Culture Magazine Thursday  27/01/2011 G Issue 331
أوراق
الخميس 22 ,صفر 1432   العدد  331
 
معلمو اللغة العربية: أعباء زائدة أم قيمة مضافة؟
علي حمد عبد الله الفارسي

لعلّ بعض معلمي اللغة العربية يشعرون بضبابية المستقبل ويعيشون في مأزق بسبب الأوضاع العصيبة التي تمر بها اللغة العربية على مستوى الأقطار العربية والعالم كمحيط أوسع، لكن بيدنا أن نحوِّل هذا المأزق إلى متسع لو أحسنا تقدير الأمور وأحسنا التخطيط اللغوي من أجل نشر اللغة العربية في العالم من خلال منافذ ومعاهد ترفع شعار «العربية من أجل السلام والتواصل بين الحضارات» ومحاولة توظيف هذا الفائض البشري في خدمة تلك الغاية النبيلة، دون رفع أجندة سياسية أو دينية ودون اقتلاع أظافر الشعوب وسفك الدماء إرغامًا على تعلم لغة معينة.

فالعالم الإسلامي يعلم تمام العلم قيمة اللغة العربية ولا يحتاج إلى إعلان هنا أو إشهار هناك، وقد أدركت اللغويات الحديثة في الغرب الثروة اللفظية في اللغة العربية فأصبحت محط الاهتمام والتطبيق (انظر كتاب التحيز اللغوي وقضايا أخرى، حمزة المزيني).

إنّ دولة واحدة مثل بريطانيا استطاعت أن تهيمن لغويًّا على دول عديدة مثل: الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا ونيوزلندا ف» ينظر إلى هذه البلدان على أنها تتحدث حصريًا باللغة الإنجليزية، مع العلم بأنها تحتوي على مجموعات سكانية تتحدث بلغات مختلفة « (الهيمنة اللغوية، روبرت فليبسون)، وفيما كان عدد المتحدثين الأصليين باللغة الإنجليزية «لا يتجاوز سبعة ملايين قبل أربعمائة سنة، فقد بلغ عددهم اليوم 315 مليونًا وذلك في البلدان المتحدثة أصلاً بالإنجليزية، أما عدد المتحدثين باللغة الإنجليزية كلغة ثانية في البلدان المحيطة فيتزايد بشكل هائل، إذ يتوقع أن يصل إلى أكثر من نصف بليون مستخدم للغة الإنجليزية كلغة أجنبية»(الهيمنة اللغوية).

والدول العربية مجتمعةً عجزت عن القيام بما قامت به دولة واحدة، ولكن بعيدًا عن العتبى نقول: إنّ الاستثمار في اللغة العربية استثمار حقيقي قد لا يكون مدركًا الآن ولكننا سنجد نفعه بعد حين، نعم هناك بعض المعاهد وبعض الكراسي في دول غربية لتعليم اللغة العربية ولكنها لا تشكل ظاهرةً منتشرةً أو عملاً منظمًا فالطلب على العربية يفوق العرض المقدم، فضلاً عن ضعف المناهج التي وضعت من أجل تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.

فالخير كل الخير أن نستثمر في العربية وهي لا تقل أهمية عن الاستثمار في محل في بريطانيا أو بنك في أمريكا، هذا الرأي ليس حماسًا للعربية بل نصيحة يرجى الانتفاع منها، فالاستثمار في اللغة مفيد، ولاسيما أنّ بعض الخبراء يرى أن «الذهب الأسود بالنسبة لبريطانيا ليس ذلك الذي نستخرجه من بحر الشمال، بل هو في اللغة الإنجليزية» (الهيمنة اللغوية)، والمزايا التي تتسم بها العربية لا تقل خطرًا عما هو في الإنجليزية، إلا أنها لغةٌ لم يقم بها أهلها.

ولاية صور , سلطنة عٌمان

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة