Culture Magazine Thursday  14/06/2012 G Issue 377
الملف
الخميس 24 ,رجب 1433   العدد  377
 
معلم فريد
د. محمد زكريا عناني

 

لا أظن أن أحداً أسدى إلى الشعر، في العصر الحالي مثلما أسدى إليه الشيخ عبدالعزيز البابطين..

وحقيقة، إن هناك أكثر من شخصية عربية سعت مؤخرًا لرصد الجوائز وعقد اللقاءات، لكن صنيع الشيخ البابطين أكثر علمية وأرحب مجالاً، فإنه تفرد، وإلى جانب الجوائز والاحتفاليات، بعقد الدورات التعليمية للشباب في مجال اللغة والعروض، وهذا الالتفات مسألة بالغة القيمة لأنها تتجاوز اللحظة إلى ما هي أبقى.

وجاء مَعْلم آخر فريد في بابه، عميق في أثره، وأعني به الانتقال بالعلم العربي الى (الآخر) - الأوروبي - الذي كثيرًا ما أسفنا لأنه لا يقدر هذا العلم العربي حق قدره، والحق إن هذا (الآخر) كان معذورًا في تجاهله لأنه - من ناحية - يحيا مفتونًا بما هو فيه من أمجاد وثراء، ولأنه - من ناحية أخرى - لم يجد من يبرز بشكل عملي ما قدّمه العرب في مضمار الرقي الخلاق.

وأذكر أنني كنت في قرطبة (إسبانيا) وأدهشني أن المرشدة السياحية الإسبانية (الكاثوليكية) علّقت - وقد فرغت من التحدث عن المسجد الجامع الذي حوّلت بعض أجزائه إلى كاتدرائية - بقولها إن الجزء الكنسي وإن يكن برَّاقًا غاصًا بالذهب والفضة والأضواء، فإنه لا يساوي شيئًا قياسًا إلى الأقسام التي بقيت نابضة بالأصالة وفقًا لشكلها العربي الإسلامي العريق، ولم تجد غضاضة في أن تؤكد بأنها أدركت مؤخراً، ومن خلال دروس دورة البابطين، أن العرب أرسوا في الأندلس جذور الرقي والعلم والأصالة التي لا تزال تزهو بجمالها المتألق.

هذا قليل من كثير مما قدّم، هذا الصرح الشامخ الذي رد للشعر مكانته، وأحيا للغة مجدها، وقدّم نموذجًا لا يبارى في التفاني والوعي والألمعية.

أكاديمي مصري ورئيس هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة