Culture Magazine Thursday  16/02/2012 G Issue 363
تشكيل
الخميس 24 ,ربيع الاول 1433   العدد  363
 
وميض
إذا استوحش الإنسان - كتاب (الفن والغرابة)
عبدالرحمن السليمان

 

استكمل عرض كتاب شاكر عبدالحميد (الفن والغرابة) “مقدمة في تجليات الغريب في الفن والحياة” وسأبدأ هنا من الشفافية و الانعكاس التي أشرت إلى استعراض المؤلف لوحة رينيه “الخاصية الملازمة للشفافية المطلقة قد تحولت إلى نقيضها أي شبه الشفافية في العتمة والغموض والانعكاس على الذات ذلك الذي يولد فكرة القرين والازدواج بكل ما يعتمل بداخلها من نرجسية وذاتية وفردية وانعزال حالة من الصورة المحاكية ثنائية البعد الخاصة بالمكان الداخلي”.

في الفصل الرابع للكتاب وزع محوره (الغربة والمكان) على أنواع المكان ويشير إلى الإحساس بالمكان من عدم الإحساس به، ثم الوظيفة الرمزية للمكان وتفيد في تأكيد البناء الأساسي للشخصية وتعضيدها لدى الفرد، عنوان آخر هو الوظيفة التعبيرية للمكان فالمكان وأزمنة الهوية. يعود إلى كتاب باشلار (جماليات المكان) ويضيف في عناوينه الفرعية تحليلات نفسية للعلاقة بالمكان وتفصيلاته كالغرف والأبواب والعتبات، مشيرا إلى العلاقة بالأشباح التي يرى ظهورها مثلا في غرف هامشية لكبار السن والأطفال والخدم معتبرا عملية استكشاف الأماكن المظلمة خبرة مألوفة في روايات الأشباح والرعب وأفلامها وفي العاب الكمبيوتر والانترنت الحديثة، ويخلص في نهاية الفصل بقول تشومي “متعة الفنان المعماري ما بعد الحداثي لا تكمن في النظر إلى المباني التاريخية العظيمة في التاريخ الماضي أو الحاضر بل في تفكيكها وإعادة النظر فيها”.

الغرابة التكنولوجية عنون بها الفصل الخامس ويبدأ بقول تيري كاسل عن تجاوز المنطق وربما الخيال عندما نتعامل مع أجهزة مثل التلفونات وكاميرات التصوير والأقراص الممغنطة وأشعة اكس والحواسيب الشخصية...”. يشير في الفصل السادس إلى اعتبار التشكيليين والأدباء وصانعي الأعمال المسرحية أن الذي يمكن أن يكون جميلا خلف السطح الظاهري للعمل الفني يخفي وراءه كثيرا من عوامل الخراب والتحلل والفساد مشيرا إلى محاكاة الفنانين الحرفيين اليونانيين القدماء للمجتمع الذي عاشوا فيه، ثم الإشارة إلى رسومات غريبة (شياطين غريبة) على واجهات المباني في القرون الوسطى وما بعدها وصلا ببعض التعبيرات التي تنتمي إلى فنون المذهب الدادي أو السيريالي فيما بعد، ثم يعود إلى دافنشي ولوحة دراسة لخمسة وجوه مسخية1490 ويتحدث عن الظل وأول لوحة ثبتتها فتاه لوجه جانبي لحبيبها عندما رأت ظله على جدار، ينقل عن احد تلامذة رمبرانت قوله: (إن اللوحة الكاملة هي مرآة للطبيعة) ليرسم لوحة عنونها برقصة الظل ويشير إلى لوحة مصرية تعود إلى 1400 قوم تظهر روح الإنسان المرسومة على هيئة طائر وظله المرسوم على هيئة ظل إنسان يظهران خارجين من القمر مع غروب الشمس، وهي بردية نيفروبنيف الموجودة في اللوفر.

أشار المؤلف إلى بوش وبروجل وذاكرا انبوجل الذي استخدم خياله الخاص لتطوير التراث التشكيلي الخاص بمجال المخيف والغريب والشيطاني الذي أسسه بوش من قبل فأنتج لوحات مثيرة للاضطراب تمتلئ بالمشاهد الطبيعية التي تزخر بالكائنات السحرية والأسطورية التي تنغمس من ناحية في العاب خيالية ربما للتقليل من أثرها المخيف ومن ناحية أخرى في نشاطات مخيفة. يقارن بين الرمزية والانطباعية فيقول أن الرمزيين اهتموا بعرض الصور التي يخرجونها من عين العقل من عالم الخيال أو هذه التي يأتون بها من عين ثالثة عين افتراضية أو سحرية أو سرية ثم محاولتهم الإيحاء بواقعية هذه العوالم وتماسكها، يتجه إلى السريالية فيستعرض لبريتون وفرويد بعض تنظيراتهما، ثم ينتقل إلى النحت ويستعرض بعض الأسماء، لكنه يختم هذا الفصل باستعارة قول للمؤرخة أيرين جونتر عن هدف الفن فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى وفي الفصل التاسع فنانون وغرباء ومستفتحا بقول للجاحظ “إذا استوحش الإنسان تمثل له الشيء الصغير في صورة كبيرة وارتاب وتفرق ذهنه فرأى ما لا يُرى وسمع مالا يُسمع”.

solimanart@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة