إن سلمى الخضراء الجيوسي من أرفع الشخصيات الأدبية في زمننا، وهي في جوهرها - شخصية نهضوية (أي أنها تنتمي إلى نوع الشخصية الأدبية في عصر النهضة الأوروبية) مجدة، نشطة، خلاقة، وملتزمة التزاماً قوياً بالدور الإشعاعي للأدب العربي.
كنت قد سمعت عنها منذ سنوات كثيرة، ثم كان لي حسن الحظ في العمل معها في عدد من المناسبات، وإن تكريسها للثقافة العربية يجعل منها إحدى دعاتها الرئيسيين، ولذا فقد كان هدفها هو أن تضمن لهذه الثقافة حضوراً إنسانياً على صعيد عالمي وأن تجعل لقيمها الشمولية شيوعاً أصيلاً. وإذا هبت غاضبة من أولئك الذين حاولوا إرخاص قيمة التعبير العربي البليغ، وأشكاله الرائعة، وتشويه صورة (الثقافة العربية) وحقيقتها، فقد اقتحمت جمود البيروقراطية وتذرر السياسيين وراحت تنشر وتخلد أهم الإنتاج الفكري في التاريخ العربي.
وعندما دقت ناقوس الخطر لما اعتبرته رسالة مقدسة. لقيت صعوبات كثيرة ونكسات ووعوداً فارغة، وكان عليها أن تحتمل مواجهة جدران الصمت واللا اكتراث. ولو نحن حكمنا على إنتاجها حتى الآن لاستطعنا أن نقول: «لقد أدت الرسالة كاملة».
ولكن سلمى لا ترى ذلك… فهي تمضي لا تعرف التعب، وتواظب وتستمر لتبرهن أن امرأة عربية، وطنية حتى الصميم، قد استطاعت أن تؤكد أنه عندما تكون السياسة العربية في فوضى وتضعضع فإن الأدب العربي يجب أن يزدهر وعندما تكون الشوفائية الأبوية سائدة، فإن المرأة العربية تزداد قوة.
وببروز أمثال سلمى الخضراء الجيوسي سوف تستمر إنجازاتها في خدمة وحدة الثقافة العربية وتلاحمها، كتصحيح للوضع المعاصر. ولا بد أن تساند جهودها. وأن تقام لعملها مؤسسة رسمية. وأن تكرم إنجازاتها.
* سفير الجامعة العربية سابقاً في أمريكا الشمالية والأستاذ في الجامعة الأمريكية في واشنطن