Culture Magazine Thursday  22/04/2010 G Issue 307
فضاءات
الخميس 8 ,جمادى الاولى 1431   العدد  307
 
معجم موازين اللغة
هل تضمر أنّ.. ومتى؟
صالح اللحيدان

في حالات كثيرة ترد إليّ أسئلة عن بعض ما يوجب المقام الاستقصاء حوله بعد إجابة تغني وتفيد.

وها هو أخونا البحاثة (د. محمد مصطفى نمنكاني العائذي).. والنمنكاني.. غنيٌّ عن الإشادة به بحثاً ورواية ودراية، يسأل تحبباً فهو يقول: تناطح في خاطري أن: إنّ هل تضمر: جوازاً أو تُضمر وجوباً..؟

هذا شيخنا ما استحسنه إجابة منكم لسعة صدركم ولحاجة لغوية أسير عليها في (نظر الكتاب لسيبويه) أيدكم الله.

ومع تقديري لأخينا فإنني أدون هنا الإجابة عما يخص (الوجوب) إذ ذلك ما يحوم حوله الجدل، وجلبي لهذه الإجابة هو ما أذهب إليه على أنني لا أحتجر وأتحجر واسعاً في هذا الباب.

وفي هذا الصدد فإن المقصود بأنَّ هي أنَّ الناصبة إذ لا يرد سواها في حال كهذه، وتبين لي أن (أنَّ) تُضمر وجوباً في حالاتٍ منها:

أ- إذا وقعت بعد أو العاطفة دون غيرها كقول القائل:

(لأذكرنّك أو تعتذر)

ويلزم من هذا أن تكون بمعنى (حتى) والمراد: حتى تعتذر.

ب- إذا وقعت بعد اللام التي للجحود ولا بد في هذا أن تسبقها:

(كان أو يكون) ولا أعلم غيرهما وذلك كما في الذكر الحكيم {لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} والشواهد في هذا متوافرة ولا جرم.

لكن يلاحظ.. ولا بد .. أن يكون سبق كان أو يكون منفيين بما أو بلم خلافاً لمن ذهب إلى غير ذلك إذ لا تتم الحال إلا على هذا.

ج- إذا وقعت (أنَّ) بعد: فاء السببية لكن ليس ذلك على وجه مطلق بل تلك إلغاء الخاصة لإجابة نفي محض كقول الحكمة:

(بعضُنا يتصدر فيقعُ في الذَّمِ).

د- إذا وقعت (أنَّ) بعد حتى ولا بد أن يكون الفعل الذي يليها مستقبلاً حتى يُضمر أمرها (وجوباً) وذلك مثل (كن حسن الأخلاق حتى تُفلح).

والإضمار مما حفلت به اللغة على مدار القرون، وذلك دال حقيقة على فخامة اللغة وأنها علم بقدر أنه موهبة فهو علم بحاجة إلى سعة المدارك وربط التأني وحسن الأداء ورحابة البال على سبيل يتضلع معه العقل وتتسع معه آفاق الروح صُعداً. وباب أن المضمرة وجوباً واسع جداً لكن هذا ما بان لي في (حال سفر شاق كتبته على عجل) لعله يوفي مراد أستاذنا وكل ذي خلق كريم، يستشف من ذلك الأعذار لمثلي إن بدا تقصر ليس بذي قصد ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.

وفي (آيات النزل الحكيم) و(آثار النبوة الصحيحة) هي كثيرة الشواهد على الإضمار إلا أن مثل (أن المضمرة وجوباً) تحتاج إلى تذوق عالٍ مكينٍ يرادفه طول نفس وإلا فخذ مثلاً قول أحكم الحاكمين {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}.

كيف يُفهم هنا أن (أنَّ) مضمرة ولا بيان يدل على هذا إلا موهبة الاستنطاق وتذوق اللغة ودلالة الحروف على مُراد المعاني، ثم بعد هذا كيف يتبين أي نوع الإضمار هو..؟

لا جدل أن اللغة أرضٌ تحتاج إلى يسير عليها أن يُدرك أطرافها السهل منها والوعر والمرتفع منها والمنخفض، ومن المعلوم جزماً أن اللغة لا يصلح العلم إلا بها، ولهذا قال جل ثناؤه {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} وهذا الكلام يعني العموم على أنني سوف أوفي الغرض حقه في بابه من (المعجم) وذلك جميع ما يدور حول: (أنّ) لأهميتها في دلالتها ومواضعها.

والله سبحانه المستعان على كل حال.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة