Culture Magazine Thursday  07/02/2013 G Issue 395
مراجعات
الخميس 26 ,ربيع الاول 1434   العدد  395
 
على موعد مع ربيع جميل
أحمد حامد المساعد

 

استبشر الناس في الجنوب خيرا، بعد ما هطلت الأمطار في مرابعهم بغزارة طال انتظارهم لها، واستعاد المعمرون منهم ذكريات السنين الخوالي عند ما كان الشتاء يخيّم عليهم كل عام بضبابه وأمطاره الغزيرة، حتى أنهم لم يكونوا يبرحوا البيوت إلا عند الضرورة القصوى خوفا من البرد والمطر، وكانوا يسمّون هذه الحال بـ»السبرة» ويكاد نشاطهم لا يتعدى التحلق حول المواقد المشتعلة، ليكسروا حدة البر، وكانوا ينتقون من محاصيل الذرة الجيدة من مخزوناتهم التموينية ليسلقوها عند احتدام أحداث الشتاء، ويتناولوها مصحوبة بشراب البن المخلوط بالزنجبيل الحارق طلبا لدفء أمعائهم من الداخل، وهذه الوجبة الخفيفة يسمونها «الطبيخة» إذ لا يمكّنهم الطقس من الحرث أو الري أو الاحتطاب، وما أكثر ما كانت تُشحذ الذاكرة عند أناس معروفين بذواتهم وأسمائهم، ليكونوا قادرين على إثراء الجلسات بمختلف الحكايات والقصائد من باب التغلب على الملل، إذ لا تكاد أية قرية أن تخلو من ظريف أو أكثر من أهلها يتولى الواحد منهم تلقائيا رسم الابتسامة على الشفاه من خلال ما يرويه من النكات الظريفة التي ليس فيها فحش يؤاخذ عليه من لدن سامعيه، حفاظا على الذائقة والاحتشام، وما هي إلا أسابيع معدودات ثم يطل الربيع الطلق بأجوائه الأخف برودة والأكثر نماء وإزهارا عند ما تتفتح الأكمام والبراعم، وينمو الاخضرار في الفروع الجرداء، وتبدأ بواكير الفواكه في النضج، مثل اللوز البجلي، وتكتسي الأرض بالعشب الأخضر الفتان، فيأخذ الرعاة طريقهم خلف قطعانهم إلى المراعي العالية، والمزارعون يطّوفون بحقولهم الحافلة بنباتات القمح والعدس التي زرعوها في فصل «الوسمي» الذي ينطقون مسماه مؤنثا، وقد أورد التسمية الروائي الأستاذ عبد العزيز مشري يرحمه الله، إذ أسمى إحدى رواياته «الوسمية»، وفي فصل الربيع لا تكاد ترى بقعة من الأرض إلا وبها نبات عفوي مزهر بمختلف الألوان الزاهية وكل نبتة مزهرة لها اسم معلوم: «الشيح» و»النفل» و»العطر» و»الدّميغا» والأخيرة لا يتعاملون معها لأنها في اعتقادهم تؤثر على اتقاد الصحو عندهم، ولعل تسميتها تدل على تأثيرها على أدمغة الناس، ومجمل القول إن الربيع يزدهر أكثر كلما تكاثرت الأمطار في الشتاء، وتبارك الله أحسن الخالقين.

ويبقى الشعر:

هل رأيت القمر؟

كوكب من صفا

ذلك الكوكب الأريحي

وأيقونة من وفاء

يسكب الضوء في توءده

كم أناخت بأضوائه الأفئده

لا يمل العطاء

كم تمنت توهجه.. أعين مسهده

- الباحة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة