Culture Magazine Thursday  29/12/2011 G Issue 358
فضاءات
الخميس 4 ,صفر 1433   العدد  358
 
الكتب الفارغة قبل أن تغدو ظاهرة!!
عبدالله آل ملحم

في كل الثقافات تدفعُ الثمن غاليًا حين تخرجُ عن المألوف وتخالف النسق، وإذا كان الناس ينفرون عادة من التغييرات الطفيفة لأجل الممارسات التي ألفوا اعتيادها فكيف تراهم بإزاء تجديد تقويضي يحاول إعادة برمجياتهم أو يلغي اعتبارية المعتبر في قناعاتهم الراسخة، والحملة العنيفة التي استهدفت الكاتب والإعلامي تركي الدخيل في تويتر ليست إلا بعض حمم البركان الثائر ضده، يعرف هذا جيدا من دخل الوسم المخصص لمحاكمة تركي الدخيل ومهاجمته بعد أن أصدر كتبا فارغة المحتوى، لا تحمل مضمونا غير عنوان الكتاب، واسم المؤلف الذي لم يؤلف، وغلافه الذي انطوى على أوراق بيضاء لم تسر المقتنين أو معظمهم!

وما فعله تركي الدخيل بظني أشبه بحكاية الرجل الذي أراد أن يتخلص من فضوليي قريته، فتوقف عند حفرة سحيقة وأخذ يصرخ: عشرين حمارا.. عشرين حمارا... وكلما أقبل عليه فضولي ليرى ألقى به في الحفرة واستأنف: 21 حمارا حتى تخلص من فضوليي القرية، فيما الأسوياء كانوا يمرون غير آبهين كون كلامه لا يعنيهم، والذين اشتروا كتبه المعنونة الغلاف الفارغة المحتوى واستاءوا منها كانوا فضوليين وقشوريين، لشرائهم لمجرد الشراء دون نظر وتمعن، وكانوا شوفونيين أكثر من اللازم وهم يستأذنون البائع في فض النسخ المغلفة، والمستقر في عرف أشهر المكتبات في الخارج والداخل أن من حق الزبون أن يطالع الكتاب ويتصفحه قبل اقتنائه، بل ويفتض غلافه إذا كان مختوما دون استئذان، لأن الاستئذان في تلك المواطن أدب سامج أشبه بمن يستأذن حليلته ليلاطفها بوضع يده بيدها، ولهذه الغاية عمدت المكتبات المرموقة إلى وضع المقاعد بأروقتها وممراتها لتصفح معروضاتها، لأن الكتاب ليس قطعة شوكلاته تتلف بفتحها وتركها.

وعليه فقد كان الأولى بالغاضبين أن يسخطوا على غفلتهم وسذاجتهم لا على من افترضوا أنه خادعهم، لأن قرار الشراء كان قرارهم، وما من أحد حملهم على اقتناء هذا الكتاب أو ذاك، أما فيما يتعلق بفكرة هذا النوع من التآليف الفارغة المحتوى التي سبق إليها البرفيسور شيردان سيمون فلا أراها مجدية، وإن كان هدفها تبئير الرؤية نحو مكنونات العنوان واستجلاء مضامينه، ومن وجهة نظر حقوقية أرى أن من (دلخ) واشترى الكتاب فله حق إعادته، كون الكتاب/ السلعة مشوباً بعيب المضمون خلافا لما جرا به العرف المعتبر في سوق الكتاب، وفيما عدا ذلك يظل تركي محظوظا كون كتابه القنبلة انفجر في معرض الدوحة للكتاب، حيث تقطرنت الأرستقراطية شعبيا حتى بات العشرون ريالا (ثمن النسخة) كالريالين عندنا، ولو انفجر في معرض القاهرة مثلا وطالت شظاياه الكثيرين لحصل ما لا تحمد عقباه!

الدمام

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة