فصادقه وتأثر بأفكاره وتعلم منه كيفية تحقيق الشكل بالضربات اللونية، سافر إلى أمريكا وفي باريس التحق بمحترف بيار سيسل بوفي دو شافان والذي قال إن في ريشته لمسة معلمه الكبير اوجين ديلاكروا.

الكتاب واحد من المراجع الفنية والتاريخية الهامة في مسيرة الفن التشكيلي اللبناني واثر فنانيه في التأكيد على العلاقة بالفن في مواطن الفن (روما وباريس ولندن) وغيرهما وهو يثبت مرحلة تأسيسية عريقة بأسمائها وتراثها وطبيعتها ورجالاتها (الدينية والسياسية والاجتماعية) وهو اشتغال كبير على المراحل والمتغيرات ودراسة أعمال هؤلاء الفنانين بالصور المرفقة التي كانت متعة تاريخية وجمالية بصرية.

استعيد مع هذا الجهد الكبير للباحثة الدكتورة مهى سلطان الاهتمام بالكتاب الفني في البلدان العربية عامة ودور المؤسسة في رعايته وتبني طباعته فرواد من نهضة الفن التشكيلي في لبنان من إصدار جامعة الروح القدس-الكثليك بلبنان.

الدمام aalsoliman@hotmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة