Culture Magazine Thursday  22/11/2012 G Issue 386
أفق
الخميس 8 ,محرم 1434   العدد  386
 
قصص قصيرة
الأربعون.. أوان الحكمة
سليمان الهويريني

 

تجاوز الأربعين بقليل..

بقليلٍ أو كثيرٍ لا يهم!؟ يبدو أنه لا يكترث أو أن السنون بعد تلك المرحلة لم تعد ذات أهميةٍ قصوى!؟

لهاث دائم، ملاحظة الأبناء ورعايتهم والاهتمام بشؤونهم.. تسوق؛ مراقبة ميزانية الحياة..فواتير طاقة(بدل رفاهية وتناسق مجتمعي).. التزامات.. متابعة جديد الأعشاب الطبية الصحية..خلطاتها؛ كتبها؛ برامجها.. ومسوّقي الوهم مع زميله القصي في المكتب المقابل حيث يعملان بروتينٍ كالح.. في أحد دواوين التنبلة في بلاده.. بلاده!..التي غالباً ما يردد-ببلاده- عند كل خصمٍ لمرتبه، أو فضيحةٍ مجتمعية مدوّية لا يستوعبها رحم الإعلام الوطني(قومي وإن جاروا عليّ...)..

جرب معظم تلك الخلطات و... وما يطيل أمد اللقاءات الباهتة –على ندرتها- ويعيد اخضرار واحاته الجوف؛ وأراضيه اليباب.. هو لا هي!!..

منافسة حادة في بيئة عمل مشحونة بالوشايات والضغينة؛ من اجل حفنة ريالات.. و.. جفت عينه وعاطفته.. لم يعد يختال طرباً كسابق عهده؛ عندما يمر به طائفٌ من الطرب أو سورة حنين لشيءٍ ما...

وجدوه ذات صباحٍ ممطر، قابضاً على فأرة جهاز حاسوبه.. كوب زهورات لم يفقد حرارته بعد.. وخبزاً من البر قضم منها قضمته الأولى.. متشبثاً بآخر نافذة له على عوالمه الافتراضية.. تصلبت أطرافه؛ أطرق رأسه إلى الخلف.. مع افترار ثغرٍ بلا معنى!؟

بعد أن انفض جمع اليوم الثالث.. فتشت ابنته الصغرى سطح مكتب حاسوبه؛ لتجد قطعة شعرية لم تكتمل بعد.. كان قد عنونها بـ:

الأربعون.. وأوان الحكمة!؟..

شرشف صلاة:

كان يجد فيه رائحة أمه..

عبق عرقها المبارك المعتق برائحة العنبر وقداسة الصلوات..

بدا له في مخيلته معانٍ سامية؛ تغـّزل في نعومة ملمسه.. نقشه؛ رغم بدائية تلك النقوش وتكرارية جمالها البصري !!..

انطبع في وجدانه القديم أن ذلك الرداء هو رمز الطهر والتبتل؛ ونقاء العفة وبياض القلب.. ونزول السكينة، وحلول الرب وبركته..بل أكثر من ذلك !!..

فيما بعد..

بدا يلوح له هذا الرداء من خلف الأبواب المواربة؛ كحالة وسط بين الستر الكامل وعدمه..

كان عاملاً مساعداً وساعي بريد لحالات البين بين.. لأعطافٍ بضه تنوء بحمل رغباتها..

لم يبلغ الحلم بقليل عندما اشتملا معاً..

لم ينس تلك النقوش.. وتلك الرائحة!..

طوال سنيّ حياته فيما بعد..

كان يحاول عبثاً أن يزيح من ذاكرته وجه الشبه بين تلك الرائحة.. ورائحته المقدسة!..

عندما نضج بما فيه الكفاية..

ألِف تلك المقارنات، ولم يكتفِ بغرابٍ يعلمه كيف يواري سوءة أخيه..

ولا حتى رملٌ ونعامات وهالة تبجيل !!..

سلطوية

قبل الزواج، كانت المرآة تشيء بشعراتي البيض لوأدها بلا هوادة..

فيما بعد.. هرمت تلك المرآة؛ بل انشقت عليّ وسلطويتي.. وبالكاد تذكر وفاءاً لها.. وتطلعني بجفاء على ما تبقى من غربة شعراتي السوداء..


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة