Culture Magazine Thursday  23/06/2011 G Issue 347
أوراق
الخميس 21 ,رجب 1432   العدد  347
 
كلمات
مستر أكس أو بعض من نزوات الكبار..!!
محمد بن أحمد الشدي
-

في الغرب يطلقون عبارة مستر (إكس) على أي شخص مجهول فعلاً أو أي شخص أريد له أن يكون مجهولاً للسامع أو القارئ لتفادي أي إشكال أو مؤاخذة؛ فاستعمال عبارة مستر إكس تتيح للمتحدث أو الكاتب حرية سلخ جلد المقصود وتحقيره وانتقاده بطريقة ساخرة لاذعة.

ومستر إكس غالباً هو شريحة مجهولة أو مؤذية أو مكروهة مندسة في لحم المجتمع وربما كانت هذه الشريحة أو الخلية نادرة أو قوية أو مشهورة لها عيوب ومساوئ يلوكها الناس ويتغامزون عليها فتصبح موضوعاً دسماً للنكات القذرة أو البريئة وهي هدف للتشريح..!

على أيّ حال ففي كل مجتمع صغر أم كبر على نطاق المكتب أو الحارة أو المدينة أو البلد هناك دائماً مستر إكس بشكل أو بآخر يكون مادة للجلسات والقفشات..!

- في المنطقة العربية لدينا بدل المستر إكس شخصية عجيبة اسمها الشيخ إكس تنتشر كالكوليرا في كل مكان وهو غالباً شخصية ماكرة يستتر وراء تسمية الشيخ (الذي هو في الأصل منزه عنه) لأن الظروف المادية المواتية خلقته من العدم -مادياً طبعاً-..!

- عندما نفتح الملف القديم للشيخ إكس نجد فيه معلومات عجيبة عن رجل بسيط قانع مواظب على العبادة أي سيرته حسنة، محبوب من الجيران والمعارف والأصدقاء، ويعيش مع زوجته وأطفاله، وكل همه أن يوفر لهم لقمة العيش ولا يمد بصره إلى أبعد من ذلك وهو غالباً محبوب من الجميع..!

- وفي ذات يوم هبطت عليه من العقار والأراضي ثروة عظيمة مفاجئة لا يصدقها عقل فانقلب كل شيء في حياة الرجل رأساً على عقب أصبح متصابياً خفيفاً..!

- جلس الرجل كالمذهول وبدأ يخطط لحياة خاصة جديدة، دخل إبليس في أنفه واستوطنته الكبرياء والغرور وقف أمام المرآة وكانت معه صريحة جداً تجاعيد قاسية شيب يأكل رأسه جسم مترهل وأصابع كالخشب إنها آثار خمسين عاماً أو أكثر.

همس لنفسه بألم لا بأس لا يلزم إلا بعض الترميمات ماذا أصنع بهذه الثروة لقد عشت بائساً محروماً، كنت مزارعاً ثم جمالاً أحمل التمر من الأحساء وأحمل الأمحار والأخشاب.. كنت أعاني الفقر والمرض. عشت كعصفور حبيس في قفص لم أنعم بلذة العيش لم أسافر لم أر الدنيا يجب ألا تضيع دقيقة واحدة بعد الآن.

- في بكرة الصباح نهض نشطاً باشاً مقبلاً على الحياة كطفل صغير دخل الحمام وراح يدندن ويغني أغنية شعبية غير ملائمة.

- انطلق إلى الحلاق حلق ذقنه وصفف شعره وصبغه وقلم أظافره ودهن يديه بالكريم ثم استحم ولبس ملابس جديدة وحذاء، وصب على جسده وثيابه عطراً فواحاً غالياً، ثم وضع البشت على كتفيه وأصبح كابن الثلاثين عاد الشيخ إلى صباه..! أو هكذا تصور.!

- ودارت في عقل الشيخ إكس نزوات عديدة وأفكار جهنمية وكأنه يود الانتقام من أيام المحل والجدب يريد أن يمسح كل أثر الماضي بما فيه من حرمان وتجاهل على مدى خمسين عاماً اشترى سيارة فارهة وضع لها سائقاً وارتمى في المقعد الخلفي ككيس الخيش.

وغير بيت الطين وسكن الفيلا الجديدة في أرقى الأحياء وأصبح له مجلس مفتوح، وكثر الداخلون والخارجون والخدم وصار رنين تلفونات الشركات والمؤسسات لا يهدأ لا في الليل ولا في النهار.. باختصار أصبح الشيخ فلان بكل معنى الكلمة وأخذ يجول في الدنيا ولا يستقر في مكان يتبع الدعوة بدعوى خرى..!! وساعات الذهب تزين معصمه.

ماذا بعد.. آه.. لابد من التجوال والسفر وشمات الهواء، فهذه خاصية وميزة من ميزات رجل الأعمال وشيوخ الغنى، بريطانيا، فرنسا، جنيف، أمريكا، اليابان، جزر الواق واق.. العالم كله لم يعد واسعاً أو مجهولاً ولم يعد بعيداً عن رغبات ونزوات الشيخ إكس.. الفلوس تفعل الأعاجيب.. وتحرف الرقاب والعقول..!

لا زالت هناك بنود أخرى على القائمة أولاً العيال كبرت وهرمت ومشغولة بالأولاد لابد من زوجة صغيرة ذي 17 عاماً زوجة رومانتيكية الحضارة، رومانتيكية المزاج.. ماذا يهم الفيلا الأخرى جاهزة والحلال كثير توكل على الله..!

-

+ - الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة