Culture Magazine Thursday  10/05/2012 G Issue 373
فضاءات
الخميس 19 ,جمادى الآخر 1433   العدد  373
 
اختفاء جوقات التصويت
د. لمياء باعشن

 

لا ظاهرة هنا للتأمل، لا تعجب ولا استغراب، فهذا الوضع الذي يحرج الأندية الأدبية مكشوف ومحسوب، وما غياب أعضاء الجمعيات العمومية عن جلساتها الأولى سوى تحصيل حاصل. تسبب عدم اكتمال النصاب في إلغاء عمومية نادي أبها ونادي المدينة المنورة ونادي تبوك ثم نادي حائل، وفي كل حالات الغياب لم يصل عدد الحاضرين إلى النصف، وهو العدد الذي تتطلبه اللائحة ليكون عقد الاجتماع قانونياً.

من كل الأسباب التي تخطر على البال، فإن التذمر من رسوم العضوية ليس سبباً وارداً بأي حال من الأحوال، فقد أثبت لنا نادي حائل بالحجة الداحضة أن الأعضاء يغيبون حتى لو تكرم عليهم الداعم الكبير للأنشطة الثقافية وسدد الرسوم عنهم.

بل ربما يكون هذا التدخل من الشيخ علي الجميعة في مسألة حساسة كهذه من أسباب الغياب، فأنا لا أتصور أن مثقفاً حقيقياً يدرك أبعاد انتمائه لمجلس جمعية عمومية ويفهم معنى أن يكون له عضوية يحرص على اقتنائها بنفسه ومن ماله الخاص، سوف يرضى بهذا الشكل التكرمي من عضو شرف في الجمعية.

ماذا يعني أن يدفع لك أحد رسوم عضويتك وعلناً؟ هل يشفق عليك؟ هل يشتري موقفك الثقافي أم يدفع بك دفعاً لأن تكون عضواً شئت أم أبيت؟ هل استشار رئيس النادي باقي الأعضاء قبل أن يقبل العرض السخي؟ ربما يكون لأحدهم اعتراضاً؟ طبعاً لا, بل هو لم يكتف بقبول التبرع الكريم نيابة عن الأعضاء المدفوع عنهم، وإنما أعرب عن شكره الجزيل وامتنانه العظيم باسم كافة الأدباء والمثقفين.

طار مجلس الإدارة بالدعم وهلل، ثم أصدر قراره بتمديد عضوية جميع الأعضاء المسجلين، وذلك بعد أن كال رئيس النادي المديح والعرفان لصاحب المواقف المشهودة.

لكن هذا البذل المستغرب فشل في إغراء الأعضاء بالحضور، فلم يكتمل النصاب، ولم تعقد الجمعية العمومية.

ربما تنبه الأعضاء إلى أن المجلس عاملهم كأطفال مسلوبي الإرادة، وربما انتفضت كرامتهم وأعلنوا رفضهم لطمس حقهم في الاختيار، فلم يحضر سوى 26 عضواً، من أصل 86.

أما نسبة الغياب الأكبر فقد حظى بها نادي تبوك الذي أرجأ عقد اجتماعه لأن الحضور اقتصر على 16 عضواً من ضمنهم أعضاء مجلس الإدارة، يعني حضر ستة فقط، من أصل 231 عضواً تتشكل منهم الجمعية العمومية للنادي.

في نادي المدينة لم يحضر سوى 18 عضوًا بمن فيهم أعضاء مجلس الإدارة، من أصل 88 عضوًا في الجمعية العمومية.

أما في نادي أبها فعدم حضور الاجتماع كان مقصوداً للتعبير عن مواقف ضد الانتخابات وآليته وضد المجلس الحالي وتجاوزاته، لكن الغياب، وإن أخذ شكل المقاطعة، إلا أنه يتعارض مع مفهوم السلطة الممنوحة للجمعية العمومية ويشل قدراتها وواجبها، في عمليات المراجعة والمحاسبة والإشراف.

أين اختفت تلك الحشود التي تم إحضارها يوم الانتخابات الأعظم؟ الآن تتحقق شبهة تكالب الجموع على العضويات لمجرد إعطاء أصواتهم لمن أحضرهم.

بعد أن اصطفوا خلف مرشحهم ودفعوا به إلى مجلس الإدارة، انتهت مهمتهم وانقلبوا عائدين لممارسة حياتهم السابقة والبعيدة عن ادعاءات الثقافة والرغبة العارمة في إثبات الأحقيات الثقافية.

في تلك الحقبة ظهرت مسألة دفع العضويات سراً واستلام البطاقات بدلاً، ثم حضرت جوقات المصوتين فقط ليتجملوا مع من جلبهم، ثم أدوا ما طلب منهم وولوا مدبرين.

وهناك من لم يصل للمجلس، وهو قد أحضر أصدقاءه ومعارفه، طلابه وأبناءه، فقط ليقوموا بواجب الفزعة، والآن وقد انسحب من المنافسة، ما الدافع الذي سيأتي بكل أولئك لحضور مجلس الجمعية العمومية؟ لا يوجد!! «والمشكلة تبدو بسيطة في أن يدفع المرشح مالاً أو يتكتل أو يجلب معارفه وعشيرته ليحصل على أصوات تؤهله للنجاح، فهو أمر معتاد في اللعبة الانتخابية على كل الأصعدة، لكن المشكلة تتضخم حين تنتهي في الجمعية العمومية، إذ إن هذا الاختراق غير القانوني لا يتسبب فقط في ضرر واحد، وهو إيصال من لا يستحق إلى المناصب الإدارية للأندية، بل يجلب ضرراً آخر أكبر وهو حشد الجمعية العمومية بأعضاء لا يريدون أصلاً أن يبنوا علاقة طويلة الأمد مع النادي، ناهيك عن عدم كفاءتهم للقيام بالأدوار والمهام المناطة بعضوياتهم المدفوعة».

انظر مقالي: «وما أدراك ما الجمعية العمومية».

(الخميس 20 ,محرم 1433)

http://www. al-jazirah.com.sa/culture/2011/15122011/fadaat22.

htm.

أضع مقالي هنا لأبين أن ما جرى من إلغاءات وتأجيلات لأربعة من اجتماعات الجمعيات العمومية هو أمر متوقع منذ البداية المريعة للانتخابات، فقد كان واضحاً أن الذين قدموا بشكل طارئ على الفضاء الثقافي وفرضوا وجودهم إما بتوفر الشرطين أو أحدهما أو استثناءً من كليهما، كان واضحاً أنهم قادمون بغرض التصويت، والتصويت فقط.

هذه العضوية المفتوحة كانت وما زالت عضوية تصويتية عديمة الفاعلية، وهي في وضعها هذا ستقتل أهمية الجمعية العمومية وتعطل مهامها وتترك الحبل على الغارب لمجلس الإدارة يحرك الخيوط كيفما يشاء.

في المرة القادمة وبعد شهر من الإلغاء، ستعقد الجمعيات اجتماعات أخرى لا تشترط سوى حضور بسيط، يزيد عن الثلث فقط.

ولو بطل الاجتماع لعدم اكتمال النصاب مرة أخرى، يعتبر الاجتماع الثالث نظامياً بحضور أكثر من ربع الأعضاء، وإن تساوت أصوات الحاضرين يرجح جانب الرئيس.

ها هو مجلس الإدارة يسيطر على الجمعية العمومية ويقلص دورها لأن جوقات المصوتين قد اختفت، ربما لتعود بعد أربع سنوات بالتمام لتقوم بالتصويت لمن يطلب منها ويدفع تكاليف عضويتها.

هل يتابع مراجعو اللائحة المجهولين هذه الثغرات الهائلة؟ ماذا لو عاد هؤلاء المهاجرين من المصوتين ليطلبوا عضويات تصويتية بعد أربع سنوات هجروا فيها الأندية وتقاعسوا عن مهامهم في الجمعية العمومية؟ ما هو موقف اللائحة من العودة الميمونة؟ هل ستفتح لهم ذراعيها وتسمح لهم بالمرور مرة أخرى لتدليس العملية الانتخابية، ومن ثم إضعاف الجمعية العمومية؟

جدة Lamiabaeshen@gmail. com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة