Culture Magazine Thursday  05/01/2012 G Issue 359
فضاءات
الخميس 11 ,صفر 1433   العدد  359
 
ملتقى المثقفين والخرس الثقافي.!
نجحت وزارة الثقافة.. وفشل المثقفون
سهام القحطاني

 

قسمت في مقالي السابق المثقف إلى قسمين، مثقف مُوجِد ومثقف موجود، المثقف المُنِتج للقيمة والمنِتج لتفعيلها، والمثقف السلعة الذي لا يملك قيمة ولا يستطيع بموجِب عدم تلك الملكية من أي إنتاج أو فاعلية.

وكان ملتقى المثقفين فرصة للبحث عن سؤالي: هل المثقف السعودي مُوجِد «القيمة» أو مثقف موجود «السلعة»؟.

والحقيقة أن الملتقى بوجه عام كشف عن هشاشة الوجود الثقافي للمثقف وفراغه الفكري، بل لا أبالغ القول عندما أقول: إنه كشف أن ما لدينا هم «مجموعات من الكتبة» لا مثقفون.!

الكتبة الذين يحتاجون إلى تأهيل ثقافي لمعرفة قيمة الثقافة ودورها ومسئوليتها.

لقد كشف الملتقى أن من يُحسب على «توصيف الثقافة» لا يملك أي رؤية تتعلق»بتطور الثقافة» و»تنميتها» وهذا ليس «بمأزق ثقافي»، بل «كارثة ثقافية»؛ لأنها تتعلق بالوعي الثقافي الذي يعدُّ أساس قيمة الدور الثقافي ومسئوليته؛ لأن الوعي الثقافي هو الذي يرشد المثقف إلى وجود «المشكلة الثقافية» والوعي الثقافي هو الذي يُعين المثقف على البحث النظري لاكتشاف أسباب تلك المشكلة، والوعي الثقافي هو الذي يُمكنه من التوصل إلى تصورات معقولة ومتوافقة مع الكائنية والظرف لحل تلك المشكلة، وما يصاحب تلك التصورات من تصميم إستراتيجية إجرائية لوقعنّة تنفيذها.

لنكتشف أن المثقف يحتاج إلى إعادة «تأهيل وعيه الثقافي» لتنمية قيمة «إيجابية الثقافة»؛ كيف يسهم في التطوير الثقافي فكرًا وقولاً وفعلاً. أو هكذا أعتقد.

لقد كشف الملتقى هشاشة قيم المثقف لانتمائه الثقافي وقصور فهمه لأهداف الثقافة وغايتها التي من المفترض أن يتمثلها ويمثلها. أو هكذا أعتقد.

كما كشفت المقاعد الخالية من المثقفين في فعاليات الملتقى، رغم وجودهم في بهو ومطعم الفندق الذي يقيمون فيه، أقول كشفت للأسف الشديد أن من يحسبون على «توصيف الثقافة» ليست لديهم أي قضية ثقافية أو موقف ثقافي، وبالعامية ليست لديهم «سالفة»، إلا الثرثرة الفارغة التي تجلب الصداع، لقد فشل المثقفون في ملتقى المثقفين ونجحت وزارة الثقافة، وهذه أول مرة تكون وزارة الثقافة هنا «مظلومة لا ظالمة» كما تعوّدت -أو هكذا أعتقد-.

لقد نجحت وزارة الثقافة في إقامة هذا الملتقى وفشل المثقفون في الاستفادة منه. أو هكذا أعتقد.

فشل المثقفون أولاً وقبل كل شيء في مسألة «الالتزام الثقافي» بحضور الفعاليات رغم وجودهم في الفندق المخصص لإقامة المثقفين، وهذه المسألة ليست عيبًا ثقافيًا فقط بل وقبل كل شيء هي «عيب أخلاقي»؛ لأن هذا المثقف جاء على حساب الوزارة سفرًا وإقامة، وقد كلف الوزارة مبالغًا هائلة ليأتي حتى تستفيد من رأيه من باب «تكلم حتى أراك» وعدم حضوره وإضاعة وقته الذي أصبح من حق الوزارة اعتبره من قبيل» خيانة الأمانة» للعقد المبرم ضمنًا بين المثقف والوزارة بمجرد موافقته على الحضور على حساب الوزارة، فكيف أثق في أمانة رأي مثقف لا يملك أمانة السلوك؟!.

فشل المثقفون في هذا الملتقى أن يتحولوا إلى «اتحاد ثقافي» وأن يمثلوا ويثبتوا أنهم «قوة ثقافية ناعمة» تملك قدرة صناعة التغير فكرًا وإجرائية. أو هكذا أعتقد.

لقد فشل المثقفون كما فشلوا في الانتخابات في توحيد الكلمة والصف والرأي، تراهم في مجموعات متراصة وقلوبهم شتّى وكلمتهم مختلة ومختلفة ومخالفة، ثم يندبون حظهم ويقولون: إن هناك من يحاول إقصاءهم ويحاول حرمانهم من تفعيل وجودهم، الوجود الذي يملكون له أي هوية أو شرعية من قبل أنفسهم أولاً، فعلى المرء أن يؤمن بنفسه حتى يؤمن به الآخر، فعلى المثقفين أن يؤمنوا بأنهم قوة فاعلة حتى يؤمن بهم المجتمع والآخر بأنهم قوة فاعلة.

لقد نجح كل شيء في هذا الملتقى إلا «المثقفين». في ملتقى المثقفين لم ينجح من المثقفين إلا قلة، لكن نجاح القلة لا يرفع نسبة نجاح الفئة ولا يحول نقاط ضعفها إلى قوة، ولذلك تكون النتيجة نجحت وزارة الثقافة في إقامة الملتقى ولم ينجح المثقفون أو هكذا أعتقد.

في ملتقى المثقفين في الرياض غابت «رموز الثقافة» في الرياض، وعسى مانع الغياب الثقافي خيرًا.!

ولا شك أن المرء لا بد أن يقف متأملاً لحالتي «السلبية الثقافية» و»الخرس الثقافي» التي طغت على من حضر هذا الملتقى من الكتّاب والكاتبات والأكاديميين والأكاديميات، أو من غاب بقصد أو دون قصد.

وأخيرًا لا بد من شكر وزارة الثقافة على إقامتها لهذا الملتقى وسعيها لإنجاحه، وأخص بالشكر الأمين العام لهذا الملتقى الدكتور محمد نصرالله وروح الديمقراطية والسماحة التي يتحلى بهما.

جدة * sehama71@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة