Culture Magazine Thursday  27/01/2011 G Issue 331
فضاءات
الخميس 22 ,صفر 1432   العدد  331
 
عن لماذا
عن السؤال أول
لمياء السويلم

لماذا نقاوم التغيير وهل ندرك أننا نقاومه، هذا النوع من الأسئلة الاستنتاجية يفترض التسليم بنتيجة ما، ويطرح من حولها الاستفهامات السببية، وإذا كان من نوافل التاريخ أن تقاوم المجتمعات التغيير، فإنه من الشرط الواجب لندرك أسباب حالة المقاومة التي نحن عليها هو أن نعترف بها، والاعتراف ليس بالحقيقة التاريخية لمجتمعات قاومت التغيير، أو بخصائص هذه المجتمعات كما تميزها لنا العلوم السسيولوجية فقط، بل بالتقاط كل هذه الدلالات الحية التي تشير إلى هذه المقاومة سواء في تلك المفردات الجاهزة والأفكار المقولبة في الرفض لكل جديد، أو في ذلك الشعور الغامض والأكيد الذي ينتابنا فيظهر منا نفورا في التعامل مع المستجد بالتصرفات والرأي وغيره، والتقاط مثل هذه الدلالات والوعي بها هو الاعتراف الواجب كشرط لإدراك المقاومة التي نمارسها تجاه المتغيرات، لأن الحقيقة التاريخية والخصائص الاجتماعية هي عبارة عن نتائج معرفة علمية، وهي تواجه أيضا بنفس القالب الفكري الرافض، إذ يجد الكثير من أفراد المجتمع أنفسهم في حالة دفاعية أمام هذه المعرفة العلمية ويردون عليها بأنهم ليسوا ضد التغيير لذاته بل لأسبابه أو للكيفية التي يتم بها، ونحن إذ نحاول مواجهة هذا القدر من التبسيط والمباشرة التي ترد على كل تلك الجهود العلمية في محاولة منا للفهم، هو الخطأ الذي نقع فيه ونجده حاضرا في أسئلة عدة أحدها وليس واحدها: لماذا نقاوم التغيير؟

السؤال إذن ليس لماذا نقاوم بل في شقه الآخر (هل ندرك هذه المقاومة) لأن سؤال «لماذا» يقوم على نتيجة من نتائج المعرفة العلمية كعلمي التاريخ والسسيولوجي، والأسباب التي ستشكل جوابه ستبقى أيضا ضمن هذه المعرفة ومنطقها، بينما على مستوى الثقافة الشفوية التي ترد بأنها ليست ضد التغيير لذاته، يفشل هذا الاستفهام في الوصول للفرد ويعجز عن تشكيل أي سؤال في داخله، لأن هذا الاستفهام السببي (لماذا نقاوم) حين يطرح خارج ثقافته المكتوبة يصبح قائما على افتراض خاطئ هو التسليم بنتيجة غير مسلم بها بين أفراد تلك الثقافة الشفوية ولا في منطقها كثقافة، والذي يجب كشرط لإدارك حالة المقاومة أو أي حالة اجتماعية هو التفريق بين أسئلة الثقافتين الشفوية والمكتوبة بناءً على معرفيتيهما، عدا عن أهمية التمييز بين الاستفهامات السببية والكيفية، هذا لأن الأسئلة تبحث فيما بينها وتبني على بعضها البعض قبل أن تنبني على الأجوبة وتبحث عنها، لأن الإجابة مهما كانت محكمة ودقيقة وشافية وشاملة قد لا تحقق غاية السؤال وإن حققت هدفه، ولماذا نقاوم التغيير يجد جوابه الأمثل من مسببات وغيرها في المعرفة العلمية التي بنى سؤاله على نتائجها، تماما كما تتعقد استفهاماته وتتأصل في الحقل الفلسفي، لكن غايته لم ولا تتحقق قبل السؤال الذي يعطف عليه وهو (هل ندرك أننا نقاوم)، فغاية «لماذا» السببية هي أن يدرك المجتمع حقيقة المقاومة في نفسه، وعدم صلاحية «لماذا» قبل «هل» ليست هي النتيجة التي وصل إليها هذا المقال، بل الاستنتاج الذي يحضر هو حاجتنا لمعرفة ماهو الاستفهام الذي سيبني عليه (هل ندرك أننا نقاوم) غايته لا هدفه أيضا، لأن هدفه يجيب غاية السؤال الأول والذي يسبقه (لماذا نقاوم) لكن غاية (هل ندرك) كسؤال ثانٍ هي التي تحتاج الآن لاستفهامات أخرى لتصل لمعرفية الفرد صاحب الثقافة الشفوية هنا، ولأن الغايات تتحقق بالاستفهام الكيفي لا السببي، فالسؤال المستنتج هو: كيف ندرك أننا مجتمع نقاوم التغيير؟

Lamia.swm@gmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة