Culture Magazine Thursday  30/06/2011 G Issue 348
الثالثة
الخميس 28 ,رجب 1432   العدد  348
 
«المجلة الثقافية» تكرم عشرات الشخصيات في حياتهم
الملفات وإمضاء وأمسيات الوفاء تحتفي بأكثر من مئة وستين مثقفا ومثقفة
-

الثقافية - عطية الخبراني

لعله منهج تميزت به ونتمنى ألا يقف عندها؛ فقد اعتدنا تظاهرات الرثاء حين لا يصل الميت سوى الدعاء، أما الحي فقلما اهتمت الوسائط الإعلامية المقروءة به؛ تاركة المهمة لمهرجان ومنتديات وأمسيات محدودة بجهود فردية ومؤسسية ومتناثرة، وقد سعت الجزيرة الصحيفة ووليدتها الثقافية لخط منهج ذي رؤية ورسالة لتكريم الأحياء وقدمت - عبر تكامل إصدار الملفات الثقافية المتخصصة وزاوية «إمضاء» كلماتٍ غير عابرة لمجموعة من كبار مفكرينا ومثقفينا «من الرجال والنساء» عبر أعمال متصلة تقرأ وتستقرئ، وتكتب وتستكتب، وتقول وتنادي، وتحفز المثقف المكرَّم ومؤسسات التكريم على جعل ذلك منهجًا، ولم تكتفِ بذلك بل عقدت «الجزيرة» برعاية ومتابعة من الأستاذ خالد المالك رئيس التحرير لعقد شراكة إستراتيجية مع النادي الأدبي بالرياض لإقامة أمسيات الوفاء بالتفاهم والتعاون مع الدكتور عبدالله الوشمي، وعبر إصدارات الجزيرة الثقافية؛ ما مضى وما سيأتي، ولعل المؤسسة الثقافية المتمثلة في وكالة الشؤون الثقافية وكذا مهرجان الجنادرية يتبنيان شكلاً رسميا للتكريم يستعيد جائزة الدولة التقديرية والجوائز التشجيعية وشخصيات «لا شخصية» العام الثقافية لتنطلق منها بنية التكريم بصورة منتظمة لا منَّ فيها ولا تزاحم ولا وجاهة ولا توجيهات.

ومن بين طوابير العرف السائد والبائد الذي تشير المؤشرات على أنه سيبقى،تأتي الجزيرة الثقافية محملة بوهج الرسالة وصدق المضمون،عابقة بالوفاء ومطرزة بأكاليل نخبة مروا عليها،فبنوها لحظة بلحظة،وحرفاً بحرف،حتى أصبحت هذه المجلة التي ينتظرها محبوها فجر كل خميس من كل أسبوع.

ربما كانت الجزيرة وظلت على الدوام من أبرز من حمل رسالة الوفاء لمن يستحق حين تحملت عبء التعريف بأسماء توارت عن الضوء وابتعدت عنه رغبة منها،وزهداً فيما لا طائل منها بحسب رؤيتها،لكن «الثقافية» فعلت ما فعلت ليأخذ المستحق حقه،ولتبقى الريادة لأصحابها،والصفوف الأولى لمن بنى وأسس وثابر واجتهد ليصنع عالماً من الفكر والثقافة والكلمة الواقفة على ناصية المعنى والمليئة به.

لم تكن الجزيرة تتبع النمط السائد في تكريم الأموات،بل اختطت الخط الذي يليق بها وبالرسالة التي تستقي منها مهنيتها،في تكريم الأحياء وهم ما زالوا ملء السمع والبصر،وبإمكانهم أن يروا ما قدموه ماثلاً فيما يكتبه الآخرون عنهم،فأصدرت قرابة الثمانين ملفاً تكريمياً احتفائياً بالعديد من الأسماء البارزة على اتساع خريطة هذا الوطن الغالي،وامتدت لتصل إلى عالمنا العربي،فمن محمود درويش إلى غازي القصيبي ومروراً بعبدالله الغذامي وليس انتهاء بفوزية أبو خالد،وهي إنما تفعل ذلك لأنها تؤمن بفاعليتها في محيطها،وتراهن على مصداقيتها عند قارئها.

إن الجزيرة حين تنبري لتكريم المبدعين الأحياء فهي بذلك تؤسس لعمل ممنهج وقائم على هدف ورسالة وإيمان مطلق بأهمية هذا الفعل تجاه مكرميها ومن يحبونهم،فليس أجمل نشوةً ولذةً من أن يرى المبدع نفسه في أعين من عاصروه وجايلوه وأحبوه وهو ما زال حياً.

لم تكتف الجزيرة الثقافية بإصدار ملفاتها التكريمية فحسب،بل كانت وستظل تفرد مساحة في إحدى أهم صفحاتها لعمود ثابت يكتبه مدير تحرير الثقافية الدكتور إبراهيم التركي والموسوم بـ»إمضاء» حيث كتب الدكتور التركي في إمضائه الثابت منذ سنوات عن قرابة الثمانين شخصية متنوعة بين ثقافية وأدبية وفكرية واجتماعية ودينية أيضاً،وكان يحرص بالغ الحرص على التنوع المناطقي لكافة أبناء هذا البلد الغالي من المستحقين للكتابة عنهم،فمن سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم في شقراء،إلى الوزير محمد بن أحمد الرشيد في المجمعة،إلى الطائف عن عثمان محمود الصيني،وعلوي طه الصافي من جازان،مروراً بجميل بن إبراهيم الحجيلان من بريدة، وفاطمة الوهيبي من الرياض،وغيرهم كثير ممن كانت منهجية إمضاء تسير على الكتابة عنهم ممن استحقوا أن يعرفهم الناس جهداً وعلماً وبحثاً.

لم تكن إمضاء -وذاك بشهادة من تابعها وقرأها- تتحيز لأحد ضد أحد فكما كتبت عن محمد سعيد طيب فهي كتبت عن سلمان العودة،وكما كتبت عن عبدالرحمن الرفاعي من جازان،فقد كتبت عن عاشق الهذال من حائل،وأحمد البدلي من مكة.

ومن أبرز ما أصدرته الجزيرة الثقافية أيضاً كتابان مهمان عن شخصيتين لهما باع في مشهدنا السعودي والعربي وهما مؤسس الكيان الذي نطل عليه اليوم منكم شامخاً «الجزيرة» المرحوم الراحل عبدالله بن خميس،والأديب الوزير والشاعر غازي القصيبي «الاستثناء».

في خضم كل ذلك لم تنس الجزيرة وهي تكرم الأحياء أن يبقى التكريم شمولياً للرجال والنساء فكرمت بين الملفات المستقلة والكتابة في زاوية «إمضاء» العديد من الأسماء النسائية اللامعة على مستوى وطننا السعودي وعالمنا العربي،مثل لطيفة الشعلان،ونورة الشملان،والسيدة فيروز والرحابنة،وفوزية أبو خالد،وخيرية السقاف،لتثبت أن التكريم لا يقتصر على المبدع من جنس واحد،فالآخر يجمله ويكمله إبداعاً وجمالاً وفعلاً حقيقياً يستحق الإشادة.

31-


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة