Culture Magazine Thursday  28/10/2010 G Issue 321
الثالثة
الخميس 20 ,ذو القعدة 1431   العدد  321
 
كي لا تشيخ ذاكرة الإذاعة
المنصور: لن أنشر مذكراتي وأخشى على مكتبة التسجيلات

عاش في الإذاعة عمره مذ كان طالبًا، وظل فيها حتى تقاعده وكيلاً لوزارة الإعلام لشؤونها، لكنه يؤثر الصمت حتى نظن أنه لن يقول؛ فإذا حكى تدفق ببيان ومعلومات ورؤى مطمئنًا إلى أنه يحادث أصدقاء لا إعلاميين؛ فقد عاش في الضوء وعزف عنه، وامتازت مرحلته الإدارية الأطول والأخصب بالهدوء والدقة والتجديد غيرَ معني بأن يعرفه الناس أو يتلمع عبر جهازه المنتشر والأجهزة الإعلامية الشقيقة من صحافةٍ وتلفاز.

هكذا هو (أبو عثمان) لم يتغير على الكرسي ودونه؛ فلديه مخزون هائل من الذكريات لكنه لا يرى جدوى كتابتها فضلاً عن نشرها؛ فالجيل الجديد غير مهتم، والجيل السابق آخذ في التواري، ولن يقول كلَّ ما يعلم رغم علمه بما قيل ويقال.

الأستاذ محمد بن عثمان المنصور التحق بالإذاعة مبكرًا حين كان طالبًا في كلية اللغة العربية؛ مجايلاً بتزامنٍ وفوارق يسيرة الرعيل الأول من الإذاعيين أمثال: محمد الشعلان وعبد الرحمن الشبيلي وعلي النجعي وراشد الدريهم وعبد الرحمن الزامل وفهد الهاجري وخميس سويدان وخالد بوتاري وزهير الأيوبي وماجد (محمد العبد الله) الشبل، ومكونًا فرق عمل مهنية متميزة مع أجيال متعاقبة ٍ ظل فيها الرقم شبه الثابت؛ فكان عبد المحسن الخلف وعايض الردادي وصالح السويدان وغالب كامل وإبراهيم الصقعوب وتركي التركي وإبراهيم الذهبي وحسن التركي وحمد الصبي وعبد الرحمن المقرن وآخرون أيديَه الإدارية التي كانت تصل ليلها بنهارها لتقدم برامج متفوقة حازت فيها الإذاعة السعودية قصب السبق في المحافل الإعلامية.

أبو عثمان ما يزال مسكونًا بهاجس مكتبة التسجيلات التي يخشى عليها من الزمن مع أنه عمل لها تنظيما يمنعُ مسح أي شريط إلا بموافقة لجنة من مسؤولي الإذاعة واعتماد مديرها العام، كما اقترح تحويل الأشرطة القديمة والمتقادمة لوسائط تقنية تحول دون رداءتها وزوال المادة المسجلة عليها، ويسعد بمركز المعلومات الذي أنشأه في الإذاعة ويتمنى أن تزداد العناية بمراكز المعلومات في أجهزتنا الإعلامية، كما أنه سعيد بمكتبة الأصول التي كان حريصًا على إبعادها عن احتمالات التقصير والإهمال والنسيان.

الأستاذ المنصور يستعيد - باعتزاز - ذكرياته داخل الإذاعة، وعمله مع وزراء الإعلام المتعاقبين، وزملائه المتميزين، ولو دون ما كان شاهدَ حقٍ عليه لتوفرت مذكرات نادرة سيسجلها تاريخ الإعلام والإدارة، وليته يفعل مثلما يفعل الدكتوران عبد الرحمن الشبيلي وبدر كريم لتكتمل صور ودوائر، ويجاب عن استفهامات، وتترجم إيماءات وإشارات.

لو كتب أبو عثمان مذكراته لعرفنا كيف تحصل للإذاعة على تسجيلات نادرة للعقاد وطه حسين وغيرهما، وحكاية الدكتور محمد عبده يماني مع المراسل الذي صار صديقًا له وكاد يفصل مع غيره، وكيف تقابل يماني مع المخرج الإذاعي كمال سرحان وقصة رفض تحويل عمله القصصي لمسلسل إذاعي، وكيف يهجس «زكريا شمس الدين» بالإخراج حتى يمضي يومه وليله في التدقيق والتوثيق والشكل والمونتاج، وماذا قال له الدكتور غازي القصيبي في لندن حين طلب منه تسجيل حلقات لبرنامج (أوراق شاعر)، وكيف هي تجربته في إدارة الأزمات خلال الأحداث المهمة التي مرت بها المملكة والأمة العربية، وماذا عن فترته القصيرة في وكالة الأنباء السعودية، و»أشياء وأشياء» - كما اسم برنامج الإذاعي المتواري الأستاذ صالح السويدان - ما يجعل أبا عثمان مطالَبًا بكتابة تاريخ حافل ممتد.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة