Culture Magazine Saturday  02/11/2013 G Issue 415
شعر
السبت 28 ,ذو الحجة 1434   العدد  415
 
عاصمة الثقافة الإسلامية

 

طالتِ الرحلةُ وازدادَ التَّعَبْ

وقليلُ الماءِ والزَّادِ نَضَبْ

أنا في صحراءَ قفرٍ مَهْمَهٍ

ليس فيها لحياةٍ مِنْ سبَبْ

وحثيثُ السَّيْرِ أَدْمى قدمي

وغدا جسمي كعودٍ من قَصَبْ

وورائي المالُ والأهلُ معًا

ما الذي يجدِيهِ مالٌ أو نَسَبْ؟

ما الذي يمكنُ أنْ يفعلَهُ

في الفيافي بعضُ مالٍ أو لقبْ

هل سيغني عن شرابٍ أو غِذَا

كثرةُ الآلِ وبعضٌ من نَشَبْ؟

أم سيغني المالُ والآلُ إذا

دَنَتِ الساعةُ والحَيْنُ وَجَبْ؟!

ليس يجدي غيرَ فعلٍ صالحٍ

فَبِهِ نرقى إلى أعلى الرُّتَبْ

وَبِهِ نُرضي إلها واحدًا

خلقَ الأكوانَ من غيرِ نَصَبْ

***

قلتُ هذا حِينَ طالت رحلتي

وتأمَّلْتُ شبابًا قد هَرَبْ

رُحْتُ أَسعى لِمَلاذٍ وادعٍ

أَنشُدُ الراحةَ من بعد التعبْ

فتوجَّهْتُ لدارِ المصطفى

طيبةِ الخيرِ ومأوى المضطرِبْ

فأنَخْتُ الرَّحْلَ فيها بُغيتي

خيرُ زادٍ لمَعادي أَكتسبْ

وقَصَدتُ الروضةَ الخضراءَ في

حَرَمِ الصادقِ محمودِ النسبْ

أرفعُ الكفيْنِ أرجو توبةً

بخشوعٍ ودموعٍ تنسكبْ

ثمَّ عرَّجْتُ على القبرِ الزكي

إذ يضوعُ المسكُ من بين التُّرَبْ

قبرِِ خيرِ الرسلِ أتقى خَلْقهِ

وإمامِِِ الخلقِ عُجْمًا وعربْ

فتأملتُ طويلا يومَ أنْ

ربُّنا أَوحى لهُ خيرَ الكتبْ

بدأ الدعوةَ في أقوامهِ

فاستجابَ البعضُ من غير رِيَبْ

وأَبى أكثرُهمْ دعوتهُ

قاومُوا الحقَّ وثارُوا للشّغَبْ

خطَّطوا كي يمنعوا دعوتهُ

أبِغرْبالٍ ذُكاءٌ تَحْتَجبْ؟

أَجمعُوا أمرهُمُ أن يقتلوا

داعيَ الخيرِ بلا أدنى سببْ

غيرَ أنْ قال لهمْ: ربكُمُ

واحدٌ فردٌ ولا غيرَهُ ربّْ

فاعبدوه وحدَهُ لا تشرِكوا

كُلُّ أصنامٍ لكمْ فلتُجتنبْ

فَدَعا أتباعهُ أنْ يَسلَمُوا

منْ قريشٍ ويلوذوا بالهربْ

فإذا طيبةُ تستقبلُهمْ

بحنانٍ وحُنُوٍّ وحَدَبْ

وإذا الأنصارُ في استقبالهمْ

باشتياقٍ وابتهاجٍ وطربْ

صالح الأوسَ مع الخزرجِ مِنْ

بعدِ أنْ دبَّ العداءُ ونَشَبْ

ثمَّ آخى بينَ أنصارٍ ومَنْ

هاجروا حتى غَدَوْا أبناءَ أبْ

وابتنى من فورِهِ مسجدَه

ُشَعَّ نورُ الحقِّ منهُ كالشُّهُب

دولةُُ الإسلامِ أرسى أسَّها

وموازينُ المساواةِ نَصَبْ

دولةٌٌ للدينِ والدنيا معًا

لهما يُسعى بحرصٍ ودَأَبْ

***

هيّأ اللهُ لها مِنْ بعدِهِ

مَنْ لِعِزِّ الدينِ كانوا همْ سببْ

خلفاءً تبعوا سُنَّتَهُ

واصَلُوا النهجَ كما اللهُ طلبْ

واستمرتْ دولةً شامخةً

عبْرَ أزمانٍ تتالتْ وحِقَبْ

وإذا مملكةٌ ميمونةٌٌ

شادَها غُرٌّ ميامينٌ نُجُبْ

إنَّهُمْ آلُ سُعودٍ أسسوا

مُلْكَهمْ في قلبِ أوطانِِ العرَبْ

عَمَروها بعلومٍ وتُقَى

وبأخلاقٍ تَسَامَتْ وأدبْ

خدمةُ البيتينِ صارتْ همَّهمْ

لا يُبالُونَ بمالٍ أو تَعَبْ

سَهَّلوا العيْشَ لمن جاءَهما

ساكنًا أو عابرًا أو مُغْترِبْ

جَدَّدُوا المبنى وزادُوا ساحَهُ

فأراحُوا قاصديهِ مِنْ نَصَبْ

لكتابِ اللهِ شادُوا مَجْمَعًا

وظَّفُوا فيهِ النَّحارير النُّخَبْ

يُطبعُ المصحفُ فيهِ باعتنا

ءٍ دقيقٍ وَفْْقَ رَسْمٍ مُنتخبْ

***

قل لِمَنْ رَشَّحَها عاصمةً

للثقافاتِ وأعطاها اللقََبْ

الثقافاتُ نَمَتْ في حُضنِها

ثُمَّ عَمَّت كُلَّ سَهْلٍ وحَدَبْ

هي مَنْ تمنُحُنا أوسمةً

مَنْ يَنَلها نالَ غاياتِ الطَّلبْ

ربِّ فاحفظْ طيبةً دارَ الهُدى

ما شَدا طيرٌ على الغصنِ الرَّطِبْ

وأدمْ بالعِز دارَ المصطفى

قلعةَ الدينِ على مَرِّ الحِقََبْ

صَلِّ يا ربِّ على ساكنِها

سيِّدِ الرسْلِ ابنِِ عبدِ المطلبْ

واجزِ بالجَنَّاتِ مَنْ عظَّمها

يومَ لا ينفَعُ مالٌ أو نَسبْ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة