Culture Magazine Thursday  05/01/2012 G Issue 359
فضاءات
الخميس 11 ,صفر 1433   العدد  359
 
ذكرياتي.. معهم
محمد حسن فقي
د. حمد الزيد

 

يعد هذا الشاعر من أكبر شعراء الشعر الأصيل (العمودي) في السعودية طوال نصف قرن وهو مكي المولد والنشأة جداوي العيش والهوى!

اشتغل في الصحافة وفي السفارة ثم في التجارة فلم ينقصه شيء من الأضواء والمال ، ولكنه ظل متشائماً في شعره تشاؤماً فلسفياً أحياناً وحيناً تشاؤم المدلل كما لمست من معرفتي القصيرة به، وقد قرأت عنه مرة في إحدى الصحف أنه يحاكي الشاعر ابن الرومي في تشاؤمه وأنه قلده في إحدى قصائده من حيث الروح والبحر والقافية! وهذا لا يقلل من شأنه كشاعر عملاق.

وهو في شعره شاعر يائس لمن لا يعرفه أو عاشره، ويظن أنه يعيش في عوز وفقر وما هو كذلك ، فلقد عرفته عن قرب ورأيت بأنه لا يتمتع بتلك الصفات المكروهة إلا لدى العباقرة من الشعراء والفلاسفة والتي يسوقها كتاب السرد والمذكرات لتبرير نبوغهم.

لا أدعي بأنني صادقته صداقة شخصية أو لازمته ملازمة لصيقة نظراً لفارق السن والنشأة بيننا ووجودي في الطائف فهو قد تعدى السبعين تقريباً يوم رأيته لأول مرة في جدة بمنزل أحد الأصدقاء وكان أنيقاً لطيفاً يبدو عليه اليسار والنعمة. كما كان متواضعاً في غير ضعة، ومجاملاً إلى حد مقبول ويمثل البورجوازية المكية القديمة! وقد سعدت برؤيته في مناسبتين خاصتين في بيت أحد الأصدقاء بجدة وكان صموتاً ومجاملاً، ولكنه لا يسيطر على الجو في مثل هذه اللقاءات ويتوارى داخل ذاته أما شعره فهو قوي جزل فيه فلسفة ذاتية عميقة وشكوى مُرة من الزمن وأهله- وهي نغمة قديمة لدى الشعراء – وقد أعجبت به وبشعره ولكن التشاؤم يصيبني بالعدوى عندما أقرأه!

وهذا لا يمنع من قراءته والإشادة بموهبته الفذة وغزارة إنتاجه وعبقريته الشعرية، وكونه في رأيي آخر شعراء الجزيرة العربية الكبار بل العمالقة في القرن العشرين.

رحم الله الفقي فقد كان شاعراً لا يتكرر بسهولة، وفيلسوفاً في ثياب شاعر.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة