Culture Magazine Thursday  13/10/2011 G Issue 350
فضاءات
الخميس 15 ,ذو القعدة 1432   العدد  350
 
ملتقى المثقفين الثالث في ظل «أزمة إسقاط النظام الثقافي» هل يجوز ثقافيا؟
سهام القحطاني

كل يوم تزداد قناعتي بأن وزارة الثقافة والإعلام تسير بلا خارطة طريق وهو ما يرفع احتمالات سقوطها في الحفر المفتوحة، وملتقى المثقفين السعوديين الثالث هو إحدى تلك الحفر.! أو هكذا أعتقد.

بل لا أتجاوز سقف الوصف المعقول إن قلت أنه -أقصد الملتقى-» يخالف الشريعة الثقافية» في البلد؛ أو لا يستند على استحقاق قانوني للتمثيل، وبالتالي فما بُني على باطل فهو باطل.

ما أقصده بالعبارة السابقة وضحت مجمله في مقالتي «فلول النظام الثقافي» وهنا سأقتصر على علاقة فكرة « إسقاط النظام الثقافي» بشرعية ملتقى المثقفين السعوديين الثالث.

قلت سابقا إن الانتخابات الأدبية «أسقطت رسميا» النظام الثقافي» مقابل إقامة «النظام الأدبي» على اعتبار أن الأندية الأدبية من حق الأدباء على مستوى «السلطة التشريعية»، وبالتالي أخرجت النظام الثقافي ومن ينتمي إليه من أي «تمثيل تشريعي واستحقاق قانوني» كما سحبت منه التفويض الرسمي «كسلطة تشريعية».

فكيف اليوم «يُمثّل» عبر ملتقى المثقفين لفئة لا تملك « صفة تشريعية واستحقاقية قانونية».؟!

بل هو يعتمد على «الاحتيال الرمزي» للصفة الشمولية للثقافة، وبالتالي فمن يملك فرصة الحضور لا يملك بالاستتباع حق الإنابة، هذه القاعدة التي لا يريد الملتقى أن يستوعبها.

بما يعني أن «إسقاط النظام الثقافي» يُنتج بالضرورة «موت المثقف» على مستوى السلطة التشريعية، أو قل «تغيّب المثقف»، وفي كلا المصطلحين الحاصل واحد هو فقدان المثقف الوجود الرسمي لكينونته كسلطة تشريعية «تؤثر وتحكم».

أولا على اعتبار ثابت بأنه يؤثر ويحكم، وثانيا على مستوى الكينونة الفئوية التي يتطور دورها وفق سلم الحقوق والواجبات.

فالتمثيل لا يجوز إلا للحاضر أو من يملك كينونة اعتبارية مشرِعة ومشرَعة وصفة فئوية مستقلة وفق استحقاق رسمي.

ولا يجوز التمثيل عن غائب» والغائبية أقصد بها فقدان الذات الاستحقاق اللازم الذي يبني هويتها وفق ثلاثة مستويات؛ الصلاحية والفئوية والإرادية».

كما لا يجوز التمثيل عن من لا يملك كينونة اعتبارية مشرِعة ومشرَعة أو عن من لا يُكوّن منظومة فئوية مستقلة وفق استحقاق رسمي.

كما لا يجوز التمثيل عن «صفة» أو « قيمة» أو «فئوية» تخضع لاختلاف مفهومي أو جدل تشكّليّ؛ لأن التمثيل للقيمة أو الفئوية يستمد شرعيته من «وضوح مفهوم القيمة أو الفئوية وتأكيدها» و « ثبات معايير ضبط سلمها الحقوقيّ» و «نفعية وظيفتها مع ما يحقق مستوى التكامل مع الجمع».

وأي غموض يعتري ذلك الوضوح أو شك يعّرض سلامة ذلك التأكيد ينقض جواز الشرعية، كما أن غياب معايير صناعة السلم الحقوقي ينقض جواز الشرعية لأن فيه اختلاط لأنساب القيم مما يُفسد توزيع المسئوليات وتنفيذها.

كما ينقض جواز الشرعية تبادل أدوار المنفعة لأن فيها مفسدة لاستقلالية القيمة أو الفئوية.

وبناء على ما سبق من توضيح ممكنات ما يجوز وما لا يجوز وحسبما أعتقد، فملتقى المثقفين «لا يجوز ثقافيا» لأنه يمثل «فئة فاقدة للأهلية» ،وأي حكم يستند على ذات غير معروفة حكم باطل، ولذلك أعتقد أن ملتقى المثقفين خارج إطار نظام ثقافي غير رسمي هو باطل باعتبار ما بُني على باطل فهو باطل، هذا على مستوى الحكم.

وما يستتبع مسألة « باطلان و عدم جواز الشرعية الثقافية للملتقى» باطلان كل تصرف أو حاصل أو فائدة تنتج بناء على ذلك الملتقى، لأنه مبني على أساس غير صحيح ولا أريد أن أقول إنه أساس فاسد.

على اعتبار كيف يحق للجنة منظمة طرح «إشكاليات نظام» « ساقط» بصورة رسمية،؟ وكيف تنوب عن مجهول لا يملك أي استحقاق قانوني؟!.

وقد يقول قائل إن هذا الاعتقاد مردود بموجب أمرين: الأول شمولية المصطلح الذي تنبني عليه قاعدة «الجزء يعبر عن الكل» وبالتالي فالجزء يمثل» فرض كفاية» ينوب عن الكل.

والأمر الثاني العرفية المتبعة سواء على مستوى المفهوم أو التمثيل. وهذان الأمران بدورهما يحققان سقف كفاية «الشرعية الثقافية» للملتقى.

وهذا القول بدوره وفق ما أعتقد غير صحيح؛ لأنه يخلط بين المفهوم والخاصية، فالشمولية خاصية الثقافة وليس معناها، وما ينبني وفق الخاصية هو وظيفة وليس مفهوما، والإشكالية الإجرائية عادة تتبع «أزمة المفهوم» لا «أزمة التنفيذ» كأولوية.

وقولي هنا يتجاوز ما تعودنا عليه من «تعادل بين المفهوم والوظيفة» وبالتالي توحيد «أسباب الأزمة» بينهما.

إضافة إلى أن «عرّفنّة» المفهوم لتجوّيز التمثيل الأقليّ وتغيّب التمثيل النسبي هي «خيانة فكرية للمصطلح» ودعمّ للإقصائية وتتدخل في استقلالية المؤسسة الثقافية أو في استقلالية ما يُمكن أن يُشرع لكينونة المؤسسة الثقافية.

ومن المفارقات الغريبة أن ضمن قضايا الملتقى قضية بعنوان «المراكز الثقافية»؛ فالمراكز الثقافية تحولت من «أزمة تشريعية لكينونة نظام مستقل» إلى قضية ثقافية، بفضل الملتقى لتصبح «رسمّنة وجوده» وما يستتبعه من إعادة إحياء النظام الثقافي ضمن «جملة من التوصيات، يعرف الجميع أنها لا تُلزّم القرار الرسميّ.

إضافة إلى كيف يكون الملتقى ممثلا للمثقفين أو جزء منهم في غياب «مؤسسة تشريعية رسمية تمثلهم»، بل ومطروحة ضمن القضايا الثقافية.!

أليس هذا ما يؤكد بطلان الملتقى وعدم جوازه ثقافيا؟

ولذا فأنا أطالب كل المثقفين أو على الأقل كل مثقف معترض على إسقاط وزارة الثقافة والإعلام للنظام الثقافي بمقاطعة الملتقى لعدم شرعيته الثقافية، حتى قيام المراكز الثقافية الممثل التشريعي الرسمي للنظام الثقافي وتفعيلها. وحينها يمكن القول في ظل وجود رسمي وتشريعي للمراكز الثقافية وتفعيلها من خلال نظام ثقافي مستقل «بجواز الشرعية الثقافية « للملتقى الثقافي.

وقبل أن يتحقق الوجود الرسمي التشريعي للنظام الثقافي، فكل ملتقى يسمى «بملتقى المثقفين السعوديين» لا يجوز ثقافيا، « والله أعلم».

-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة