Culture Magazine Thursday  21/01/2010 G Issue 295
الثالثة
الخميس 6 ,صفر 1431   العدد  295
 
إمضاء
الوسطي
عبدالوهاب أبو سليمان

ربما كان شكله أول ما يلفت النظر إليه؛ فهيئته في «الهيئة» غير نمطية، وكان مبعث تساؤل كبير؛ فكيف يجاورهم وهو مخالف لصورتهم؟ ويطمئن من يجيب إلى أن خلافات «السطح» بين العامة لا تجد لدى «الكبار» مساحة؛ فهم عاكفون على قضايا تمس الأمة بكل مكوناتها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليفكروا ويبحثوا ويتدبروا ويقرروا، ولعله من أوائل من عني بفقه النوازل ومستجدات العصر.

لم يفترق في هذه وحدها؛ فهو في هيئة كبار العلماء منذ عام 1413هـ، ولعله الوحيد الذي يحمل شهادات عليا من «الجامعة الأميركية ببيروت وكلية لندن للدراسات القانونية وجامعة لندن «، وهو من حاضر في جامعات «هارفارد» و»نورث كارولينا» في الولايات المتحدة وجامعة» مفيد بقم الإيرانية» ، وظل -رغم اغترابه التكويني العلمي والعملي - مؤثرا على الاتجاهات «الدينية» المتصادمة؛ فظل مقبولا من المحافظين والمتشددين، ومن السلفيين والحركيين، ومن المجددين والمجترين، وأصبح اسم الأستاذ الشيخ الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان (1356هـ) رمزا لسماحة العالم وسعة أفقه وتمسكه بمنهجية البحث ومشروعية الاختلاف وهدوء المساجلة مع لين جانب وتواضع شخص وأدب نفس ودرس.

ولو شاء منصف أن يتخذ نموذجاً على الوسطية فإن أبا سليمان مثال نادر لها، وحين احتدم الخلاف بين التيارات بل تجاوزه إلى الصدام بقي شيخنا بمنأى عن العراك المؤدلج غير عابئ بالغبار المثار، واثقاً أن الإسلام لا يختطف من أعدائه بله من أبنائه، وأن الزوابع تمر ولا تستقر،؛ فلا ينجر إليها متعلم فضلا عن عالم.

كرم عالمنا الموسوعي الكبير كثيرا، ونال جوائز كثيرة، مثلما أصدر عددا من المؤلفات منها: (ترتيب موضوعات الفقه ومناسباته في المذاهب الأربعة، الفقه الإسلامي: مشكلاته ووسائل تطوره، دور العقل في الفقه الإسلامي، الفكر الأصولي: دراسة تحليلية نقدية، فقه الضرورة وتطبيقاته المعاصرة،عقد الإجارة: مصدر من مصادر التمويل الإسلامي، الحرم الشريف: الجامع والجامعة، الحرمان الشريفان وجامع الزيتونة،باب السلام: عنوان أمة ورمز حضارة، مكتبة مكة المكرمة، العلماء والأدباء والوراقون في الحجاز في القرن الرابع عشر الهجري) وغيرها من بحوث حول رحلات علماء مكة العالمية في القرن الرابع عشر، وعلماء وأعيان من مكة،والإفتاء والمفتين في مكة والمدينة، وفهرسة مخطوطات مكتبة مكة المكرمة وسواها.

يحق لنا أن نفاخر بهذا الرمز الوسطي المضيء، ونقدمه عنوانا لنا بعدما شاب صورتنا ما شابها من إعتام، ونتطلع إلى غد يئد التشدد والتردد؛ فلا يبقى مكان لتنطع ولا لتيه، ولا تفرقنا محافل أو جحافل، ولا تترك القضايا الخلافية ليفتي فيها من يعرف ومن يهرف، وربما قاد العامي شيخه بدلا من أن يأتم به.

لعالمنا إسهاماته الكبيرة في الشأن الإسلامي، وعضوياته في منتدياته وجوائزه ومجالسه ومنظماته، ولرأيه قيمة كبيرة كما لكل من يدفعه الحق وتسنده الحقيقة، أمد الله في عمره وبارك في عمله

العلم أفق .


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة