Culture Magazine Thursday  20/09/2012 G Issue 380
فضاءات
الخميس 4 ,ذو القعدة 1433   العدد  380
 
أيها الرفاعي: (إنّ بعضاً من القريضِ هُذاءٌ)!
فيصل أكرم

 

في العام 2006، عندما تعرض لبنان لحرب شرسة من الجيش الإسرائيلي رداً على عملية اختطاف جنديين إسرائيليين قام بها حزب الله في جنوب لبنان، وقفت المطربة اللبنانية جوليا بطرس، وسط جموع من الشعب اللبناني في ساحة الشهداء ببيروت تصرخ وتسمي دول النفط والسعودية تحديداً: أين أنتم؟ لماذا الصمت؟ إنكم سعداء لأننا نموت؟ إنكم من دبّر وخطط لإبادتنا؟ إنكم خونة ومتآمرون، وووو.. في الوقت الذي كان فيه الشعب السعودي كله يضحّي بأعز ما يملك من أموال ومدخرات وممتلكات تخضبها الدموع في حملة شملت جميع مدن السعودية للتبرع من أجل لبنان وشعب لبنان. فكتبتُ حينها مقالة صغيرة رداً على صراخ جوليا وتطاولاتها واتهاماتها وقلتُ لها (هل تريدين أن نغنّي مثلاً؟!) وطالبتُ فيها الشعب اللبناني أن يفعل شيئاً لإيقاف مسببات مثل هذه الحرب غير المتكافئة التي ندفع ثمنها (نحن في السعودية) بينما الشعب اللبناني يرى بلاده تتكسر وهو فقط يتفرج ثم يصرخ (!) وقد نشرتُ مقالتي تلك في صحيفة لبنانية وأخرى سعودية، وكنتُ شبه مقيم في لبنان وقتها، فتعرضتُ لمضايقات لا مجال لذكرها الآن..

لا أدري لماذا تذكرتُ ذلك وأنا أقرأ مقالة الأستاذ خالد الرفاعي في العدد الماضي من هذه الثقافية بعنوان (أيها المثقفون: من يهن يسهل الهوان عليه!) ربما لأنّ فيها من النبرة الحادة ما يشبه الصراخ - الأدبيَّ أعني! - والواقع أن العنوان فيه تعميم فضفاض، والمقالة كلها مبنية على التعميم المجحف وأخذ بقعة صغيرة متدنية من زاوية ضيقة وتكبيرها لتكون هي الساحة الشاسعة بكل أطرافها..!

لن أستعرض أي شيء من كلام الأخ خالد لأرد عليه، فلو أردتُ ذلك فسأضطر إلى استعادة كل سطور مقالته لأرد عليها (!) ولكن بإمكان من يريد الرجوع إليها أن يجدها كاملة في أرشيف الموقع الإلكتروني للثقافية، لذا سيكون ردي مختصراً وشاملاً وعلى لساني وحدي، فأنا لم ولن أتكلم نيابة عن أحد أبداً، كما أنني لم ولن أضع نفسي ضمن فئة (المثقفين) التي - ربما - يعنيها الأستاذ خالد الرفاعي في مقالته، ولولا أنه ترك الكلمة مفتوحة كعنوان، والخطاب كله مفتوحاً دون تقنين وتحديد للفئة التي يتقصدها ويعنيها لما رددتُ على شيء مما قال. فعلى ماذا سأردّ إذاً؟!

سأردُّ فقط على كلامه حول ما سبق أن قاله الشيخ الذي لم يجرؤ خالد الرفاعي على تسميته في مقالته، وهو يقصد طبعاً الدكتور محمد العريفي، وما قاله محمد العريفي على شاشة قناة دليل وغيرها من المنابر منذ فترة مضت وأخذت حقها من المضيّ - أو هكذا أظنّ، وبعض الظنِّ إثم - وحتى لا أعيد ما قلته رداً على الشيخ العريفي في حينه، ولأبين فقط للأستاذ خالد الرفاعي أنه مخطئ كل الخطأ في كل ما قاله (أعمم مثلما يعمم!) سأحيله فقط إلى عنوان مقالتي المنشورة هنا في الثقافية بتاريخ 9 فبراير 2012 وعنوانها: (الصفاقة حين تعلو - العريفي، وآل زلفة.. والقرني.. والله المستعان) فكل ما يطالب به خالد الرفاعي لكي لا يكون المثقفون في (هوان ما بعده هوان!) سيجده آخذاً مكانه بكل أنفة وعنفوان في مقالتي تلك، فقط عليه أن (ينظر حوله) ويبتسم (!) فلا أظن ما قاله ويقوله محمد العريفي يستحق من المثقف الحقيقي - الذي لا ينشغل إلا بالثقافة الحقيقية - أكثر من ذلك الرد العابر والمعبّر، أما الجهات الرسمية فعليها وحدها أن تحقق في الأمر..

أما إن كان مراد الأخ خالد محصوراً في تحصيل الردود أو المواقف الدفاعية الجماعية، تجاه تلك الأقاويل والممارسات الهجومية، فقط من فئة محدودة ظهرت في وقت محدد كمجموعة متكاتفة - كأنها ورشة عمل! - فأنجزتْ دفقة واحدة ثم أعلنت إفلاسها حين تفككت إلى أفراد (مع احترامي لهم فرداً فرداً!) أو كان مراد الأخ خالد محصوراً في تحفيز المناوشات الكلامية والحملات الإلكترونية من فئات متعددة ليس لعناصرها من إنجازات تصلح كأرضية صلبة تقف عليها سوى الطموح إلى الإثارة والظهور على حساب الثقافة التي لا يعرفون عن مكوناتها أكثر من اسمها السطحي، ولا يجيدون حتى كتابة اسمها بشكل صحيح (مع احترامي لهم أيضاً!) ففي الحالتين، تلك والله الورطة التي ورّطتُ نفسي فيها بقراءة مقالته والرد عليها (!) وأنا في الحقيقة أستبعد ذلك من الكاتب المثقف خالد الرفاعي، رغم أنني لم أعرفه شخصياً ولا أظن أننا التقينا في أي مكان، ولم أقرأ له شيئاً إلاّ من فترة قصيرة جداً، فأعجبني أسلوبه السلس الممتع، وقد أعجبني جداً في مقال له منشور هنا أيضاً في الثقافية قبل شهور قليلة، كان عن (غازي القصيبي ومشايخ الصحوة) وكان على حلقات تابعتها واستمتعتُ بقراءتها.. فله مني كل التحية والتقدير، وأرجو أن يأخذ مقالتي هذه بالمحبة نفسها التي أكنها له ولكل زميل في أي حقل من حقول (الثقافة) التي أتعبتْ كلَّ منتمٍ إليها، بأبوابها الواسعة التي كُسرت أقفالها وفُقدت مفاتيحها وتخلّعت حتى كل ن وافذها المؤدية إلى دهاليزها.. منذ ظهور التقنية الإلكترونية الحديثة والفضاء التلفزيونيّ المفتوح؛ فقد باتت (الإثارة) هي الهدف والظهور هو الغاية، أما (الثقافة) فإحدى الموجات العائمة التي قد يجدها بعضُ الساعين - أو السابحين - نحو ذلك الهدف من أسهل الوسائل، وأكثرها سرعة في بروز الفقاعات، وأقلها تكلفة ومتطلبات!

ffnff69@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة