Culture Magazine Thursday  15/11/2012 G Issue 385
عدد خاص
الخميس 01 ,محرم 1434   العدد  385
 
توازنات جمالية
أحمد فلمبان*

 

إن الفن التشكيلي عند الأمير خالد الفيصل له مذاق خاص، وهو من النوعية التي تحتاج إلى مجهود ضخم من أجل الإحاطة بها وتقييمها نقديا سواء من الناحية التقنية والجمالية أو الفلسفية والأدبية، إنها مثالية في الحس الفني التي تخرج عادة من أعماق إنسان مرهف حساس وشاعر، إن الفن التشكيلي هو مدينته وعالمه المرئي الخاص به مفتوحة للجميع، ولأن هذا الفن لغة الشعوب ومن مراجع خصوصيتها الحضارية ومعالم ثقافتها عبر معطى إنساني، قد يُخلد في ذاكرة الزمن ليكون منتجه كنافذة تشكيلية نافذاً بصفاء الإحساس وما يرثه لنا من مصدر للجمال والإلهام بعين الفنان المكتشف لجماليات الإبداع والتميز في صورة جمالية مفعمة، كقصيدة شعرية فيها قبسات من إحساس خلاق ووميض نور وبهاء سيمفوني خيالي، فمن الناحية التقنية تنطوي على أكثر مقومات الفن المعروفة وتعكس ميزة الرسم المتقن والنضج الفني وتأخذ اتجاهات الواقعية الحديثة بأسلوب تأثيري انطباعي بلمسات رمزية واثقة وجريئة في خط متواز للتقاليد الكلاسيكية الصارمة، خاصة في مشاهد الطبيعة واستلهام مفردات البيئة والتراث، في مسعى للوصول بالمنتج التشكيلي إلى ما يمكن اعتباره الفن الخالص والقائم على توازنات التشكيل البحت، وهو مسعى يجهد الكثير من الفنانين للوصول إليه، حيث تتجلى فيه الصدق والإحساس الرقيق والجمال والأصالة والخصوصية، لأنه في مجمله، أطروحة لونية في قالب موسيقي موزون وإيقاعات متنوعة وموازير مدروسة، تحيط بتكويناته ومفرداته العديد من الأفكار العميقة التي تحيلنا إلى الأسطورة أو المتوارثات من الحكايات والأساطير والمرويات المتنوعة تتجاوز الحدود المعروفة في معايير التشكيل، تساهم جميعها بشكل فاعل في تكوين الصورة الفلسفية والحس الوجداني .

أن سموه طاقة كبيرة لفنان يسعى في منتجه التشكيلي البحث الدءوب والتجديد المستمر بالرغم من واقعيتها، هي أشبه بأعمال الرومانسيين الذين يعتمدون على العاطفة والخيال والإلهام والتعبير عن العواطف والأحاسيس والتصرفات التلقائية ألحرة، خاصة في موضوعات القصائد الشعرية التي نجح في تصويرها بشكل غير مسبوق ومألوف في الفن، والمناظر الطبيعية المؤثرة كمصدر إلهامه الفني والقدرة البارعة لحركات الفرشاة المندمجة بالألوان النابضة بالحياة والعفوية في تكويناتها، تثير في النفس الإنسانية العواطف والاندماج والتفاعل مع اللوحة في كل تفاصيلها ومضامينها الحركية وتأثيراتها اللونية وطرحها الانفعالي الصادق المنتمية إلى فن واقعية الحياة المعبر عن القوة والشجاعة والشهامة والإيثار والحب والوفاء والإخلاص والغيرة والانتقام، بجماليات مرموقة، وفي كثير من الأحيان المبالغة المقنعة في تصوير المشاهد الدرامية والغوص في الخيال والغموض في آن واحد، هي قصيدة مرسومة بفرشاة الكلمات ونبض الألوان،هي صدى صوت الوجدان في تصوير الحقيقة والإحساس الومضي ونبرة الجمال في مخاطبة العقل وليس العين، والتعبير عن مشاعر الفنان الخاصة، كمن يخاطب البصيرة قبل البصر والسباحة في بحر الصفاء والتحليق في سماء التأمل إلى الآفاق المتوازنة لربط المضمون الفلسفي والحسي بالواقع دون ان يجعل هذا الواقع قيدا يعيق انطلاقة المضمون ليشق طريقه بثبات في التعبير عن توازنات جمالية أصيلة خاصة به، مظهرا مدى إتقانه مهنة التصوير وتأنقه في رسم خطوطه وبراعته في تعامله مع أدواته وخاماته وتأثره بالجمال والارتواء بإبداعه الفني ما بين فرشاته وألوانه وقلمه، إنها عملية الخلق والإبداع لروائع فنية مختلفة المعالم تصنعها أنامل سموه،، يمكن أن تنطلق منها شرارة نهضة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية.

* فنان تشكيلي

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة