Culture Magazine Thursday  27/01/2011 G Issue 331
فضاءات
الخميس 22 ,صفر 1432   العدد  331
 
عش نورس
صمت النساء..لغة على مرمى صرخة
ميرفت عبد الرحمن السحلي

الصوت المعلق فوق جزع (الغمام)

(حين يجن الليل، وأدفن تحت أقدامكم.. أتحول إلى ما يشبه عواء مئات من الذئاب).

أظلمت الفلسفات القديمة عوالم المرأة وكبلتها زنازين النهار.. أحال المرأة إلى وشم من العار لابد من اختبائه، تتحرك فيه قطعان ضالة من الذكريات؛ (فجمهورية أفلاطون) - سيد الفلسفة الإغريقية - أجهضت روح آدميتها واختزلتها في مكافأة للرجال المحاربين على شجاعتهم - (باندورا) أول امرأة يونانية على جبل الأوليمب تمثل عقوبة من زيوس لبرومثيوس - (جلاتيا) صنيعة بجماليين والجمال الأصم.

«أيتها المرأة / يا مليكة الخطايا / أيتها العظمة الدنيئة / أيها الخزي الرفيع» (1)

ومع نضال متوالٍ قد سجل تاريخ الأدب عبقرية المرأة وتحايلها على المتاح وقدرتها على القيادة ووهج التجدد والابتكار فكانت (شهرزاد).

من الحصار إلى الحصار.. الباب موصد والأفق.

حين يجن الليل، وأدفن في حجرتي ذات السرير المثلج.. أتحول إلى ما يشبه الصراخ.. ويبدأ السفر.. وأبدأ أتناثر في فوضوية، وأتلاشى في وجع.

إن انحسار الضوء عن إبداع المرأة السعودية ببدايات القرن العشرين بينما كان مده على أرض الشام لم يكن لنضج بنت الجبل عن بنت الصحراء، وإنما هي وسيلة الانتشار.. فبهجرة أدباء المهجر من سوريا ولبنان والبلدان المجاورة للأمريكتين حيث كونت أشهر رابطتين (رابطة القلم بأمريكا الشمالية، والرابطة الأندلسية بأمريكا الجنوبية) شلال من الأضواء ألقى بوهجه على إبداع بنت الجبل، ومن بين شقوق الحصار من انغلاق مجتمعي إلى انغلاق إعلامي - كانت بنت الصحراء.. نضجت سرًا وانطلقت جهرًا لتحدث حاليًا ثورة انطلاقة إلى فضاء بلا تخوم.

معاناة النساء - جنازات متشابهة الطقوس.

حين يجن الليل، وأدفن داخل وحدتي وقهري.. أتحول إلى ما يشبه الأنين.. ويبدأ الرحيل. أخرج من الجرح الأزلي.. أرتعش في ألم.. وأنتفض في كبرياء..

انطلق شعار «الأدب الإنساني» الذي لا يفرق بين الأدب النسائي والأدب الرجالي والذي لا أتفق معه كثيرًا انطلاقًا من حقيقة أن الإبداع لابد أن يبدأ من نبض المعاناة الخاصة التي يكسوها المبدع حلة عامة ولاشك أن لجروح النساء خصوصية والتي تتجلى لنا عبر اللغة من فكر وشعور وتخيل بكل ما تعنيه من تشكيل جمالي يؤسس بنية العمل الأدبي.

وهذا قد حققه بالفعل عدد من الكاتبات السعوديات وعلى سبيل المثال لا الحصر (رجاء عالم ، ولولو بقشان ووفاء العمير وليلي الجهني وزينب حفني).

«آدم، الرجلُ مخلوقٌ من طين من مادة باردة ميتة مصمتة، بينما حواء المرأة مخلوقة من ضلع آدم، من مادة حية من لحم ودم ونبض، لذا تجيء استجابتهما مختلفة تماماً للحب، استجابة اللحم و الدم غير استجابة الطين.. من هنا تجيء إحباطات الحب بين طينٍ و لحم) !» 2)

***

(1) بودليير: أزهار الشر

(2) رجاء عالم: ستر

الإسماعيلية

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة