Culture Magazine Thursday  19/05/2011 G Issue 342
فضاءات
الخميس 16 ,جمادى الثانية 1432   العدد  342
 
صدى الإبداع
المرأة والتنمية
5- الإبداع الأدبي
د. سلطان القحطاني
-

تؤكد الدراسات النقدية والمسارد على دور المرأة في التنمية الثقافية في المملكة، من خلال الإصدارات السنوية، سواء من الداخل أو من الخارج، وتقوم الإحصائيات على استعراض المطبوعات المصرح لها من وزارة الثقافة والإعلام، إضافة إلى ما يصدر من خارج المملكة من الدور العربية، في مجال الرواية والقصة القصيرة. وبلغت الرواية رقماً فاق كل الأرقام من بين أنواع الإنتاج الأدبي في السنوات الأخيرة، نظراً للإقبال الكبير على هذا الفن، لكنه رقم في الكم وليس في النوع، وما يهمنا في هذه الدراسة التنمية، وليس الدراسة النقدية التي تهتم بالنوع، ولعل السبب الرئيس في ظهور هذا الكم يعود إلى الإقبال الشديد على قراءة الرواية التي يجد فيها المتلقي نفسه وهمومه ونقد المجتمع من داخله وكشف بعض القضايا التي يعجز المتكلم البوح بها، إضافة إلى التحولات التي يمر بها الإنسان العربي والسعودي خاصة، وما يشاع تحت مصطلح ( خصوصية) المجتمع في السعودية، على أنه مجتمع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيود الآخر أن يرى مدى صحة هذه المقولة التي أصبحت عند بعضهم من المسلمات البديهية، وإطلاق مثل هذه المصطلحات على علاتها أمر فيه نظر، فالدين والعلم ليس فيهما خصوصية وهناك معرض الرياض الدولي للكتاب، في الأول من شهر مارس من كل عام ومراهنة الناشرين عليه في زمن أصبحت المملكة من أكبر أسواق الثقافة في العالم العربي ، ويصاحب هذا التوجه الثقافي توجه نقدي يقيم النتاج الفني ويعدل مساره، بجانب النقد الصحفي العام ، والذي يتخذ الناقد من المجتمع وما يدور فيه في الحياة اليومية مادة يمارس عليها موهبته النقدية ومناقشة الأمور التي تحدث، من خلال الصحافة اليومية المقروءة. ويعرف النقد الصحفي على أنه ما يتعلق بالنقد بصفة عامة، والهدف منه لفت نظر المتلقي إلى خطأ يراه الناقد، سواء من وجهة نظره أو من وجهة نظر المجتمع، وإبرازه للآخرين، ومن ثم يحاول تقويمه ولفت نظر المسئولين إليه،وكان هذا النوع من النقد وإبداء الرأي حول أمر من الأمور حكراً على الرجل فيما مضى، أما المرأة فليس لها دخل في أمر كهذا، فالنقد والفصل في الرأي كان مقصوراً على قدرة الرجال، وليس للنساء قدرة عليه، لكن المرأة كسرت هذا التابوTaboo، الاجتماعي المسيطر على ثقافة المجتمع العربي، وقد بذلت المرأة العربية جهودا مضاعفة لتصل إلى كسره بالعلم والثقافة والقدرة على مناقشة الأمور برأي علمي ودلل يفحم المتنطعين والمتعالمين القائلين: إن المرأة لا يجوز لها أن تمارس أعمال الرجال، فقد كانت الفكرة السائدة عن النقد، أنه الدخول مع الآخرين في معارك ليست من شأن المرأة. وتعد الدكتورة خيرية السقاف- كما ذكرنا من قبل-رائدة المقال الأدبي والنقدي في الصحافة في الجزيرة العربية منذ منتصف الستينيات الميلادية، كما يؤكد الباحثون، ومن هذا المنبر انطلق صوت المرأة الناقدة، تناقش وتحاور، وتتدرب على الإلقاء والمحاورة في المنتديات واللقاءات، وتطرح رأيها في الموضوعات العامة والخاصة، ولم يعد دورها مقصوراً على الطفل والتربية والطبخ والموضة، وطرقت المرأة في إنتاجها النقدي عدة اتجاهات نقدية، منها ما يتعلق بالنقد الأدبي نفسه، وذلك من خلال قراءة النصوص ونقدها ومقارباتها النقدية، ومنها ما يتعلق بالنقد الاجتماعي، وما يتعلق منه بالناحية الأدبية، رغم الحصار الاجتماعي المضروب على المرأة، ومنه ما تسبب في أضرار اجتماعية، لكن المرأة في السعودية تجاوزت هذه القيود بشجاعة علمية في نقدها، سواء الاجتماعي أو الأدبي الفني، ومن هن من تجاوزت في نقدها فكر الرجل المتحجر، وصححت الكثير من مفاهيمه في دراساتها النقدية من خلال الصحافة الأدبية النقدية، بجانب الإبداع (شعرا ونثرا) ولفتت النظر في أطروحاتها النقدية إلى ما وقع فيه الرجل من خطأ – من وجهة نظرها-، تقول أمل القثامي، وهي تنقد منهج الدكتور محمد الشنطي: «إن الشنطي رجل علم وضع الطالب الجامعي وكيفية تبسيط المعلومة له أمام فكره وبدأ يخط هدفه الإنتاجي وفق هذا التفكير والتصوير، فكان ظالماً لفكره وعقله إذ تخلى عن ذائقته النقدية في كثير من كتبه إذ اعتمد على تلميم القضايا الأدبية والنقدية التي تفيد طالب الجامعة، واكتفى بممارسة ذائقته غير ما تمليه عليه القضايا، فاختياراته تابعة لمادته التعليمية، فلو أنه اتجه في إنتاجه لموضوع نقدي أو نظرية ما، وعمق دراسته فيها، مستنداً على ما يمتلكه من وعي نقدي وذائقة تحليلية، لكان هذا أجدى في الوصول إلى نتاج أكثر ظهوراً وأعم فائدة لحركة الثقافة الآنية، ولو شاهدنا صنيعه في كتاب ( القصة القصيرة المعاصرة في المملكة العربية السعودية) لوجدنا شخصيته النقدية حاضرة بداخله، فهو أعمق بكثير في طرحه من كتبه الأخرى ذات النهج التعليمي، رغم أنه يعد من مؤلفاته الأولى( 1406) إلا أن هدفه لم يكن تعليمياً مطلقاً، فلم يخص به فئة معينة، فجاء في منهجيتهعميقاً مرناً سد به ثغرة واضحة في الدراسات السردية ذلك الوقت» هذا التحليل النقدي يدل على وعي قرائي بالحركة النقدية، من باحثة ذات اتجاه عقلاني متزن ينفي المقولات التي تردد عاطفية المرأة وتقيس عليها كل إنتاج نسائي، وتتهمها بالقصور في التصور للأمور الفنية والعلمية، وبالرغم من حداثة سن الناقدة إلا أنها تمكنت من معالجة المساق النقدي في منتج الناقد والتغيرات التي طرأت على إنتاجه، فوازنت بين نتاجه السابق ونتاجه اللاحق بكل موضوعية وحيادية. وللحديث بقية.

-

+ - الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة