Culture Magazine Thursday  15/12/2011 G Issue 356
فضاءات
الخميس 20 ,محرم 1433   العدد  356
 
تحولات امرأة نهرية
الجنوسة والمرأة
ليلى إبراهيم الأحيدب

هناك فكرتان تصوغان علاقتي بهذا الكون رجالا ونساء:

فكرة الشراكة لا الهيمنة والسيطرة

وفكرة الكفاءة لا الجنوسة والتمييز

متى ما شعرت أن هناك انحيازا نحو فكرة الهيمنة والسيطرة وقفت بقوة وناضلت انتصارا لفكرتي في الشراكة القائمة على الخيارات لا الإملاءات، دون أن أحول انتصاري لهذه الفكرة إلى بوق كبير ولا سعيي نحو تحقيق هذه الشراكة إلى سيرك فوضوي، بل بالعمل الجاد وتقديم منجز يستحق الذكر ليس على المستوى الشخصي فحسب بل على المستوى العام الذي يجعل لي بصمة واضحة المعالم تترك لي أثرا يذكره من يجيء بعدي في أي قطاع سواء أكان في وزارة التربية والتعليم باعتباري منتسبة لها أو في وزارة الثقافة والإعلام بكوني كاتبة أتعامل معها في كل ما يخص شأن هذه الكتابة، تأسيس هذا الأثر الفاعل لن يتم إلا بالانتصار للفكرة الثانية وهي الاعتماد على الكفاءة لا الجنوسة، فكرة الكفاءة تستلزم منا نبذ الجنوسة جملة وتفصيلا بما فيها نبذ فكرة (إعطاء المرأة منصبا -أيا كان هذا المنصب- لأنها امرأة فحسب) هذه الفكرة هي جنوسة خالصة؛ لأنها قائمة على التمييز الجنسي لا الكفاءة، ومنها أيضا تغليب كفة الرجل في هذه المناصب لأنه ذكر، الجنوسة في التعامل مع هذه المناصب ورطة كبيرة، والمرأة لدينا وصلت لمنصب النائب والوكيلة في وزارات كانت تصنف ولا زالت بأنها وزارات تقليدية مثل وزارة التربية والتعليم، لكن السؤال الأكثر إلحاحا: هل كان هذا التعيين مبنيا على فكرة الكفاءة أم الجنوسة فحسب؟، وزارة التربية والتعليم تقوم الآن بمشروع الدمج بين الإدارات في القطاعين (النسائي والرجالي) وهذا يضعها ويضع أمانات التربية التعليم في امتحان حقيقي بعيدا عن شكليات الخطاب العام الذي قدموا فيه للمجتمع المرأة النائب والمرأة الوكيلة، وهنا تحديدا كنت ولا زلت ألح على فكرة الكفاءة لا الجنوسة وناضلت ولازلت لتحظى المرأة بحقها في الإدارة عند الدمج وإلا لاعتبرنا ما يحدث إلحاقا لتعليم البنات بالبنين لا دمجا ولا توحيدا، كفاحي في هذا الجانب بنيته بالعمل الجاد وبتأسيس بصمة واضحة لي هناك والرهان الآن..هل تنتصر الوزارة لفكرة الجنوسة أم الكفاءة؟ خاصة أن الحديث هنا عن مناصب قيادية وإدارية قطعت فيها المرأة شوطا طويلا ورسمت أثرا لا يمحى، في هذا الموضع أقف وبقوة لتحظى المرأة بحقها، أسوق هذا الحديث لأنه يوضح موقفي بالضبط من (حصول المرأة على حقها).

والحديث عن حصول المثقفة على (مناصب إدارية) في تشكيلات مجالس الأندية لا يخرج عن هذا السياق، باستثناء أمر واحد أن المثقفة في وزارة الثقافة والإعلام وفي ظل اللائحة الجديدة تشارك في صنع القرار حتى لو لم تحظ بمنصب إداري، فالقرار في المجلس جماعي وليس فردي - هذا طبعا إن كنا واعيين لبنود اللائحة - ووعي المثقفة هنا يجعلها تدرك ذلك وتحقق هذه المشاركة سواء أكانت في منصب إداري أم لا، أما إن تنازلت عن حقها في أن يكون لها صوت فهذا شأن آخر، وعني تحديدا نأيت بنفسي عن دوامة العمل المكتبي والإداري ورغبت بالعمل الثقافي الحر من خلال اللجان الكثيرة التي يقوم عليها عمل النادي فالمسألة تظل خيارات إنسانية وليست جنوسية وتحويل هذا الخيار إلى انهزامية أو تنازل هو تكريس للدور القديم الذي اعتادت المرأة القيام به وهو (النواح) على الفرص المأخوذة و(العويل) على ما سٌيؤخذ لاحقا، وبذلك نظل ندور حول نار (جلد الذات) محولين كل شراكة مع الرجل إلى معركة فيها منتصر وخاسر!

وأتساءل هنا:

هل تصنف المرأة بأنها الأكثر وعيا وانفتاحا إذا تبنت موقف العداء مع الرجل دائما؟

ألا يمكن التصالح مع فكرة الشراكة مع الرجل؟

خاصة في وقت مكنت فيه المرأة من إبداء صوتها ومنحت حقوقا كثيرة منها حق التصويت والترشح في مؤسسات الدولة الرسمية، ففكرة الشراكة تستوجب الإيمان بأن المرأة ند وصنو الرجل، لا أضعف منه ولا أقل كفاءة، ولا ينبغي التعامل مع هذه الفكرة بالنوايا الحسنة فحسب وفي ذات الوقت لا ينبغي التعامل معها بأثر رجعي!

بمعنى أن مبدأ الشراكة مع الرجل لا يستوجب من المرأة أن تحول هذه الشراكة إلى مديونية، عبر شعورها أنها شراكتها ناقصة ما لم تحصل على ماحصل عليه الرجل في سنوات الاستبعاد والاقصاء! فدخولنا كنساء في الانتخابات وتمكيننا من التصويت والترشح مع الرجال حذو القذة بالقذة لا يتطلب منا كنساء أن نلهث خلف المناصب الإدارية والمالية لتعويض السنوات التي أقصيت فيها المرأة عن هذه المناصب لإثبات قدرتها وجدارتها، فهذه القدرة ليست محل نقاش لا قبل منح هذه الحقوق ولا بعدها، خاصة أن هذه المناصب ليس لها سلطة أعلى على القرار، فالقرارت في مجالس الأندية الأدبية هي قرارات جمعية وليست فردية كما نصت عليها اللائحة الجديدة.

إن كنا ننتصر فعلا لفكرة الشراكة فينبغي أن تكون خياراتنا بعيدة عن (الجنوسة) بل إن استحضار هاجس (الجنوسة) في كل موضوع هو دليل على تقليدية موغلة في التكريس لدور المرأة القديم كلاطمة خدود.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة