Culture Magazine Thursday  20/12/2012 G Issue 390
كتب
الخميس 7 ,صفر 1434   العدد  390
 
فلسفة جيل دولوز عن الوجود والاختلاف

 

المؤلف: عادل حد جامي

الناشر: الدار البيضاء: دار توبقال؛ 2012

الصفحات:272 صفحة من القطع العادي

***

مهّد المؤلف لكتابه بسؤال إشكالي: «كيف نبدأ بحثا حول دولوز ومن أين؟ كيف نؤسس لمنطلق في فلسفة كل ما فيها هو بينيات وعلاقات وسيطة؟ كيف نبتدئ مع فكر يؤمن بأن فلسفة لا تبتدئ فعلا ما لم تقطع مع وهم البداية نفسه، وبأن اللاأساس هو الإمكان الأول لكل تأسيس؟».

و يجيب: «نعتقد أن ذلك لن يكون إلا من حيث ينبغي، أي من الوسط المحض، من قلب فلسفة دولوز العامة، ثم ننحو بعد ذلك شيئاً فشيئاً نحو «الأطراف»، قبل أن نلم الكل إلى أبعاضه في الختام. ولتكن البداية استشكالية نحاول فيها توضيح «إشكالية» هذه الفلسفة ودوافعها، تماماً كما يلح على ذلك دولوز حين يبين بأن التفكير على الحقيقة ليس سوى فن توسيع وتدبير الأسئلة.»

ويستمر في إثارة الأسئلة؛ «كيف نؤسس لفلسفة في واحدية الوجود لا تفرط في التعددات التي يقال عليها؟ وكيف نصوغ نظرية مادية في العالم والطبيعة نتفادى فيها عيبين: أن نقتصر على الموجود وحده وهو ما سيسقطنا في المادية الفجة، أو أن ننظر إلى الوجود كأصل كلي، وهو ما سيسقطنا في نزعة صوفية مثالية؟ أي كيف نثبت التعدد في الاختلاف بالاختلاف والتعدد نفسيهما دون حاجة إلى مفهوم كلي نؤسس عليه هذا التعدد المتنافر؟ ثم، كيف نتكلم عن العالم الذي هو حي فينا، دون أن نوقفه لنتأمله؟ أي كيف نثبت أن كل ما يوجد هو على الحقيقة تعدد حركي حي وشديد، دون أن نستند على أي أساس مجرد صوري أو ميكانيكا مادية مباشرة؟ أي كيف نؤسس لوجود العالم نظريا، دون أن نضيع حيويته وماديته، ودون أن نسقط في الفراغ العدامي أو التأمل الثيولوجي؟ بعبارة مجتمعة، كيف ننشئ أنطولوجيا للسطوح لاتؤمن بالتعالي ولا بالعمق؟».

« كيف نثبت الحياة ونؤسس للفعل الخلاف دون أن نسقط مركزية إنسية أو في مذهب لذّي بذيء؟ أي كيف نخلق فكرا يؤمن بالحياة كقوة تعددية اختلافية، وكيف نزكّي العالم كقوة خالصة وكإيتيقا مطلقة، دون أن نستند إلى أي مركزية موضوعية أو ذاتية، أي دون أن نحتاج إلى مفهوم جوهري نؤسس عليه، من مثل الإنسان أو العقل أو التاريخ، ودون أن نسقط من ناحية ثانية في قول «موت الإنسان» أو بالعدمية؟ بصيغة أخرى، كيف نؤكد الرغبة كمسار حي مستقل لا دافع أصلي يحركه ولا غاية أخيرة يستقصدها، وكيف نكوّن بالتالي نظرية كلية إثباتية ومتماسكة في القيم، دون أن نسقط في التجريد الكانتي أو في الما دية الفجة؟ وكيف نبني لعقل عملي إثباتي، دون التسليم للتوجهات الرخوة كنظريات «الحوار» أو أخلاق النقاش والتواصل؟».

«تكمن حقيقة العالم والزمن في تصور دولوز في كونه جملة مسارات متفردة، أي أحداث متزامنة وخطوط منفلتة مفتوحة، وليس لحظات مترابطة متتالية تنتهي إلى وحدة عامة هي ما يمنح المعنى والقيمة في النهاية، وبالتالي فالتاريخ عنده ليس هو هذه الأطوار العامة التي يتقلب فيها الفكر منذ بدايته، أي ليس سلسلة اللحظات المتتالية التي يفضي بعضها إلى بعض وفقا لمبدأ العلية، بل هو جماع«لوحات» وصور؛إنه على الحقيقة تجاور في المكان، وليس تتاليا في الزمان، أي إنه جغرافيا وليس كرونولوجيا، وهذا ما يفسر امتلاء متن الفيلسوف بمفاهيم من مثل «الأرض» و«الجغرافية» و«الترحل» و«الترسم»، إذ إن هذه المفاهيم هي الأقدر عنده على توصيف حقيقة الفكر وحركته. فالفكر تفاعل آني ممتد، وليس تقدما كرونولوجيا مطردا، والتاريخ توليف خرائطي متزامن، وليس عقلا كليا ينمو، ولهذا كانت البدايات غير موجودة والضرورات غير ملزمة، فما يحصل هو دائما«وسط»، وهذا ما تعجز عن فهمه النزعات التاريخية التي تقتل قوة الحدث حين ترده إلى هويات ومبادئ عامة قبلية.».

و إجابة على سلسلة الأسئلة الإشكالية التي طرحها حول فلسفة دولوز؛ يقرر المؤلف: «ليس الجواب على أسئلة كهذه، بالأمر الهين، وليس هو كذلك مما يمكن أن نلخصه في أجوبة متسرعة، ولكن من باب التمهيد والتوطئة الأولية، يمكن ان نعرض صيغا أولى مجملة في الجواب، على أن تكون كل الصفحات الآتية من هذا البحث، بسطا وبيانا لهذا الإجمال.».

جاء الكتاب في ثلاثة أقسام وبعدد كبير من الفصول التي لامس فيها المؤلف فلسفة جيل دولوز من أركانها الثلاثة؛ الانطولوجية والمعرفية والقيمية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة