Culture Magazine Thursday  21/04/2011 G Issue 338
أقواس
الخميس 17 ,جمادى الاولى 1432   العدد  338
 
حميد لحمداني لـ« المجلة الثقافية »:
الثقافات لا تزدهر إلا بالروافد المغايرة

الثقافية: عبد المحسن الحقيل

على هامش ملتقى النص الذي نظّمه نادي جدة الثقافي التقت الثقافية بالأستاذ الدكتور حميد لحمداني أستاذ النقد للدراسات العليا في المملكة المغربية، حيث قدَّم ورقة في الملتقى، وطرحنا عليه أسئلة سريعة متصلة بالوضع الثقافي العربي في المشرق والمغرب وعلاقته بالتراث والفكر الغربي.

التواصل الثقافي بين المغرب والمشرق العربي يرزح تحت «عقبات» الجغرافيا الثقافية وغيرها، فهل أفلحت التقنية بزحزحة هذه العقبات؟

- لا أعتبر شخصياً تنوع الجغرافيا الثقافية في العالم العربي عقبة كما جاء في سؤالك: بل تنوع معرفي يؤكد غنى المصادر الثقافية وخصوبتها. أنت ترى معي كيف انعكس هذا التنوع بالإيجاب على الثقافات المحلية العربية بين الشرق والمغرب العربي، فللشرق خصوصياته الثقافية المنطبعة بملامح الفكر الأنجلوساكسوني، وللمغرب العربي ولبنان -إلى حد ما- خصوصية أخرى متميزة بملمح المعرفة الفرنسية والألمانية وغيرهما، وقد خلق هذا تنوعاً ثقافياً في الفكر العربي وحواراً وتبادلاً في استفادة الشرق من المغرب العربي واستفادة المغرب العربي من الشرق. فلماذا تريد زحزحة هذا التنوع المفيد لتوليد الفكر بمختلف أشكاله؟

تُختصرُ الثقافة في كل بلد بعدد من الأسماء ولا يُستثنى المغرب من ذلك؟

- لا يمكن أن يكون كل منتجي الثقافة في بلد ما، لامعين بالمستوى نفسه، فهذه مسألة طبيعية، صحيح أنه يقع أحياناً أن تكون بعض الأسماء تتردد في المنابر الإعلامية حتى وإن كان أصحابها غير لامعين بالفعل. وأنت تعلم هنا ما يمكن أن تلعبه السلطة الثقافية المعززة أحياناً من قبل السلطة السياسية في بعض البلدان، غير أن التاريخ لا يرحم المتطفلين على الثقافة سواء في الشعر أو الرواية أو المسرح أو في أي مظهر من مظاهر الثقافة، فهو يلقي بهم على جانب الطريق في أول منعرج من منعرجاته الزمنية. ألا ترى معي أنه لم يتبق من كتلة الشعراء في الثقافة العربية القديمة على سبيل المثال إلا الشعراء اللامعون كامرئ القيس والنابغة وعنترة وعمر ابن ربيعة والمتنبي وابو تمام والبحتري.. الخ، فأين ذهب آلاف الشعراء الآخرين؟ لقد طوى الزمن ذكر كثير منهم دون رحمة. وهذا دأب التاريخ فهو لا يرحم الضعيف بالمعنى الإبداعي لأننا نتحدث هنا عن الفكر والإبداع والثقافة، فمظاهر القوة هي التي تفرض نفسها دائماً هنا.

تحضر الثقافة الفرنسية في المغرب كما تحضر الثقافة التراثية العربية، كيف جمعتم بين الثقافتين؟

- جمعنا بينهما مثلما جمعت الثقافةُ العربية سابقاً بين الفكر العربي والفكر اليوناني وثقافة الفرس. الثقافات لا تزدهر ولا تتألق إلا بالروافد المغايرة. وهنا لا بد أن أقول كلمة عن أهمية معرفة اللغات المختلفة، فبواسطتها يمكن للمثقف الأصيل أن يغني الثقافة التي ينتمي إليها مثلما أغنت جميع الشعوب ثقافاتها بثقافات غيرها. هل تعتقد أن الثقافة الغربية الحالية هي وليدة نفسها فقط، فقد انتقل إليها الفكر اليوناني والعربي وثقافات شعوب كثيرة ولا تزال إلى الآن تستفيد من الغير وتفيد الغير. إن المثاقفة هي أصل الازدهار الثقافي في العالم.

كيف تنظر إلى الحضور الثقافي والنقدي بالمملكة العربية السعودية؟

- لا أدعي أنني على إلمام بجميع مظاهر الثقافة في المملكة. ولكني أتابع الحركة الأدبية والروائية والقصصية والنقدية إلى حد ما، وإذا ما كانت النهضة في كل هذه المجالات قد تأخرت بالقياس إلى كثير من الدول العربية الأخرى، فإن ما أشاهده اليوم هو طفرة صاخبة من الحراك الإبداعي والنقدي، وأعتقد أن الوعي النقدي بالخصوص قد برز بتميز في بعض الأعمال الجريئة، وما زال الأدب والرواية بتلمس طريقه في مجال التقنيات على الخصوص، أما على مستوى الموضوعات فقد حركت الرواية النسائية الساكن في هذا المجال، ولعل المسألة متعلقة بخصوصيات وضعها الاعتباري في المجتمع.

ما الذي أغراك بالمشاركة في ندوة اللغة والإنسان التي نظمها النادي الأدبي بجدة؟

- المسألة في نظري ليست متعلقة بالإغراء. أنا باحث عربي والنادي الأدبي بجدة يوجد في مدينة عربية وبلد عربي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية ألا ترى أن موضوع اللغة والإنسان يستحق عناء السفر من أجل المشاركة في الندوة والاستماع إلى آراء الباحثين من مختلف الأقطار العربية. لابد أن تعلم أنني ببساطة لا زلت سائراً في طريق طلب المعرفة وتبادل الخبرات ما دمت قادراً على الحركة والتنقل. وإذا جاز أن نصف ذلك كله بأنه مجال إغراء فلك ذلك.

هل تؤمن بمركزية النقد في بلد عربي؟

- يحدث في مجال الثقافة أن يكون النقد والتنظير بارزين في بلد أكثر من بلد آخر. وهذه المسألة ليست قاعدة أو خاصية فريدة دائمة للبلد المعني. ينبغي أن نفكر بخصوص هذه النقطة تفكيراً تاريخياً يراعي شروط نهضة المعرفة والفكر في بلد دون البلدان الأخرى، وإذا كنت تقصد مثلاً تميز النتاجات النقدية والتنظيرية في المغرب الأقصى وتونس فهذا ربما يعود إلى المشارب الثقافية التي طعمت التفكير المغاربي وربما إلى المناخ الثقافي العام السائد في البلدين. هذا لا يعني بالطبع أن الشرق العربي لديه نقص في هذا المجال، فعلى العكس تماماً، فالواجب أن تعلم أن المغاربيين تتلمذوا لفترات طويلة على رواد الفكر في الشرق العربي. المسألة كما قلت لك متعلقة بطبيعة الفترات التاريخية المختلفة وبالشروط الثقافية المؤثرة وبالظروف المحلية المساعدة أو المحبطة.

هل ترى أن ثقافتنا تكاملية؟

- مفهوم التكامل في نظري دائماً يشير إلى الإضافات التراكمية، أو الحلول الترقيعية، أو هما معاً. هذا ما يشير إليه أيضاً مصطلح التكامل مثلاً في النقد الأدبي، وأنا أحبذ مصطلحاً يتميز بالدينامية، فعوضاً أن نقنع بالتكامل، ينبغي أن نجعل مساهماتنا الثقافية ذات طبيعة تفاعلية وبذلك نضمن مردوديتها المباشرة على الإنسان العربي كما نضمن قدرتها على التطور السريع واستيعاب الثقافات العالمية الأخرى. وأعتقد أن ثقافتنا دائماً كانت تفاعلية مع بعضها البعض في كامل أقطار الوطن العربي وهي كذالك تفاعلية مع الثقافات الغربية بشكل ملحوظ وبمستويات متباينة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة