Culture Magazine Thursday  22/11/2012 G Issue 386
تشكيل
الخميس 8 ,محرم 1434   العدد  386
 
محطات تشكيلية
بعد أن قذف به إلى حاويات القمامة
الفنان الياباني العالمي تاداشي كاواماتا يعيد للكرسي قيمته وهيبته في آرت أبو ظبي
إعداد: محمد المنيف

 

الكرسي، رغم أنه جماد إلا أن الشعور به (صاحب قرار) يجعل له قيمة ومقام، فتارة نراه وسيلة لأخذ قسط من الراحة وتارة أخرى، وهي الأهم نراه فيها (هدفاً) ومطلباً قد يصل بنا إلى اتخاذ موقف صعب من أجل الحصول عليه أو التمسك به، هذا الكرسي لم يكن يوماً في مستوى أعلى من قاماتنا مهما تعددت القياسات والمقاسات، لكنه كبير ورفيع حينما يكون في موقع يمنحه هذا الحق ويمنح من يجلس عليه تلك القيمة والمقام لكنه في نفس الوقت أيضاً لا يقبل أن يمتلكه شخص واحد وأن يقبل التنازل عنه بسهولة وكثير ما قذف بمن لا يرغب فيه إلى خارج دائرة الأهمية، وإذا كنا نشعر (معنوياً) بتلك الخصوصية والأهمية والهيبة فإننا نجد هذا الكرسي (ملموس كمادة)، مهملاً ومقذوفاً به في حاويات القمامة بعد أن تمزق ما يغطي سوءته ويحمي هيكله قماشاً كان أو جلد.

الفنان الياباني العالمي تاداشي كاواماتا له نظرة خاصة لهذا الكرسي أو لكل الكراسي التي وقعت عينه عليها وتمكن من اقتنائها مع أن غالبيتها في حال يرثى لها وجد فيها فكرة وبعد نظر ومعاني أبعد مما كنا نراها في بداية حديثنا أو نشعر بها تجاه تلك الكراسي التي جمعها في مختلف ظروفها (الزمكانية) وبنى بها شكلاً جمالياً يجمع بين المعنى والمبنى (تشكيلا) حيث يتألف العمل التركيبي من مئات الكراسي الخشبية التي قام الفنان على بنائها بشكل هرمي شكلت في تكوينها العام مجسَّماً عالياً يبلغ ارتفاعه أكثر من ستة أمتار اجتذب الزائرين واستوقفهم كثيراً واجتذبهم للتفاعل ومحاولة اكتشاف أكبر قدر من أسراره المنظورة، التي يظهر فيها الكرسي مع رفاقه بتنوع ألوانهم وأحجامهم وبما حمله كل كرسي منهم من ذكريات ومواقف منها المبكي ومنها المضحك لمن استخدمها، معيداً بهذا الشكل الكرامة لتلك الكراسي التي أهينت بعد أن كانت تؤدي دوراً مشرفاً للإنسان، بأن جعلها فوق مستوى نظر من يقف تحتها، شموخاً وتعالياً وفخراً وتذكيراً أنها دائماً في أعلى مقام وأهمية، مهما اختلفت مواقع استخدامها، دفعت بهذا الشموخ الكثير للولوج إلى داخله فتتحوّل تلك المساحة إلى تجمع بشكل تلقائي للتعرُّف عن قرب على ما تحتضنه تلك الكراسي من رموز لعالم المشغولات والتصاميم في مجموعة من الكتب والمجلات. إضافة إلى إقامة بعض الحوارات والنقاشات.

هذا العمل الفني الذي شاركت به غاليري كامل مينور الباريسية في معرض (فن أبوظبي 2012)، يأتي ضمن قسم (آفاق) الذي ضم الأعمال المجسّمة المتميزة في مساحة عامة تتجاوز حدود الأجنحة المخصَّصة للصالات الفنية حيث صُمّم هذا القسم لعرض الأعمال التركيبية الكبيرة الحجم التي لا تسمح حدود مساحات الأجنحة المخصَّصة للصالات الفنية لعرضها ومن بينها عمل للفنان الفلسطيني المقيم بالمملكة العربية السعودية أيمن يسري ديدبان تعرضه صالة عرض أثر جاليري (السعودية)، وعملاً آخر بعنوان (الناقوس) للفنان جابريال كوري تعرض صالة عرض صفير زملر (لبنان - ألمانيا).

الجدير بالذكر أن الفنان الياباني العالمي تاداشي كاواماتا المولود في جزيرة هوكايدو اليابانية عام 1953، كما جاء في سيرته الذاتية، اشتهر بأعماله الإبداعية الخشبية. التي تتجسّد في شكل جسور المشاة، المغطاة والمكشوفة، والأبراج والأكواخ العملاقة وغيرها. ويرى نقاد أعماله أن كاواماتا شغوف بإيجاد همزة الوصل بين ما هو ماضٍ وما هو الآن، وبين الأبعاد الداخلية والخارجية.

من هنا وبهذا التوجه من الفنان الياباني يمكن لنا أن نقف احتراما لإبداعه ولفكره ولأسلوب تعامله مع منجزه، الذي قال إن لكل جزء منه وقفة وإحساس وشعور بعلاقة لا يمكن وصفها لا تتغير مهما تغير موقع عرض هذا العمل أو غيره من إبداعاته الكثيرة معللا ذلك بكونه قريب منها ومشارك مباشر في تنفيذها.

monif@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6461 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة