الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th November,2006 العدد : 177

الأثنين 29 ,شوال 1427

الناقد المتعدّد الذي فتنته المعرفة
د. فيصل درّاج

يمثل د. جابر عصفور حالة فريدة ل (الناقد المتعدّد)، الذي يضيء نصاً حديثاً بنص قديم، ويحاور حقلاً معرفياً محدّداً بحقل معرفي مجاور له، ويطوّر ثقافة متميزة بثقافة كونية، ويسائل النص النظري بقضايا غير نظرية. وإذا كان في التعدّد ما يستدعي الموسوعية، أو ما هو قريب منها، فإنّ فيه ما يعبّر عن تصوّر ديمقراطي للعالم، يفتح الأسئلة المختلفة على بعضها، ويرفض المرتبية النظرية، التي تضع لوناً معرفياً فوق آخر. كأنّ في هذا التصوّر ما يعيّن المساواة مبدأ للوجود، إذ لكل ما هو نظري موقعه ووظيفته، وإذ لكل المواقع، داخل النص وخارجه حق في الوجود لا يمنعه آخر. ولعلّ هذه التعدّدية هي التي تجعل من (البيْنية) مفهوماً أثيراً عنده، يشرح به تقدّم النظريات الأدبية ويؤكّده، ضمنياً، مرجعاً للتقدّم الاجتماعي. فلا وجود للعنصر المنعزل المكتفي بذاته، ولا وجود للنص الذي يُشرح بذاته، لأنّ العنصر لا يكتمل إلاّ بغيره، مثلما لا يستضيء النص إلاّ بجوار مع نص آخر.
يقول عصفور في كتابه (نظريات معاصرة)، متحدّثاً عن المعرفة المعاصرة : (والبيْنية صفة جديدة من صفات هذه المعرفة التي لا تكف عن التراكم، خصوصاً فيما تضيفه يوماً بعد يوم من كشف عن مناطق معرفية واعدة في تجاوب علاقات الدوائر التي ظلّت على عزلتها لوقت طويل...). التراكم والاكتشاف والخروج من العزلة عناصر ثلاث جوهرية لا تستوي حياة النظرية من دونها، لأنّ في التراكم ما يحتقب النقد الذاتي والانتقال من طور معرفي إلى آخر، وفي الاكتشاف ما يصحّح معلوماً بقبول مكتشَف، مثلما أنّ في الخروج من العزلة ما يقوّض بداهات متوارثة وقارّة في توارثها. والتعدّد في هذا كلّه هو الاختلاف، الذي يجعل د. عصفور يقرأ طه حسين بمنهج من لوسيان جولدمان، والتعدّد في هذا كلّه هو التنوّع الذي يجعل من عصفور حجّة في الشعر العربي وفي النظريات النقدية الحديثة، وهو إلى جانب هذا وذاك الحوار الذاتي - النقدي، الذي يصوّب معرفة موروثة بمعرفة وافدة.
تفضي صفات التعدّد والتنوّع والتراكم والحوار إلى صفة جوهرية لا لبس فيها عنوانها الأكبر هو: الحداثة. تقوم هذه الأخيرة على جدل الفرد والانفصال، إذ الفرد انتماء إلى الجماعة وانفصال عنها، وإذا الفرد عقل فاعل يصوغ أسئلته ويتجاوزها، في اتجاه جديد لم يكتشف بعد. شيء قريب ممّا قاله طه حسين في كتابه (الأيام)، وهو يذهب من قرية (يحرسها مشايخ الطريق) إلى جامعة حديثة لا موقع فيها للتلقين والاستظهار، وشيء قريب من مسار جابر عصفور، هذا الناقد النبيه الذي خلّف وراءه (فولكلور الثقافة) وانفتح على جامعات العالم. يقول عصفور في مفتتح (نظريات معاصرة): (أحسب أن السمة الحاسمة التي تكشف عن أهم ما يتميّز به النقد الأدبي المعاصر، في ممارساته العالمية، هي أنّه نقد لا يكفّ عن مساءلة ذاته في فعل مساءلة موضوعة، ولا تناقص حدّة وعيه بحضوره النوعي بل تتزايد يوماً بعد يوم،...).
إنّ مساءلة الذات، التي لا تكفّ عن التوالد، هي التي استولدت التنوّع النظري المدهش في مسار عصفور، الذي يحتقب القديم والجديد والأدبي والنظري والقومي والوافد، وذلك الفضول المدقّق في مساوقة الجديد بشكل جديد. ولهذا ينطوي هذا المسار على عنصرين متلازمين: الاختصاص والتهذيب المتجدّد للاختصاص، الذي يعطف جاك دريدا على قدامة بن جعفر، وتصوّر العالم، بلغة لوسيان جولدمان، الذي يحيل على فضول معرفي ديمقراطي وتعامل ديمقراطي مع المعرفة معبّراً، في نهاية المآل، عن نزعة ثقافية إنسانية ترفض الجدران المغلقة، وتقول بما يسهم في بناء فضاء ثقافي فسيح.
بدأ جابر عصفور، الذي دخل التعليم الجامعي طالباً متفوّقاً، بالموروث الأدبي العربي، فعرف شعره ونظريات الشعر فيه، وعرفه في وجوهه الفقيرة والثرية، متوّجاً بحثه بكتابين هما (الصورة الفنيّة) و(مفهوم الشعر)، قبل أن يصل لاحقاً إلى كتاب ثالث هو : (قراءة التراث النقدي). كان في (مفتتح) حياته العلمية، و(مفتتح) من كلماته الأثيرة، يرضي توقه إلى ما يدعى ب (الأدب)، ويكتشف الأدب في (ديوان العرب)، إذ الشعر هو النص - الأصل، بلغة أدونيس، وإذ في النص - الأصل ما يعلّم العربية السليمة و(يقتل) تفاصيل اللغة بحثاً. وكان، ربما، (يتعلّم)، كما شاءت له الجامعة أن يتعلّم، قبل أن (يقرأ)، ويعيّن ذاته تلميذاً نجيباً وأستاذاً حديثاً، أو أستاذاً نجيباً وتلميذاً حديثاً. وما الفرق بين التلميذ والتلميذ الحديث الذي أصبح أستاذاً إلاّ الفرق بين الذات المطمئنة الراضية وذات مغايرة تسائل ذاتها وتعيد التساؤل، كي تكون قريبة من مثال معرفي تاقت له روح التلميذ الريفي ذات مرّة. لا غرابة، بعد أن (استقر) عصفور الشاب في علمه أن يقلق هذا الاستقرار، وأن يتأمّل أطيافاً، زارته أكثر من مرّة، ذ اهباً إلى طه حسين، كي يعيد تفكيكه وتركيبه بمنهج جديد في كتاب لامع عنوانه (المرايا المتجاورة)، حيث السيد العميد يكون في النظر النقدي غير ما يكونه في النظر التطبيقي، ويكون علمياً وصارم العلمية في مكان ويكون انطباعياً وذاتياً في مكان آخر، كما لو كان قد جزأ ذاته إلى مقولات متعددة تتراصف، أنيقة، ولا تصل إلى وحدة أخيرة.
في كتاب (المرايا المتجاورة) ما يشي بدلالات متعددة: إنّه عودة إلى صورة المتعلّم - المثال، الريفي الأعمى الذي شاء أن يردّ إلى (المبصرين) نظرهم، وهو وراثة المنهج النقدي وتجديد الموروث، فلكل نقد زمان، وهو طموح إلى تحقيق حوار واسع متأخر بين الأستاذ والتلميذ، وهو فوق هذا وذاك التصريح ب (أنا) تريد أن تكون مغايرة، وتريد أن تغاير من رأت فيه، ذات مرّة، أستاذاً ومعلّماً ومرشداً. وسواء أصاب عصفور في كتابه، أم جانبه الصواب ولو بقدر، فقد كان في كتابه النقدي إنجاز غير مسبوق، وذلك لسببين: التملّك المعرفي لمنهج نقدي خصيب وجديد هو منهج البنيوية التكوينية، كما شاء البعض، أو البنوية التوليدية، كما شاء بعض آخر . وتطبيق المنهج تطبيقاً واسعاً، بعيد عن الاجتهادات الفقيرة والمجزوءة. فقد جرت العادة أن يحتفي بعض النقّاد العرب بالوافد النقدي احتفاء متلعثماً، يردّد المفاهيم ولا يحسن تطبيقها، خلافاً لما أنجزه عصفور، الذي ترجم من المنهج الذي اختاره، شيئاً، ووعاه وأحسن وعيه ثم قام بتطبيقه على (موضوع عربي) معطياً درساً رشيداً فيما دعي، ذات مرّة، ب (التميّز والكونية)، أي تحويل المعرفة المستوردة إلى معرفة وطنية بواسطة تطبيقها على (موضوع وطني) إن جاز التعبير. كان عصفور في منهجه الجديد يُرهّن الموروث، ربما، إن لم تكن معرفته العميقة بالموروث هي التي أخبرته بحدوده، ذلك أنّ الحديث عن الموروث يأمر بمعرفته وبالسياق الذي أنتجه. بيد أنّ عصفور، الذي انتقل من الأصيل إلى الوافد، بلغة هشّة القوام، كان يبرهن في انتقاله عن حريّة في الرأي وعن حرية عارفة وعن دعوة إلى الحريّة، لا تستقيم إلاّ بالمقارنة وبالاعتراف التراكم المعرفي الإنساني، الذي لا يقبل ب (خصوصية مغلقة)، ولا يخلط بين الحدود الجغرافية والمقولات النظرية.
ولعلّ النزوع المتجدّد إلى المعرفة، كما الاعتراف بتراكمها وجوهرها الإنساني، هو الذي جعل من عصفور رائداً في التعريف بالنظريات النقدية الأدبية الحديثة. فقد عرّف بالمنهج الماركسي مترجماً الإنجليزي (تيري إيجلتن)، قبل أن يترجم كتاب رامان سلدن: (النظرية الأدبية المعاصرة)، معرّفاً بالشكلية والنقد النسائي ومدارس نقدية أخرى. وعلى الرغم من كلام عربي لا تنقصه الركاكة ولا يعوزه الترهّل عن البنيوية، فقد أعطى عصفور، في هذا المجال، ما لم يعطه غيره، شارحاً أفكار البنيويين معرّباً مصطلحاتهم ومسهباً في الحديث عن (فتنة البنيوية)، إلى أن أدرك بعض وجوه النقض فيها وذهب، كما فعل غيره، إلى مهاد نظرية جديدة. لم يكن عصفور في جهده المتناتج مستظهراً ومسلِّعاً للاستظهار، بل شاء، وهو الأستاذ الجامعي المسؤول، أن يقوم بأمرين: أن يقدّم للعاملين في النقد الأدبي مادة علمية عليهم أن ينظروا إليها بجدّية، قبلوا بها أو أعرضوا عنها، وأن يؤسّس منظوره النقدي الذاتي على معارف متكاملة، تصوّب القديم بالجديد، وتحتضن الجديد في لحظة وتصوّبه في لحظة لاحقة، في انتظار جديد ينتظره تصويب أكيد. يقول عصفور وهو يقدّم كتاب (سلدن) : (إنّ الأيام القديمة السعيدة التي كان الناقد يكتفي فيها بقشور من هنا أو هناك قد انتهت إلى الأبد). يقصد (الناقد المتعدّد) بماقاله أمرين : رفض قشور المعرفة والذهاب إلى لبابها، وتأكيد المعرفة المتجدّدة جهداً ولهاثاً وكدحاً، بعيداً عن عقول راقدة راكدة، وبعيدة أكثر عن تعالم بليد، يعرف من القديم سطحه، ويعرف من الجديد من قشوره. كأن في مسار عصفور ما يقول : إنّ المعرفة هي الإنسان الباحث عن المعرفة، وإنّ المعرفة لا وجود لها إلاّ بصيغة الجمع القلق، الذي يسائل الأدب بالفلسفة، ويحاور الفلسفة الأدبية، إن صح القول، بالمناهج اللغوية، ويفتح النظرية على التطبيق، ويستولد من التطبيق ما يصحّح النظر ويفضي إلى نظرية تنقضها نظرية لاحقة.
حداثة التنوّع وتنوّع الحداثة، عنصران استقر فيهما منهج جابر عصفور ولم يستقر، لأنّ في الحداثة ما ينهي عن الاستقرار. اعتماداً على هذا التنوّع، الذي يقبل بالاختلاف ويدعو إليه، درس عصفور النقد الأدبي العربي القديم دراسة ناقدة، وقرأ الشعر العربي الحديث في طوره (الإحيائي)، وقرأ الشعر العربي الحديث، الذي بدأ مع السياب ونازك الملائكة ونزار قبّاني وأدونيس، واصلاً إلى ملاحظاته اللامعة عن شعر صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي وأمل دنقل وغيرهم الكثير. بدا، في ما قام به ناقداً في الشعر وناقداً للشعر، وكان عليه، وهو الذي يشتق الكتابة من زمنها، أن يصل إلى حقل الرواية وأن يضع كت ابه عن (زمن الرواية)، الذي كان يشير إلى جنس كتابي محدّد وإلى زمن راهن جعل هذا الجنس مسيطراً، بعد أن تراجع (زمن الشعر) إلى الوراء، دون أن يقع، لزوماً، في الأفول. ومثلما أعطى إنارة للشعر قدّم نقداً في الرواية، احتضن إدوار الخرّاط وخيري الشلبي ومحمد البساطي وغيرهم، إضافة إلى كتاب قرأ في الرواية ديمقراطيتها عنونه : (الأدب في مواجهة الإرهاب) عالج فيه بعض أعمال الجزائري الطاهر وطّار وعبدالحكيم قاسم ويوسف إدريس والسوري المسرحي سعدالله ونّوس، وغيرهم. والكتاب، كما يوحي عنوانه، يقرأ الرواية في الديمقراطية والديمقراطية في الفضاء الروائي، كي يصل إلى دفاع عن الديمقراطية والتنديد بما هو نقيض لها. وإذ كان في قراءة عصفور ما يشرح أصول التعصّب وآثاره المدمّرة، فإنّ فيه ما يصل بين الفضاء الديمقراطي والبنية الروائية، ذلك أنّ الرواية، وهي جنس أدبي حواري لا تولد ولا تتطوّر ولا تنمو إلاّ في مجتمع تعدّدي، تترجمه الرواية، على طريقتها، بتعدّدية في اللغة والشخصيات وإمكانيات التأويل. يصبح (زمن الرواية)، بهذا المعنى، هو (زمن الديمقراطية)، زمن المجتمع المفتوح والحوار المفتوح والمعارف المتأبيّة على قول أخير.
يبدو جابر عصفور، في الحالات كلّها، عقلاً نقدياً تنويرياً فسيح الأرجاء، يشرح (ابن قتيبة) ويحسن شرحه، ويسهم بمداخلة لامعة عن محمد مندور، ويحاور ما جاء من أفكار جاك دريدا وإدوار سعيد وجوناثان كولر،.... إنّه الناقد الشارح، الذي يعرف لغة الموضوع الذي يعالجه وينتج لذاته لغة خاصة به، تحتاج بدورها إلى ناقد شارح آخر، يرى في جهد عصفور النقدي موضوعاً له. أو أنّه الناقد الذي يلتمس معرفة تشرح ما يريد، ويعود ويشرحها إلى غيره كي يذهب إلى موضوعه متسلّحاً بالوضوح. وربما تكون (إقامته) في مجلّة (فصول) صورة عن مستويات اللغة الشارحة)، بمعنى ما، إذ للنقد الأدبي مفاهيمه، وإذ للمواضيع التي يعالجها النقد مقولاتها، وإذ النظرية الأدبية هي الحوار المتوتّر بين أدبية النصوص والمفاهيم التي تحاول (القبض) على أدبيّتها. ولعلّ (فتنة الشرح)، إن جاز القول، هي التي نصّبت (فصول)، ولسنوات طويلة، مرجعاً للعاملين في النقد الأدبي، ذلك أنّها جمعت بين التنظير وترجمة النظريات وتطبيق النظر على المنتوج الإبداعي.
ارتكن عصفور إلى الحداثة، مارسها كتابة ونظراً ودافع عنها قدر ما استطاع. وربما يشكّل كتابه (هوامش على دفتر التنوير) مساهمة متميّزة في هذا المجال، فقد شرح الأفكار التنويرية، التي قال بها محمد عبده وطه حسين وعلي عبدالرازق ولمس ما هوجديد فيها. لكنّه لم يكتفِ بالقراءة، مهجوساً ب (التهافت الداخلي للنص التنويري) كما يفعل بعض المتعاملين، بل بحث عن الأسباب الموضوعية التي أجهضت النص التنويري المفتوح، مشيراً إلى ما لقيه طه حسين من عنت وترهيب وتكفير، وإلى ما اصطدم به علي عبدالرازق من عقول، وصولاً إلى زمن (دولة الاستقلال)، التي ساوت بين النقد والتخوين، قبل أن تساوي استطالاتها بين إعمال الفكر والتكفير. وواقع الأمر أنّ النص التنويري، كما رآه جابر عصفور وغيره من أنصار الاستنارة، كان نصّاًمفتوحاً، تكمله السيرورة الاجتماعية في فضاء ديمقراطي متحاور، لا (الاتساق النظري) المزعوم، الذي يعتقد أنّ اتساق النص يفضي إلى انتصاره . لن تكون حداثة عصفور، بهذا المعنى، إلاّ ذاك (المتخيّل الليبرالي)، الذي يرى إلى فرد اعتنق مبادئ العقل والعقلانية، وإلى مجتمع هو جملة من العلاقات المتحاورة، وإلى إبداع بصيغة الجمع، يحقّقه عقل جماعي مركب، يكون أثراً لعقول متعدّدة متحاورة.
التعدّد هو الانطلاق من معرفة نسبية نحو أخرى لا تكتمل، وهو الحوار بين عقول مختلفة تتبادل الاعتراف، وهو الطريق إلى بناء نظرية تنهدم حين اكتمالها، وهو السبيل الجميل البهيّ إلى مدرسة يكون التلميذ فيها استاذاً والاستاذ تلميذاً،... في هذا كلّه يهجس، ربما، الناقد المتعدد جابر عصفور في ساعات الصفاء الراضية، البعيدة عن شواغل الحياة المخادعة والقاتلة معاً.
...........................................فلسطين
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved