Culture Magazine Thursday  05/01/2012 G Issue 359
فضاءات
الخميس 11 ,صفر 1433   العدد  359
 
يا نساء وطني!
د. زهير محمد جميل كتبي

 

القرار السياسي الجريء والشجاع والحضاري والديني الذي اتخذه الملك الطموح الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالمشاركة السياسية للمرأة السعودية بحصولها على عضوية مجلس الشورى وانتخابات المجالس البلدية. لم يقابل هذا القرار المهم بفعاليات وتفسيرات راقية من نساء وطني ووجدت أن أكثرهن ركزن على مطلب قيادة المرأة للسيارة، فهذا المطلب رغم إنني من المؤيدين له، إلا انه ليس من الأولويات المهمة للمرأة. قرأت وسمعت فعاليات من بعض نسائنا تقترب من الإسفاف وتنحدر إلى مستوى السفاهة. أتمنى على المرأة السعودية أن تنظر إلى المستقبل أثناء مطالبها التي ترتبط بحياتها وأطفالها ومستقبلهم. لم اسمع أي امرأة يتحدث أو كتبت عن مدونة..[الأحوال الشخصية]..،. وتحسين وضع المرأة اقتصاديا والاهتمام بإجازاتها الرسمية في العمل. وانخراطها ومشاركتها في العمل السياسي الحقيقي، وكذلك الثقافي والذي يكشف قوتها وضعفها. فالمرأة في هذا العصر المتغير والسريع التقلب في الأحوال، لم تعد فقط مربية وزوجة وخادمة وكادحة. وهذا يتطلب منها أن تكون رؤية شاملة للمستقبل، وان تخفى النظرة السابقة لها. وعليها أن لا تستغرق تلك الرؤية في التفاصيل الآنية. حتى لا تكون مثل الذي لا يرى في الغابة الكثيفة إلا شجرة واحدة. وان لا تنطلق تلك الرؤية من..[قواعد عاطفية]..،. وان لا تصاغ في قوالب شخصية. وان تستثمر الظروف، وان تنتهز الفرص السياسية الحالية. وان لا تتغنى بالأمجاد، ولا تسرف في الحديث عن الأجداد والآباء بل عليها أن تتجه تلك الرؤية نحو المستقبل باشكالياته وأطروحاته واحتمالاته ومخاوفه وتحدياته. وفي هذه المرحلة سوف تواجه المرأة السعودية العديد من التحديات والتي منها:

1/ سيطرة التقليد والعادة والعرف على عقلية المجتمع.

2/ المأزومون، الذين يتصيدون الفرص لخلق وتكوين الأزمات ضد انطلاق المرأة وهم كثر في مجتمعنا.

3/ سوء فلسفة التأويل للنص الشرعي المتعلق بالمرأة من قبل بعض المفسرين المتشددين.

4/ سيطرة عقبات المكان والزمان مثل سيطرة الضوابط الشرعية في مكان جلوس المرأة وخروجها ليلاً.

5/ تدني العقلية النسائية عند بعض النساء. وهذا يتطلب العمل عليّ تنمية الوعي في عقولهن.

6/ الحذر، ثم الحذر من الخطاب الديني المستفز.

7/ عدم الالتفاف الكلي إلى الشائعات التي توثر على النفسيات.

8/ الخطاب الإعلامي والذي يصدر من المأزومين فيجب الحذر منه، وعدم التصعيد؟

ينبغي أن يكون لها الحق في المشاركة في تحديد مصيرها ومصير الوطن.

ينبغي على المرأة السعودية أن لا تعطي الفرصة في الحديث عن جمالها ورشاقتها وأناقتها بهدف إثبات الذات. فهي ولا شك جميلة ورائعة الجمال وشديدة الأناقة ومتماسكة الرشاقة. أريد أن أقول عليها أن لا تحاصر نفسها الآن في معايير الرجولة السابقة. وان لا يشغلها جمال..[مهند].. التركي، أو.. [حسين فهمي]..،. المصري..

أريدها أن تستغل هذا القرار الملكي التاريخي لتعمل في المساهمة في الكثير من القضايا مثل:

1/ العمل على تغيير الأنظمة والقوانين التي ترتبط بحقوقها الكاملة كمواطنة لأننا مازلنا في حيز النمو القانوني في بيئة سعودية حاضنة للتغيير في عهد هذا الملك الطموح.

2/ الإصرار على مشاركتها الشعبية الواسعة النطاق في حركات وفعاليات كل معطيات المجتمع.

3/ السعي الجاد لتغيير القوانين والأنظمة التي تحد من حريتها. فمن حق المرأة الراشدة والناضجة حرية التنقل والعمل في مجالات مختلفة. فما زال الكثير والكثير من النساء المطلقات محبوسة حريتهن ومربوطة بقرارات هزيلة من أزواجهن السابقين. فالزوج السابق يمنع أطفاله من السفر مع أمهم ولا يستخرج لهم جوازات سفر. ولا يعطى أمهم أوراقهم ووثائقهم الرسمية لإدخالهم للمدارس، وغيرها من مضايقات وعقبات تعاني منها المرأة المطلقة. فينبغي على المرأة المثقفة السعودية إعداد مشروع لتعديل مثل هذه الأنظمة المعطلة لحقوقها ورفعها للجهات المختصة لمعالجتها وفق التوجه السياسي الجديد. حتى لا تظل المرأة..[رهينة شرعية].. للزوج المطلق.

4/ أرى ضرورة أن تفهم المرأة السعودية أنها لا تستطيع التعامل مع الحياة العامة خارج الإطار العام للدولة والمجتمع، وبهذا المعنى وهذا التصور، فإنها في وضع بغاية التعقيد والتردي، وربما استعمل تعبيير..[الخوف].. من العادات والتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية. وهذه عقبة مسلم بها. ولذا فقد تكون المرأة السعودية مهددة بها في كل الأحوال والظروف.

وكان في مجتمعنا كثير من الخجل في التعامل مع المرأة و الحديث عنها. ولكن صدور هذا القرار الملكي الحكيم يستدعي أشياء من..[الاستحقاقات]..،. بهذا تكون قد انتهينا من ذلك الخجل، ولم يعد هناك مجال للغموض والمراوغة والخوف والتردد. وسوف تصطدم المرأة في هذه المرحلة من حياتها بصدمات وشعارات ولكنها في ظني - هكذا أتصور - الأمور أنها ليس إلا لافتة وقبيحة لخط ونهج قديم ومستهلك. وقد تبدأ تلك الشعارات بكتابتها على..[حرير الأسد]..،. فالحذر من لبس هذا الحرير في هذه المرحلة. حتى لا يكون ذلك الحرير الأسدي..[قنبلة نظامية].

5/ اليوم أصبح صوت المرأة السعودية شرعيا أكثر من أي مرحلة مضت؛ لأن الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله - استخدم ولأول مرة في تاريخ الدولة السعودية المعاصرة مصطلح..[المشاركة السياسية].. وهذا رقي عال في الخطاب السياسي والثقافي السعودي. بل أنه يشكل..[نقله نوعية في فكرنا السياسي]..،. أي أن للمرآة اليوم شرعية كاملة في القاموس السياسي السعودي. فعلى المرأة السعودية والمثقفة خاصة أن تحسن استخدام هذه المصطلح السياسي والتصرف برؤية سياسية وثقافية وتاريخية واجتماعية عميقة وبعيدة. واراهن أنا شخصياً على ذلك دائما، مؤكداً أن التاريخ السياسي للمرأة السعودية ليس مرهونا لفئة دون أخرى. هذا يدعو بإلحاح إلى عدم يأس المرأة من الاختلاط بالمجتمع، ولا تحكم على نفسها بالاعتقال المنزلي. كما يدعو كل ذلك على الفضاء على المقولة السعودية المرتبطة بالمرأة والتي تقول: ((لا تملك البنت شيئاً آخر غير حجابها وقبرها)).

6/ أرى ضرورة أن لا تظهر المرأة السعودية مخاوفها من.. (عملية الفرز).. السابقة فهي ستظل جزء من تاريخها. ولكن ازعم أن الفرز القديم سوف يتغير بسرعة، ويظهر لنا الفرز الجديد الذي يفرق بين الغث والسمين. صحيح أن حرمان المرأة السعودية لكثير من حقوقها خلال عقود مضت أدى إلى عدم فهمها لكثير من الوقائع السياسية المرتبطة بالتغيير والتصويت الحر والحضور السياسي في مؤسسات الدولة.

وازعم أن القرار الملكي قد منحها حق الاحتجاج والشراكة الحقيقية مع إثارة الأسئلة حول حقوقها المشروعة، من هنا تتطلب المرحلة الحالية والقادمة من المرأة السعودية إزالة آثار الاحتقان، والاحتقار المكثف لها. فالملك عبدالله منحها..[القدرة].. ورسم لها الطريق النظيف نحو المستقبل. فعلى المرأة السعودية حماية سلطتها المتآكلة. حتى ينكشف لها الأساليب الاستبدادية السابقة. والمرأة بطبعها الإنساني لديها تركيبة نفسية تقوم على إحساس مضخم من الأذى الذي لحقها.

7/ المرحلة تتطلب من المرأة، وبخاصة المرأة السعودية المثقفة والمتنورة أن تقول مالا تستطيع فعله. وان تجعل وعيها السياسي والثقافي. لا يبحث عما يساعدها في تفادي القادم من الإشكاليات والمنغصات والهموم والأوجاع. حتى لا تعيد ارتباطها بـ((بالدكتاتورية الرجولية)).. بحيث تنظر للقضايا والأمور بفكر واع لا يحتمل التأجيل أو الانتظار، حتى لا تجد نفسها وقد سحبت منها شرعيتها.

8/ لا بد أن تعمل المرأة المثقفة على تنمية..[الوعي السياسي].. في دماغ المرأة السعودية لتفهم ما لها، وما عليها، من حقوق وواجبات المواطنة الكاملة. لتكون وتطوير رؤية جديدة مهيأة لتفكيك المشاكل والعقبات. حتى لا تجد نفسها وقد دخلت ساحة.. ((الديكتاتورية الذكورية)).. من جديد.

9/ أتمنى أن تستثمر المرأة السعودية هذه المرحلة وما صدر فيها من تشريعات جديدة تخدمها وتخدم قضاياها وتحولها إلى قوة للمجتمع وحصانة نفسها. والانتقال إلى مرحلة تاريخية مفصلية من التركيز على الحقوق والواجبات. والارتقاء بسلم المطالب النسائية الحقيقة. وليس التركيز على مطلب قيادة السيارة أو غير من المطالب التي ستحقق عبر ارتباطها بالزمن فقط كما قال الإمام حسن البنا: ((أن الزمن جزء من العلاج)). فهذا الأمر حاصل، حاصل، وعما قريب إن شاء الله، واراه بعيني انه قريب جداً. حتى لا تصبح المرأة وكأنها..[كرة ثلج].. تستمر في التدحرج هنا وهناك. وحتى لا تهتز مكونات شخصيتها ومقدرتها على إتباع وسائل عقلانية وحكيمة وموضوعية وسليمة للنضال من أجل إثبات ذاتها وحقوقها ودورها.

10/ سوف تجد المرأة نفسها أمام مشكلات غير مسبوقة للتعامل معها. فينبغي عدم الانفعال وعدم الغضب وعدم التسرع في اتخاذ قرار مستعجل لا يخدم قضاياها.حتى لا يستغلها أعداء المرأة.

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض

أديب وكاتب سعودي - مكة المكرمة البريد: Zkutbi@hotmail.com - الموقع: www.z-kutbi.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة