Culture Magazine Thursday  09/06/2011 G Issue 345
فضاءات
الخميس 8 ,رجب 1432   العدد  345
 
معجم موازين اللغة
نقد توجهات المؤلفين وخطورة العجلة
د. صالح اللحيدان
-

أزعم أنه لا جرم أن الحديث بعد الكتاب المنزل أصل سلامة اللغة من عوارض الانحلال ودخول الدواخل ولازم غبش القول الذي ينطق به السارح والبارح والماشي والقائم والقاعد.

ولستُ بزاعم على حال لا أكون فيها بين مدرجين، مدرج حاطب ليل، ومدرج هائم لا يلوي على شيء، وإنما هذا وذاك كلاهما على صفة لا تقوم إلا لتقعد، فخذ مثلاً على حال قومي في جل ما يكتبونه مثلاً ينبي على أن الله - جل وعلا - يحفظ ما تنزل به الكتاب الكريم، يحفظ اللغة من العور والزلل ومصاد الخلل. والكلام اليوم ليس دليلاً على انحلال اللغة وتردي النحو ونسيان البلاغة.

بين يدي الآن ثلاثة كتب مهمة في بابها يعرف أصحابها، وبيني وبينهم مثل ما بين نديم على خير ونديم وثالث ورابع.

سوف أورد أمثلة تحكي وضع اللغة على نهار باسط شمسه أن الحال تدعو للرثاء، وتدعو من طرف ثان إلى ضرورة (تنبه المسؤولين والعلماء والقضاة ومجامع اللغة) لحال العلم والفقه والنص ولغته والأدب ولغته والفتيا ولغتها والتحقيق ولغته.. إلخ.

جاء من مثال واحد من كتاب واحد (ومن بليغ القول أن العلم فيه إشاعة للناس كافة من بلدان العالم).

يريد: (أن العلم مشاع).

ويريد: (في بلدان العالم).

وورد: (واللغة واسعة وإن دخلتها بعض اللهجات غير الصحيحة فإن القارئ الملم يلم بهذا، وهذا لا يضر اللغة).

أرأيتم إذاً كيف؟

هل أن اللهجة فضلاً عن اللهجات غير الصحيحة لا تضر اللغة..؟! نعم لا يضرها؛ فاللغة شامخة عالية، لكن ينشأ جيل وجيل وثالث على مسلك هش من لهجات سقيمة لا تودي باللغة لكن تودي بعقل الجيل الذي ينشأ على لهجات يفقد بها أصالته، وعلمه، وروحه، وضبط آثاره، وهذا حقيق بمذهب جديد من المؤلفين والمحققين والباحثين، حقيق أن تكون اللغة كما يكون النحو مطية سهلة لكل أحد على توالي السنين؛ ما يشكل خطراً على العقل ويشكل خطراً على القيم والأخلاق في آن.

وورد كذلك مثال نورده بتمامه جاء هناك:

(لا حاجة للإعراب أثناء سرد النص؛ فهذا يعيق ذوق القارئ المتطلع إلى الفائدة.. إلخ).

هكذا يكتب.. اليوم.. المهم.. ذوق القارئ حتى وإن ذهبت قواعد اللغة وأصول النحو ومسالك البلاغة في مهب الريح، إذاً هكذا نجر القارئ رحمة به وبقلبه وعاطفته لا عقله، نجره إلى الردى.. رويداً رويداً.. والمؤلف العزيز الحريص على القارئ مثله مثل طبيب عام يعالج مريضاً بداء الكبد المزمن فلعله يصرف له علاجاً مسكناً بدلاً من الدواء الشافي بإذن الله تعالى، وإذا بداء الكبد يزداد ثم هو يموت بعلاج طبيب عام مسكين أراد أن يعرب فأعجم.

ومثال نورده من كتاب ثان من رواية محلية معروفة.

جاء في الفصل الأول:

(يا واد خل عنك الشعل هادا أنت لسه زعلول.. كه.. كه.. كه..).

وورد:

(هي بعديها ما قامت من الصخوية، ليه كدا بس..)؟

رواية متداولة بلهجة متداولة.. مع أنه افتتحها بمقدمة جيدة عالية المفردات (لغة.. ونحواً).

فماذا تظن يشفع له عند العقلاء؟ ويشفع له بعد حين من الدهر عند التاريخ.. وأمامه..؟

لن يشفع له شافع أو يبرره مبرر أو يعلل مسعاه معلل ولو جهد نفسه أن يكون هذا.. وذاك.

وورد في مثال ثالث من الكتاب الثالث ما يلي:

(وصاحبنا يكتب في غير فنه وألفاظه ركيكة ونخاف على القراء ما يكتب، وورد من أثر ينهى عن ذلك وهو: وإذا أمنته خان)؟

وجاء في ذلك السفر ما يلي: (على أن العلم نور وسرور في النفس بدليل الإيمان ما وقر في النفس وصدقته الجوارح)، وورد: (ومهمة العالم والقاضي هو أن يحكم ولو كان الحس لغيره هو الدليل.. إلخ).

أولاً قوله: (وصاحبنا يكتب في غير فنه.. إلخ).

هذا جرح لذات الشخص، وقدح فيه لا في ذات المطروح. وقوله: (ونخاف على القراء..) هذه وصاية وتعالم ومرض خطير شبه شائع لا محل له من الإعراب.

وقوله: (وإذا أمنته خان).

هذا ليس حديثاً أبداً؛ فهذا تطاول، والحديث كما جاء في الصحيح (وإذا ائتُمن خان).

وقوله: (الإيمان ما وقر في النفس.. الخ) ليس بحديث.

وقوله: (ولو كان الحسن لغيره هو الدليل) هذه جهالة بالعلم مطبقة فالحديث الحسن لغيره (ضعيف) ولا يستشهد به خاصة في سياسة الأحكام والحكم القضائي سواء في الفروع أو في الأصول.

ولم أقف على أحد قال بالأخذ بالحسن لغيره لإثبات حكم ما أو عبادة أو معاملة.

تدعو الحال إلى ضرورة مهمة لتدارك العلم بتدارك صحة الآثار وسلامة اللغة والنحو وتتبع الهفوات من خلال الشعور بالمسؤولية من كل جانب؛ عسى أن يسهم هذا بتصحيح المسار ولو طال المطال.

بريد الخميس

الأخت هيفا أ. م - جامعة الملك سعود - الرياض. نعتذر عن سقط حصل سهواً في العدد 341 من يوم الخميس 9-6-1432هـ.

1 - كما نعتذر للأخ د. مصطفى بن سلامة العيدي المري.

2- والأخ محمد بن سلامة العيدي المري.

3 - والأخ صالح بن سلامة العيدي المري - الأردن.

نعتذر لكم جميعاً لأن مسألة المواريث وتوزيع التركات ليس هنا مكانها، لكن تصلكم إجابة مفصلة حول هذا.

أما هيفاء فالإجابة كما يأتي:

حديث: (إياكم وخضراء الدمن..)، الحديث ضعيف بعلة السند، ولا ينظر إلى المتن يا أخت (هيفاء) حتى وإن كان معناه جيداً ما دام السند واهياً.

) إبراهيم. ع. ع - المذنب

كلا، فإن العرف لا يكون دليلاً حكيماً؛ فآمل قراءة:

1- إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية.

2- الموافقات للشاطبي.

-

+ الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة