Culture Magazine Thursday  15/03/2012 G Issue 367
فضاءات
الخميس 22 ,ربيع الآخر 1433   العدد  367
 
تنبيه الألباب لمعرض الكتاب
رائف بدوي

 

لأول مرة في تاريخ معرض الكتاب الدولي بالرياض منذ أن بدأ يُعلن القائمون عليه أن الدخول مفتوح لكِلا الجنسين وفي جميع الأيام خلاف ما كان سائداً في السابق، وهي في الحقيقة خطوة يجب أن تُشكر عليها وزارة الثقافة والإعلام - الجهة المنظمة للمعرض - فمع هذه الخطوة المتقدمة يجب علينا أن نوضح اللبس والخلط الكبير بين مصطلحي الاختلاط والخلوة في المدلول، ولسبب - قاعدة سد الذرائع - الشهيرة أعطي الاختلاط مفهوم الخلوة حتى يُغلق أي بابٍ للاجتهاد في هذا الباب.

لنُعرف في البدء الخلوة شرعاً: فهي وجود رجل وامرأة وحدهما في مكان مغلق عليهما لا ثالث لهما، ولا يريان أحداً، أي أنها عملية بالغة في السرية يصعب اكتشافها، وقد تؤدي إلى ارتكاب أمر محرم مع التركيز على كلمة - قد -، وحكم الخلوة ليس فيهِ تحريم أو نهي كما أنه لا توجد له عقوبة شرعية، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) حيث أن الحديث النبوي الشريف لم ينهَ عن الخلوة، ولم ينص على انتصار الشيطان كقانون نهائي على المختلين، وإن كان وجود الشيطان يُشكل مانعاً شرعياً فمن المفترض أن نمتنع جميعاً عن عيادةِ الأسواق لأن الشياطين تجتمع فيها.

وأما الاختلاط: فهو وجود النساء والرجال في الأماكن العامة مثل: المساجد وعند أداء مشاعر الحج أو العمرة والحروب والمناسبات الاجتماعية كالأفراح وغيرها والمواصلات العامة والجامعات والمدارس والعمل وما شابه ذلك، فالاختلاط ليس حراماً والقائل بحرمته فقد افترى على الله ورسوله فحرم ما ليس بحرام، لأن التحريم لا يكون إلا بنص قرآني وهو الحق الإلهي الخالص، فليس لبشر أن يحرم أو يحلل لقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ} (18) سورة هود.

وأما الأدلة على إباحة الاختلاط فكثيرة وخصوصاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي كتاب الوضوء للبخاري أنهم كانوا في العهد النبوي يتوضؤون سوياً «أي النساء والرجال» فما رواه عبداللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّؤونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعاً رواه البخاري (190).

وقد رواه أبوداود (80) وابن ماجه (381) - عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عُمَرَ - بلفظ « كُنَّا نَتَوَضَّأُ نَحْنُ وَالنِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نُدْلِي فِيهِ أَيْدِيَنَا». كما أن المرأة كانت تحضر الصلاة خلف الرجال مباشرة وبدون أية فواصل تفصل بين النساء والرجال كما هو معمول به الآن في مساجد الله، كما أن المرأة كانت وقت الصلاة تكشف وجهها، وليس كما نفعل اليوم بإرغامنا للمرأة تغطية وجهها في الحرم المكي والمدني على خلاف الشرع!.

فقد كان الاختلاط مألوفا في عهد النبوة، فتدلنا الأخبار وكتب الحديث بمشاركة المرأة لشقيقها الرجل في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية منها.

إذاً فالمطلوب منا بعد كل ذلك عدم الالتفات لأصوات التشدد التي تنادي بمنع الاختلاط ليس فقط في معرض الكتاب بل في شتى مناحي الحياة والتي تؤمن أقصى درجات التنافس الشريف وتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن الواحد بجنسيه، وتسمح بنفض غبار تهم التشدد والإرهاب الديني التي تطالنا كل فترة، فهل نصحو ونلحق بالركب!.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة