Culture Magazine Thursday  15/11/2012 G Issue 385
عدد خاص
الخميس 01 ,محرم 1434   العدد  385
 
رعاة الفكر
سمير عطا الله *

 

يشعر أهل القلم بسكينة عميقة عندما يرون السياسيين الكبار يبدون اهتماماً بالفكر

والمفكرين، ومعروف أن عصور النهضة التي تنسب إلى أهل الفكر والقلم والفنون في الغرب والشرق، لم تتم إلا برعاية من أهل المسؤولية في تلك العصور.

وفي إيطاليا تولت عائلة واحدة رعاية معظم الأعمال الفكرية والفنية التي صارت فيما بعد ثروة إيطاليا الحضارية، وأعني بذلك عائلة ميدتيشي التي يلازم اسمها معظم أسماء الشعراء والرسامين والأدباء في تلك المرحلة.

انصرف أبناء الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى إحياء ذكراه وآثاره العطرة، باستكمال رسالته في تشجيع العلوم والفكر والتقدم. وقد التقيت الراحل العظيم ثلاث مرات، في الطائف وفي جدة وفي القاهرة، وفي كل مرة كان حديثه الأول عن تطور حركة النهضة التعليمية والفكرية في المملكة.

لعلني كنت بين الذين لم يفاجئهم اطلاق مشروع الأمير خالد الفيصل في رعاية نهضة جديدة للفكر العربي. فحيثما حل الرجل حل العمران وساد مناخ من العمل والإنتاج والتطور والتقدم، وليس لنا من حق في الشهادة على ذلك، بل هو حق السعوديين الذين شهدوا ماذا تحقق في ظله، وهو ينتقل في المسؤولية من إمارة إلى إمارة.

وفي كل إمارة يسابق خالد الفيصل نفسه ما بين العمل اليومي الإنشائي وما بين العمل الفكري، وقد كان هو من رعى تأسيس صحيفة «الوطن» بين الصحف السعودية، وإلى جانب مسؤولياته التي لا حدود لها في إمارة مكة، يرعى الآن إنشاء صحيفة كبرى أخرى.

حيث يجلس هذا الرجل تقوم أكبر الورش، وها هي جدة تعيد تنظيم نفسها كواحدة من أكبر وأحدث المدن في العالم، والمهمة طويلة وشاملة، لكن لا يبدو أن خالد الفيصل يحفل بصعوبة أو تحده بل يبدو وكأن لا عمل له سوى تجاوز الصعوبات ومواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات التي يشهد بها الجميع.

كان يفترض أن أتحدث فقط عن علاقة الأمير بالفكر وبالكتاب، ولكن كزائر دائم للسعودية لا أستطيع أن أغفل ما أراه أو ما أسمعه عن منجزاته ومكانته وموقعه في نفوس الناس، وقد اعتدت أن أقابل الأمير خالد في ديوانه أو في مجلسه أو في المؤتمرات المعقودة في العواصم العربية، ودائماً أقابل رجلاً واحداً على موعد مع العمل التالي أو المشروع التالي أو التحدي التالي.

كان أهل القلم والفكر في العالم العربي يشكون من أنهم أيتام لا يلتفت إليهم مسؤول ولا تأخذهم دولة في الاعتبار، وجاءت مؤسسة الفكر العربي عملاً جباراً ينقض الصور الماضية.

ومن معرفتي بالأمير وشغفه ببناء الأهرامات، أعتقد أن المؤسسة لا تزال في بدايتها الأولى، ويخطر لي أنه سوف يعمل على تطويرها بحيث تصبح في وقت قريب شيئاً أقرب إلى مؤسسة «نوبل» السويدية، من دون أن يتعارض ذلك مع «جائزة الملك فيصل» السنوية في سائر حقول العلوم والأبحاث. وليس عسيراً عليه أن يحول مؤسسة الفكر إلى «إمارة: حققه في عسير أو في إمارة مكة.

* كاتب - لبنان

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة