Culture Magazine Thursday  10/03/2011 G Issue 334
أقواس
الخميس 5 ,ربيع الآخر 1432   العدد  334
 
بحثاً عن دور الترجمة في مشهدنا الثقافي

الثقافية - فاطمة الرومي

قرأنا لأرنست همنجواي، فيكتور هوجو، إيزابيل الليندي، ميلان كونديرا، وغيرهم ولم يكن ذلك ليتاح لنا لو لم تتم ترجمة تلك الأعمال الأدبية إلى لغتنا العربية، لكن دور الترجمة ظل ضعيفاً إن لم يكن مفقوداً في مشهدنا الثقافي.. فما الذي يمنع أن نمد جسور التواصل مع الآخر من خلال تصدير إبداعاتنا وثقافتنا إليه وذلك طبعاً من خلال ترجمة تلك الإبداعات إلى لغات أخرى؟ وذلك من خلال إنشاء مركز للترجمة بحيث تتم من خلاله ترجمة الإبداعات السعودية بكافة أشكالها، وما هي الآلية الأنسب لتنفيذ هذا المشروع؟ وهل ثمة معوقات ستواجه هذا المشروع الوطني برأيك؟

(الثقافية) طرحت هذا المحور للنقاش فكان أن خرجنا بهذه الآراء:

بدءاً تحدثت الدكتورة ثريا العريض بقولها:

الترجمة ليست عملاً سهلاً ولا يكفي للقيام بها القدرة على فهم اللغة مسموعة أو مقروءة. بل هي عمل احترافي وتتطلب إتقاناً تاماً للغتين بكل تفاصيل وخصوصية التعبير في كليهما المترجم منها والمترجم إليها.

الذي أعرفه أن هناك مشروعاً قائماً لترجمة إبداعات المبدعين السعوديين إلى اللغات المختلفة وقد اتصل بي مبعوث لهم رسمياً ليطلب بعض نصوصي وقصائدي كما سألني أن أرشح مترجمين إن كنت أعرف من يعملون في الترجمة محلياً وعربياً. وقد فعلت ذلك، لا أعتقد أن هناك ما يمنع من تأسيس مراكز للترجمة وليس مركزاً واحداً فقط وبصورة متكاملة لكل فنون الأدب وقد فعلت ذلك بعض جاراتنا الخليجيات وأنجزوا خطوات مهمة. الأهم طبعاً أن يكون من يعهد إليه بالترجمة كفؤاً ومن يقوم بدور الإشراف على المترجمين والنتاج النهائي بعد الترجمة مؤهلاً للقيام بدوره الإشرافي.

لا نريد ترجمة حرفية مثل التي أنشأها جوجل أو غيره من محركات البحث والتي تنتج ترجمات لا تمت إلى الأصل بصلة لأنها تترجم حرفياً كلمة بكلمة وقد مر علي مترجمون ينتجون بنفس الطريقة البدائية القاتلة للنصوص الأصلية. المطلوب هو ترجمة مبدعة في حد ذاتها توازي بلاغة وتميز العمل الأصلي.

القاص والناقد ناصر الجاسم كانت له هذه المداخلة:

الترجمة فعل التغيير وفعل الاكتشاف وفعل المعرفة، إنه فعل يعجل بالتحضر، ويقود إلى الرقي وإلى فهم الآخر فهماً جيداً سواءً كان صديقاً أو عدواً، وفي رأيي أن ترجمة الأدب كله خير وجمال ولا شر فيها، وما زلت أحلم بأن أقرأ شعر شعراء العالم كله وأن أقرأ نثر الناثرين في العالم كله، ولدي رغبة حادة في الاطلاع على أدب الجن، فمن طبع الأديب أنه شواق وتواق لسبر أعماق الأديب الآخر ولمنافسته ومحاكاته ولن يتأتى ذلك إلا بالترجمة، وعن إنشاء مركز للترجمة سيهبنا الكثير من الراحة والارتياح لتطوير فعل التلقي عندنا ولتكوين مكتبات خاصة بآداب وعلوم ومعارف الأمم الأخرى وسيعرفنا أكثر بمبدعيهم وسيجعلنا نعرف أين موقعنا على خارطة الإبداع الإنساني، وسيرمي بأدبنا في أحضان القراء من الثقافات الأخرى، ولا أظن أنه يوجد ثمّة معوّقات تعوق تنفيذ هذا الحلم.

الناقد علي فايع الألمعي قال:

هذا المشروع يحتاج إلى جهود كبيرة من قبل المترجمين والمتعاطفين مع الإبداع السعودي، كلّ الترجمات التي سبق أن ذكرتها قام بها أشخاص معجبون بإبداع الكاتب ومن ثمّ حولوا هذا الإعجاب إلى عمل مقروء بلغة أخرى. ما ينقصنا بالفعل هو تحويل هذا الإبداع السعودي المكتوب باللغة العربية إلى ترجمة وهذا يحتاج إلى معجبين! وأعتقد أنّه ينقصنا المعجب الفاعل! لو كان الأمر يقتصر على رأيي لقلت على بركة الله! لكنّ الأمر معقّد للغاية، نحن لدينا مشكلات كثيرة مع الأدب السعودي، الأدب السعودي لم يصل إلينا في الداخل بشكل يجعلنا نتسابق على تقديمه أو تصديره للخارج! أدبنا السعودي ما زال يعيش أزمة في الداخل، وحين نتجاوز به هذه الأزمة نستطيع التفكير الجدّي في تصديره للخارج ويضيف: أنا أؤمن بأنّ سرعة الانتشار في الداخل السعودي والخارج العربي تجعل إمكانيّة الانتشار في الخارج بلغة أخرى سهلاً وميسراً.

فأهمّ معضلة وأكبرها في نظري هي الأزمة التي يعيشها الأدب السعودي في الداخل، نحن لا ننكر أنّ هناك جهوداً فردية في شأن الترجمة، لكنها جهود محدودة، والسبب أنّ هناك من المبدعين من ينظر للخارج قبل أن ينظر للداخل، وهذا كما أراه خطأ كبير، وقفز على الواقع، وبحث عن انتشار فقط، نحن لا نبحث لأدبنا عن انتشار فقط قدر بحثنا له عن قاعدة متينة تحمله إلى أماكن بعيدة يكون فيها صاحب استحقاق. نحن لا ننكر أنّ لدينا مبدعين ولدينا أدب جيد، لكننا نحتاج إلى تسويق داخلي، يكفي أنّ مقرراتنا المدرسية لا تعترف بجلّ أدبائنا ومبدعينا! حين نتجاوز هذه المعضلة ستكون الترجمة حاضرة، وسيكون المعجبون بأدبنا كثيرون، وسيكون إبداعنا منتشراً بأكثر من لغة في الخارج.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة