Culture Magazine Thursday  28/04/2011 G Issue 339
أوراق
الخميس 24 ,جمادى الاولى 1432   العدد  339
 
النقد يدعم وجود الأديب
واصل عبدالله البوخضر

مع وصول العدد 338 بتاريخ الخميس 17 جمادى الأولى 1432هـ للمجلة الثقافية تكون قد استأنفت عطاءها ونتاجها بعد توقف خميسين (7 و 14 ابريل نيسان) نظراً لإجازة منتصف العام الدراسي الثاني وكل عام والجميع وملحقنا الثقافي بخير واستمرار.. وحقيقة الأمر كل ما حواه العدد المذكور بعاليه من صفحته الأولى وحتى الصفحة الثالثة والعشرين - بل وحتى من غلافه الأول (لنتواضع مع ابن رشد، والقضاء والقابلية للتوقع وخمسة أعوام على رحيل الماغوظ - إلى غلافه الآخر والمتضمن الإعلان المتكرر عن إصدارات الجزيرة الثقافية الاستثناء غازي القصيبي شهادات ودراسات، وعبد الله بن خميس قراءات وشهادات).. وبقدر احتفائنا بهذا العدد إلا أننا سنتجاوز ذلك كله لنصل بالوراء إلى العدد 332 الصادر بتاريخ 14-3-1432هـ ونجعله مرتكزاً لما نريد الانطلاق منه وجسراً نعبر من خلاله لما نريد التطواف به وحوله حيث يحفل بشيء من التنويه المقصود وبشيء من اللفت والإشارة وكذلك التقدير والعرفان ويتجلى ذلك في آخر المشاركة أو المداخلة بتواضعها الجليل وبانسجامها القليل، ولنبدأ من أقواسها ص 5 تحت عنوان المشفى الجامعي - وهي قصيدة تفوه بها الشاعر المرهف الأستاذ أحمد الصالح (مسافر) عندما أدخل المستشفى الجامعي وأجرى عملية جراحية فكتب هذا النص وأهداه للأستاذ فيصل السيف:

ليلي بأوجاع تؤرقني استبدا

ثقلت به الساعات آلاماً وسهدا

فمللت صحبته وكان مؤانسي

وإليه أصفى عاشقاً قد مل بعدا

فإذا بمشفى الجامعي يقيليني

مما أقاسيه وكم قد كنت جلدا

وبما يماثل هذه القصيدة هناك أخرى للدكتور القصيبي وهو في مشفاه الأخير جراء ما ألم به من مرض لم يتركه مرتاحاً في واقعه المعيشي المتعدد.

وقد تواصل مع (مسافر) في المرض والليل والمستشفى حيث قال:

أغالب الليل الحزين الطويل

أغالب الداء المقيم الوبيل

أغالب الآلام مهما طغت

بحسبي الله ونعم الوكيل

فحسبي الله قبيل الشروق

وحسبي الله بعيد الأصيل

ومع ذلك ليس هو المقصود الذي نسعى إليه في حضور الصورة والفعل الذي من المفترض أن يتفاعل معها المعنى والمهتم في هذا الحقل وقد يوضح ذلك ما نسب إلى الحكيم وهو مشارك فيما كان الرموز واقعين فيه.. ولكن سنذكر ذلك لاحقاً بعد قصيدتين للمغفور بن لها الثبيتي وشاعر البيد وشاعر الاطلال ابراهيم ناجي وكلتاهما ينصبان في قناة واحدة في ذات المنحى والاتجاه. قال الثبيتي:

مضى شراعي بما لا تشتهي ريحي

وفاتني الفجر إذا طالت تراويحي

أبحرت تهوي إلى الأعماق قافيتي

ويرتقي في حبال الريح تسبيحي

إلى أن يقول:

والليل يعجب مني ثم يسألني

بوابة الريح ما بوابة الريح

واقرأ لإبراهيم ناجي تحت عنوان وداع المريض التي كتبها قبل شهر واحد من رحيله عن دنيانا في شهر فبراير 1953م وقد رحل في مارس في ذلك العام (ص 95 مجلة الهلال يونية 1977م العدد 6).

فيم الغدو غداً واين رواحي

ويح الصياح لقد مضى بصباحي

عصفت علينا غير منذرة لنا

يا فرقة الآلاف أي رياح

طلعت علينا بالسقام وبالنوى

وهوت هوى القادر المجتاح

إلى أن يقول:

وموسد كالطيف صاح ليله

أمسيت أرعاه بجفن صاح

وجميع هؤلاء المذكورين من الحقل الأدبي أو من النسيج الشعري ارتأى ما رآه في ظلماته الثلاث إن صح التعبير عنها وهي المرض - الليل، المشفى

ولنقف جميعا بعد كل هذا في المرفأ الأساسي لنريح أنفسنا من عناء الترحال والتطواف في مراحل كان بالود أن تسير الأفعال حسب مظانها الطبيعية أو المظنونة أن تكون على أقل تقدير وصف. ص 91 من كتاب صور وحكايات للأستاذ محمد مصطفى وعلى لسان الأستاذ صلاح منتصر منسوبا إلى الحكيم شيخ الكتاب المصريين (1898 - 1987م) حيث قال: إن الفنان أو الأديب لا يهدمه الذم أو النقد بل أنهما يدعمان وجوده.. إنما الذي يهدمه ويقتله حقا هو الإهمال وقد كان يعتقد أنه كتب أعمالا تستحق الخلود.. فوجد نفسه بعد شهرين فقط من دوله المستشفى شخصاً منسياً لا يذكره أحد.. وهو الشاهد من لسان صاحب الخبرة والمران التخصصي في أكثر من فن أدبي يقول: هذا الكلام متماهياً مع رفع النقد أو الذم من حياة الفنان ومتقارباً مع وجوده داخل المستشفى في افتعال الهدم والقتل في صورة الإهمال والنسيان ولنقول للحكيم ولمن شابهه إن من ذكرنا من رموز بل ورواد داخل المستشفى وما أكثر من هم في أروقته حالياً بعد أن توفي من توفي وبقي من بقي أسيكون النسيان والإهمال هو الحليف والصديق حتى يكون ذلك أشد من القتل أو الهدم أم هم في ذاكرة الوطن أولاً ومن ثم في أذهان المهتمين والمنتبهين لهم، أم هم في صفحات الكتب والجرائد فقط لا أدري.

هذا هو ما أشرنا إليه في بداية المداخلة وما ذكرته من إلماح يأتي في آخرها.

- الأحساء

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة