وجاء يوم الحصاد.. وجني الثمار.. وتحقق الأمل.. وحصل ما كان يلوح في الأفق كحلم.. ولكن مع الإصرار والتصميم تتذلل الصعاب وتضمحل وتصبح سهلاً يمكن اجتيازه.. والوصول للهدف بيسر وسهولة.

ومن يتهيب صعود الجبال

يعش أبد الدهر بين الحفر

لقد كنت أتابع وأترقب بإعجاب كفاح شاب يصارع من أجل أن يصل إلى أعلى الجبل بجهوده وإصراره بعد أن غرست والدته فيه هذا الطموح منذ طفولته.. عندما رفض والده إدخاله المدرسة الابتدائية في قريته خوفاً عليه من التلوث ومن أن تحرمه من مساعدته في الحقل أو الرعي أو أن يبقى عاملاً هامشياً في هذه الحياة.. ومع ذلك أصرت والدته على ألتحاقه مع أبناء عمومته وأخواله في المدرسة فلم تفتحها الحكومة عبثاً رغم معارضة قلة في القرية، ومنهم والده لهذه المدرسة التي سمعوا عنها ما يشينها لا ما يحسنها فأخذوا السلبيات بقلتها وتركوا الإيجابيات بكثرتها.. هذا الكلام قبل أربعة عقود..

والآن نجني ما زرعناه وما تعلمناه في الصغر (من جد وجد ومن زرع حصد) هذه قصة حقيقية كتبت شيئاً عنها في مقال لي بعكاظ في العدد 16472 يوم الأحد 4-11-1432هـ الموافق 2-10-2011م بعنوان: الأم المثالية وذكرت شيئاً من قصة هذه الأم (لولوة بنت محمد الرشيد) التي أصرت على إدخال ابنها بالمدرسة رغم رفض والده.. ورغم بعد المدرسة عن قريتهم فقد تكفل خاله بنقله مع أبنائه للقرية الأخرى التي توجد بها المدرسة بدفع وإصرار من والدته.

وهكذا حقق أحمد العبدالله القشعمي ما يتمناه وحصل هذا اليوم الأربعاء 10-11-1433هـ على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية من كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رغم عدم تفرغه فهو مدرس بالمعهد العلمي ومسؤول عن كثير من الأعمال والمهام الاجتماعية الأخرى سواء للعائلة الصغيرة أو للعشيرة أو للوطن.. لست أدري بمن أهنئ؟ هل أهنئ الوطن لأنه هو من سيجني الثمار بعد ذلك؟ أم أهنئ من كافح ونافح وحصل على مرتبة الشرف الأولى بجهوده وكفاحه وتحديه لكل الصعوبات التي تعترض طريقه.. أهنئ نفسي وأهنئ الأخ أحمد وقبلنا كلنا أهنئ والدته التي أشعلت الشمعة ورعتها حتى بان الطريق معبداً لابنها ليكمل المشوار.. كنت متشوقاً لحضور مناقشة رسالته ولكن ظروف طارئة لم تكن بالحسبان حالت دون ذلك فمعذرة.. وأنا الخسران.