Culture Magazine Thursday  02/02/2012 G Issue 361
عدد خاص
الخميس 10 ,ربيع الاول 1433   العدد  361
 
شقيقتي سلمى
فيصل صبحي الخضراء

 

يصعب علي الكتابة عن شقيقتي سلمى دون الإحالة بشكل رئيس على تجربتي الشخصية معها، فلا أنا أديب ولا أنا ناقد أدبي حتى أتناول إنتاجها الأدبي بالتقييم. كل ما أستطيع قوله عن إنتاجها الأدبي يصدر عني كمتذوق يوليه إعجابا كبيرا وتقديرا واحتراما عظيمين، خاصة أنني تمكنت بحكم علاقتي الشخصية من مواكبة تطوره العريض منذ بداياته الأولى حتى الوقت الحاضر. وأنا أعلم أنها تختزن كمية كبيرة من منظومها الشعري غير المنشور باللغتين العربية والإنكليزية إذ أولت اهتمامها الأول للمهمة التي اضطلعت بها عبر مؤسستي «بروتا»، مشروع الترجمة من اللغة العربية و»رابطة الشرق والغرب» للدراسات الحضارية. تسنى لي منذ مطلع القرن الحالي أن أتعاون مع سلمى في مشروعها فأترجم إلى الإنكليزية عددا كبيرا من الأبحاث والإبداعات الأدبية للكتب التي حررتها. وسرعان ما تشكلت لدي القناعة التامة أن في استخدام كلمة «ترجمة» في اسم مؤسسة بروتا كثيرا من التضليل غير المقصود، ذلك أن جزء الترجمة من الجهد الذي تبذله لتقجيم العمل كاملا لا يتعدى في رأيي ربع كمية ذلك الجهد الذي يشمل أيضا القراءة والاطلاع الواسعين تمهيدا لعملية اختيار المادة المنشودة، ثم الاختيار نفسه وفقا لمقاييس صارمة محددة، ثم إن الترجمة يتلوها التدقيق ثم التجميع وأخيرا كل ما يتعلق بأمور النشر. ولعل الأصح هو أن بروتا هي مشروع لنقل إنتاج عربي تراثي أو حديث إلى القارئ باللغة الإنكليزية تشكل الترجمة جزءا منه فقط. منذ تفتح ذهني على بداية وعي أمور الحياة كانت سلمى مثلا أعلى للجد والإصرار على الدراسة والتعلم والتثقف. هذا مجال من حياتها لم يخضع مطلقا للعبث أو التهاون، وقد مكنها ذلك من التفوق دراسيا. وكان إرسالها للدراسة الجامعية في بيروت قبل عام 1948 خطوة من المرحوم والدنا تمثل مدى تحرره من ناحية ومن ناحية أخرى مقدار ثقته بمقدرة سلمى وطموحها. وثمة مفاصل محددة في حياتي ساندتني فيها سلمى بحيث شكلت مساندتها عاملا حاسما في تقرير نتيجة الحالة المعينة التي احتجتها لها. وكان هذا، وما زال، دأبها مع كل من يمت لها بقرابة أو بصداقة. لذلك فإنني أدعو لها بطول العمر، أولا محبة لها ولأحبائها، وثانيا حتى تستمر في العطاء الثقافي الحضاري، وثالثا كي تبقى الصخرة الراسية التي يعتمد عليها كل من يحتاجها من محبيها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة