Culture Magazine Thursday  24/11/2011 G Issue 353
أوراق
الخميس 28 ,ذو الحجة 1432   العدد  353
 
بيادر
أرض الشهداء
عبدالله بن أحمد الشباط

يا فلسطينُ وما كنت سوى

بيعةَ الأرضِ.. على كفِّ السماءِ

اشْهَدِي.. أنّ بياني قد روى

فيكِ ما يُرضي قلوبَ الشهداءِ

هذه التربةُ.. مُذ غنّى بها أهلُ الحداءِ

لم يُطهّرها من الرجس سوى تلك الدماءِ

كم زكا المسجدُ من أعرافهم، بعد الفناءِ

كم بكى الغيثُ على أجداثهم، وَسْط العراء

كم ربيعٍ مرّ.. لم يَعرُج عليهم بهناءِ

فاستمرّ العُود عُوداً ما به أدنى رُواء

وشتاءٍ.. طال حتى مُلَّ من فَرْط البلاءِ

وتمادى الظلمُ فيها لغُزاةٍ أدعياء

فكأنّ الليلَ شيءٌ ما له معنى انتهاءِ

هذه مقدمة ملحمة شعرية وضعها شاعر البحرين الكبير إبراهيم العريض - يرحمه الله - في 30 ذي الحجة من عام 1369هـ، تدور أحداثها منذ سقوط فلسطين بأيدي الصهاينة عام 1947م، وتمتد حتى تتحرر فلسطين ويعود إليها أهلها سالمين غانمين بعد رحيل أولئك المعتدين. وتنقسم هذه الملحمة إلى خمسة فصول، هي على التوالي: 1- جبل الزيتون 2- نشيد الانشاد 3- باب الواد 4- هيكل سليمان 5- قبة الصخرة.. وكل فصل من هذه الفصول يصور صفحة من صفحات النضال التي خاضها الأشاوش من أبناء فلسطين ضد الصهاينة المعتدين على أرض الإسراء والمعراج. ولئن حملت هذه المقدمة في بعض أبياتها شيئاً من الحسرة والألم إلا أنه قد اختتمها ببارقة من الأمل:

ثم.. جاء الفجرُ يسعى بتباشير الضياء

فإذا البعثُ.. له ألفُ لسانٍ في الفضاءِ

غَنّتِ البيدُ بها - ثانيةً - لحنَ السماء

هذه أرضُكِ يا دعدُ، وأرضُ الشهداءِ

إنه تمازج عجيب بين الألم والأمل، بين الفطرة المكفهرة من واقع الحال آنذاك، بين النظرة المتفائلة القادمة مع خيوط فجر النهضة، إلا أن ذلك التفاؤل طال أمده على مدى عقود وعقود حتى ناف على نصف قرن من الزمان والعدو يتمادى في عدوانه، ويمارس شتى أنواع القمع على أبناء الوطن الذين احتلت أرضهم ونهبت خيراتهم وأخمدت صرخاتهم وشاعرنا يتابع ذلك النضال المستميت ويقف عند كل حقبة من حقبه ففي مدخل جبل الزيتون يقول:

أيها الليل.. ومن همس النجوم

الهم البلبل.. آهات شجاه

أن توارى حسنها خلف الغيوم

فهي فوق الورد حبات نداه

قمة التفاؤل والاستبشار بالمستقبل إلا أنه لم يستغن عن تصوير بدايات النضال، وهكذا في كل فصل من فصول تلك الملحمة يأتي الألم، ثم الأمل، أو العكس يأتي الأمل ثم الألم. ولا شك أن شاعراً في قامة إبراهيم العريض أحد أعرق أدباء الخليج العربي وما له من دراسات نقدية ودواوين شعرية لديه القدرة لوضع الصورة في مكانها الصحيح؛ ليستطيع القارئ الوصول إليها دون عناء، إلا أنه في الفصل الأخير (قبة الصخرة)، وهي تدورين ظافر وحبيبته دعد:

ودعت أحلامها في صمتهـا

بالحسن الشمس عند المقرب

ما هي إلا دمع حت لمتيها

يا مرايا الأمس كفى واغربي

إبراهيم العريض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة