Culture Magazine Saturday  02/11/2013 G Issue 415
تشكيل
السبت 28 ,ذو الحجة 1434   العدد  415
 
محطات تشكيلية
تقديراً لريادتها وجهودها في خدمة ثقافة الوطن
وزراء ثقافة الخليج يكرّمون الرائدة التشكيلية صفية بن زقر
إعداد: محمد المنيف

 

قبل أيام احتفت الساحة التشكيلية بتكريم الفنانة التشكيلية الرائدة صفية بن زقر، وذلك ضمن قرار أصحاب السمو والمعالي وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الخاص بتكريم المبدعين في دول المجلس سنويًا، بالتزامن مع انعقاد اجتماع وزراء الثقافة في دول المجلس، وقد جاء الخبر مفرحاً وباعثاً للاعتزاز باستحقاق الفنانة صفية بهذا التكريم الذي يعد القطرة من غيث ينتظره التشكيليون لتكريم أصحاب العطاء الوطني من أبناء الخليج من مبدعين ومبدعات، ولما تتمتع به الفنانة صفية من مكانة كبيرة في وطنها المملكة وأوطانها دول المجلس فهي صاحبة سيرة وتاريخ مضيء في خدمة وطنها عبر وسيلة تعبيرها وأدواتها الفنية لم تفرط في أي من لوحاتها ولم تبحث يوماً عن إشادة، بل جعلت تلك الجهود جزءاً من رد الجميل للوطن ولثقافة مجتمعه.

سيرة ومسيرة

لا يمكن لأي منا أن يتحدث عن الفنانة صفية بن زقر أكثر مما تسطره أنامل بنات جنسها، ولهذا ساترك للقارئ بعض مما سطره قلم الكاتبة المبدعة حليمة مظفر عن الفنانة صفية، حيث استهلت الكاتبة حليمة قراءتها لتجربة الفنانة صفية في إحدى الصحف بكلمة للأديب محمد حسين زيدان:

«إن الذكاء الراكض الرافض والمغرض إذا اعتور نفس إنسان كليهما يهزم بالفنان.. ذلك أنه لا بليد.. ذلك أنه يرفض الركض.. فالريشة في يده ذكاء، وهي أيضاً أناة، من هنا شريت الرمز المقهور في انحباسه الباهر في انطلاقه عصا تضرب البلادة، اليوم شريت هذا الرمز في معرض ابنتنا الغالية صفية بن زقر».. هذا ما ذكره الأديب الراحل محمد حسين زيدان، من كتاب «كلمة ونصف» عن الفنانة التشكيلية الرائدة التي رسمت التفاصيل الحياتية الدقيقة في الحجاز ومظاهر العادات والتقاليد الشعبية وحفظتها في ذاكرة لوحاتها التي أمنت برسالتها ورفضت حتى بيعها لتكون مشاعة للجميع عبر دارتها في جدة.

وحارة الشام بجدة القديمة، التي تجوّلت بين أزقتها وبيوتها الحجرية برواشينها سنواتها الأولى، وشهدت ولادتها عام 1940، لم تكن مجرد بيوت عتيقة وأزقة ضيقة وأناس يمشون فيها ذهاباً وإياباً ليعبروا في ذاكرة صفية عبور الكرام، إنما كانت مشاهد تلاحقها رائحتها أينما كانت حتى في أسفارها، وعندما غادرت مع أسرتها إلى القاهرة عام 1947، وهي في السابعة، حملت عرائسها الحجازية مع الحلم والحنين في حقيبتها لتغيب 16 عاماً تتم فيها دراستها الرسمية حتى تحصل على شهادة الثانوية الفنية عام 1960، ومن ثم يحمل الحلم والفن حقائبها مرة أخرى لتغادر القاهرة إلى بريطانيا كي تلتحق بـ Finishing school، لمدة ثلاث سنوات دراسية.

وفي أواخر عام 1965، تعود أدراجها إلى القاهرة وطن الاغتراب عن الحجاز لتطور موهبتها الفنية من خلال دروس خصوصية، لكنها لا تكتفي بذلك، فتعاود الرحيل إلى لندن كي تلتحق بكلية (سانت مارتن) للفنون ضمن برنامج دراسي حصلت بعده على شهادة في فن الرسم والجرافيك..

درست صفية وكافحت لتشتغل بفنها وتهبه حياتها، لأنها لم تتزوج لأجل رسالتها، كانت رائدة بحق، بل من أوائل المؤسسين للحركة التشكيلية في السعودية، حينما افتتحت أول معرض فني في مدرسة دار التربية الحديثة للبنات عام 1968، في وقت لم يكن فيه معارض فنية يمكن للفنانين أن يعرضوا أعمالهم بها، فأعدّت المعرض بنفسها لتقدم لوحاتها لزواره، وكان هذا المعرض نقطة انطلاقتها إلى معارض عديدة محلية ودولية وصلت إلى 18 معرضاً شخصياً، وستة معارض جماعية، لتلقّب بعدها بـ (فنانة التراث السعودي).

ويبدو أن حلمها الذي حملته معها في أسفارها وبين جفنيها، قد بدت ملامحه تتحقق، بعدما بدأت في مشروعها الذي يُعَد الأول من نوعه في السعودية، حيث أنشأت دارتها التي تحمل اسمها في مدينة جدة على طراز معماري فاخر، حوى مرسمها ومكتبتها الخاصة ومتحفاً لمقتنياتها الحجازية القديمة، التي شهدها التاريخ إلى جانب لوحاتها التي رفضت بيعها كي تجعلها متاحة لرؤية الجميع. والدارة التي افتتحت عام 2000 على شرف أمير منطقة مكة المكرمة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، تعد متحفاً يحمل حلمها الذي أرادت تحقيقه منذ ثلاثين عاماً، وقد فتحت أبواب الدارة للزوار والباحثين بالمجان في مواعيد محددة كي يطلوا على جدة القديمة بتفاصيلها الحجازية وتقاليدها وحياة شخوصها من لوحاتها العميقة التي تنتمي فيها إلى المدرسة التأثيرية الانطباعية.

ولم تتوقف عند هذا الحد، بل حولت دارتها أيضاً إلى ورش عمل للكبار والصغار في تعلُّم فن الرسم، وأقامت بها المحاضرات الثقافية التي تعنى بالأدب والفن التشكيلي. ولحبها الشديد للأطفال وإيمانها بأنهم أساس المستقبل، أخذت تهتم بذائقتهم الفنية، كما اهتمت بتعليمهم الرسم، بل ونظمت العديد من المسابقات الفنية والثقافية للأطفال لتشجيعهم وتحفيز موهبتهم كي تكون أيضاً علامة مؤثرة في مشوارهم الفني.

monif.art@msn.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6461 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة