الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th November,2006 العدد : 177

الأثنين 29 ,شوال 1427

(مجتمع محافظ) ليست واجهة تراثية بل من صميم الواقع
خليل الفزيع: مقتضيات التحديث أو الإصلاح نابعة من حاجة المجتمع ومنسجمة مع طموحات أبنائه

* حوار - عبدالله السمطي:
يرى الكاتب والإعلامي خليل الفزيع أن القناعات التي تعيش في أذهان الكثيرين من أفراد هذا المجتمع كفيلة بأن تحميهم من أي تأثيرات سلبية، أما كيف يكون هذا التأثير فهذا أمر يتحدد وفق ثقافة الفرد، ومدى تقبله لهذا التأثير، وفي جوانب محددة وليس كل الجوانب.
وهو يقرأ التحولات الحادثة في المجتمع السعودي بوصفها نابعة من حاجة المجتمع السعودي نفسه، كما يؤكد أن المحافظة لا تقف عائقا تجاه التطور فنحن مجتمع محافظ لكن لم تمنعه هذه الصفة من معانقة أحلام التقدم والازدهار والمشاركة في صنع الغد الأفضل للعالم، كما يدعو إلى إنشاء مؤسسات مدنية جديدة، كما يذكر أن مجتمعنا ما زال بحاجة إلى الكثير من مؤسسات المجتمع المدني
وقد تنوعت طروحات الفزيع في هذا الحوار الذي نواصل فيه الكشف عن رؤية النخب السعودية لهذه التحولات غير المسبوقة، وإلى نص الحوار:
- شهدت المملكة في السنوات الأخيرة جملة من التحولات والإصلاحات المدنية: الحوار الوطني - حقوق الإنسان - الانتخابات البلدية - هل انعكست هذه التحولات على ثقافة المجتمع السعودي أم ما زالت في طور التمثل والاستيعاب؟
* في تصوري أن هذه المعطيات لا تزال في دور التمثل والاستيعاب بالنسبة لقطاع كبير من المجتمع السعودي، وخاصة (التقليديين) إن صح التعبير، الذين يرون في هذه المعطيات تجاوزا لما ألفوه واعتادوا عليه، وأي عملية للتغيير في الفكر السائد لا بد له من زمن، لكن ما يدعو إلى التفاؤل هو التفهم التام لكل هذه التحولات التي أخذت بمبدأ التحديث، مع المحافظة على الثوابت الدينية والهوية الوطنية، خاصة أن مقتضيات التحديث أو الإصلاح نابعة من حاجة المجتمع، ومنسجمة مع طموحات أبنائه، فليس ثمة تناقض بين أفراد المجتمع وطموحات التحديث، أو الإصلاح كما يجب أن يسمى.
- هذه التحولات نتجت بشكل مباشر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وبشكل سريع، هل كانت هذه التحولات كامنة بالقوة لدى المجتمع السعودي وكانت تنتظر الفعل أو الحدث لخروجها؟
* لست مع ربط هذه التحولات بأحداث سبتمبر بشكل مباشر، فهي تأتي ضمن احتياجات مجتمع يتطلع لتحقيق طموحاته في الإصلاح، ربما لفتت تلك الأحداث النظر لإعادة الحسابات في بعض الأمور، لكنها على كل حال لم تكن السبب المباشر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تلك الأحداث أثرت على العالم بصفة عامة، لما ترتب عليها من سياسات أمريكية تحملت نتائجها السلبية معظم دول العالم، والمجتمع السعودي ليس في عزلة عما يجري حوله من أحداث سياسية أو اقتصادية مؤثرة، فهو جزء من هذا العالم المتغير.
- كيف تؤثر هذه التحولات على المجال الثقافي والإعلامي الذي تترى نشاطاتك خلاله؟
* المجالات الثقافية والتعليمية هي جزء من منظومة مؤسسات المجتمع، الرسمية منها وغير الرسمية، فلا بد للأحداث الكبرى من أن تلقي بشيء من ظلالها على كل المجالات بما فيها الثقافية والتعليمية، ومع ذلك فإن القناعات التي تعيش في أذهان الكثيرين من أفراد هذا المجتمع كفيلة بأن تحميهم من أي تأثيرات سلبية، أما كيف يكون هذا التأثير فهذا أمر يتحدد وفق ثقافة الفرد، ومدى تقبله لهذا التأثير، وفي جوانب محددة وليس كل الجوانب.
- على الرغم من أن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات استخداما لوسائل الاتصال، أو أكثر المجتمعات العربية تطورا في حركة المال والاقتصاد، ويمتلك آلة إعلامية ضخمة فضائية وصحفية، وأكثر المجتمعات العربية سفرا وترحالا لدول العالم.. لماذا يراد له أن يوصف بأنه مجتمع محافظ؟ هل ترى أن كلمة محافظ تناسب مجتمعا بهذه الصورة أم هي واجهة تراثية لا بد منها؟
* المحافظة لا تتنافى مع استخدام وسائل الاتصال والتطور في مجال المال والاقتصاد أو امتلاك آلة إعلامية ضخمة، أو السفر والترحال، فكل هذه الأنشطة تمارسها كل الشعوب وإن كانت بنسب متفاوتة، والمحافظون يوجدون في كل مجتمع مع تعدد منطلقاتهم وأهدافهم، فنحن مجتمع محافظ لكن لم تمنعه هذه الصفة من معانقة أحلام التقدم والازدهار والمشاركة في صنع الغد الأفضل للعالم، وهذه الصفة ليست واجهة تراثية بل هي من صميم الواقع، لكنها على كل حال لا تمنع من التطور، بل قد تكون أحد حوافزه للتخلي عن سلبيات كثيرة معروفة لدى الجميع.
- ما زالت قضايا المرأة السعودية يتم تداولها بشكل أو بآخر حتى إنها تصبح بمثابة الموضة الإعلامية، تظهر في وقت، وتختفي في وقت آخر.. ما هي بالضبط أبرز القضايا التي تهم المرأة السعودية من وجهة نظرك، وأنت تعيش في منطقة منفتحة نسبيا، بالمقارنة مع مناطق المملكة الأخرى؟
* أبرز قضايا المرأة من وجهة نظري هي رغبتها في الخروج إلى ميدان العمل، فهي ترى نفسها قادرة على الإسهام في الحراك التنموي في المجتمع، وإذا تحققت لها الفرص الوظيفية المناسبة، فذلك سيصرفها عن التفكير في أمور كثيرة لا تزال تنشغل بها، بعضها بحكم القناعات الشخصية، وبعضها بحكم الفراغ الذي تفرزه العزوبية، وعدم الانشغال بهموم الأسرة والزوج والأولاد، طبعا ليس الزواج وحده هو ما يشغل المرأة فهناك نساء متزوجات ويرغبن في الحصول على حقوق مشروعة تكرس دورها في البناء المجتمعي والوطني والتنموي الشامل.
- كيف تقيم حتى الآن التجارب الإصلاحية في البلاد: حقوق الإنسان، مركز الحوار الوطني، توحيد التعليم، إنشاء وزارة الثقافة والإعلام، هيئة الصحفيين، هيئة الناشرين... إلى آخر مؤسسات المجتمع المدني؟
* التجارب الإصلاحية ناجحة في مقياسها الزمني، وهي تحتاج إلى وقت أطول لتبرز نتائجها الإيجابية بشكل واضح، وكما يقال فإن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، ومن منظور واقعي يمكن القول إن هذه الإصلاحات قد أزالت بعض الغشاوة عن بعض العيون، لتدرك أن قطار الإصلاح المتوازن قد بدأ ولا يمكن إيقافه، ولا يعيبه أن يبدأ متأنيا وبخطوات واثقة، لأن القفز على الواقع قد يؤدي إلى سقطات لا تحمد عقباها.
- ما هي المؤسسة المدنية التي تتمنى إنشاءها لتخدم توجهات المجتمع السعودي المستقبلية أو المملكة بوجه عام؟
* تنشأ المؤسسات وفق احتياجات المجتمع، ومجتمعنا ما زال بحاجة إلى الكثير من مؤسسات المجتمع المدني، وكما هو واضح فإن مجتمعنا يسير في هذا الاتجاه بثقة تامة، وبإيمان عميق بعظم المسؤولية، وسيأتي اليوم الذي تتحقق فيه كل أحلام المواطنين في استكمال مؤسسات المجتمع المدني لتعمل جنبا إلى جنب مع المؤسسات الرسمية لخدمة هذا الوطن ومواطنيه.
- المجتمع السعودي له هويته وثقافته المثالية المحافظة كما يبدو وكما يراد له أن يكون، فلماذا توجد دائما أزمة ثقة في انفتاحه واختلاطه؟
* لا أعتقد أن هناك أزمة ثقة في انفتاحه واختلاطه، فالانفتاح يرتبط بالحرية الفردية، وليس هناك ما يدعو إلى تصور خاطئ عن رفض الانفتاح، صحيح أن هناك محاذير لا يمكن إغفالها في هذه المجال، لكنها محاذير سيتجاوزها الزمن في يوم من الأيام، حتى يتمكن المواطن والمواطنة من أخذ زمام المبادرة في كثير من الأمور التي تحتاج إلى المشاركة في اتخاذ القرار.
- كيف يمكن تغيير الصورة النمطية (السلبية أحيانا) عن المملكة في الدول الغربية؟
* لإزالة وتغيير الصورة النمطية عن المملكة في الغرب لا بد من مساهمة القنوات الفضائية في ذلك، وبلغات موجهة للشعوب الأخرى، وإعلامنا موجه إلينا وهذا لن يخدم هذه القضية، ما دام يتحدث بلغتنا التي لا يفهمها الآخر، ثم إن مثقفينا - كل بأدواته الخاصة - عليهم الإسهام في إزالة التصورات الخاطئة التي تعمي أبصار بعض الغربيين عن معرفة الواقع، والشعور بأن هذه مسؤولية وطنية، كفيل بأن يدفع الجميع إلى القيام بأدوارهم في هذا المجال، كل من موقع عمله وحسب إمكانيات، وعلينا أن نعترف أن هناك إعلاما غربيا موجها همه الأول والأخير تكريس تلك الصورة النمطية عن المملكة، وهذه الحقيقة لا بد أن تكون حاضرة في أذهاننا عند التفكير في معالجة هذه القضية.
? كيف ترى مستقبل الحياة السعودية والمجتمع السعودي في ظل التحولات المدنية الجارية حاليا المحلية والعربية والإقليمية؟
* لا يمكن إلا أن نتفاءل بمستقبل الحياة السعودية، فكل المؤشرات تقول إن الحاضر أفضل من الماضي، وإن المستقبل سيكون - بإذن الله - أفضل من الحاضر، وهذه سنة الحياة التي لا يمكن أن نجد لها تبديلا، فالحياة في تطور، والمجتمع السعودي يتفهم هذا التطور، ويشارك فيه، لأنه المستفيد الوحيد من مكاسبه وإنجازاته، وهي مكاسب وإنجازات أسهم المواطن في وجودها على خارطة الوطن، ولن يتخلى عنها مهما كانت الظروف، وفي ظل الوفاء الذي يجمع المواطنين والمسؤولين على صعيد الخير، يمكن أن يكون الآتي أفضل وأجمل وأروع، إن شاء الله.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved