Culture Magazine Thursday  07/03/2013 G Issue 399
فضاءات
الخميس 25 ,ربيع الثاني 1434   العدد  399
 
انطباعات أدبية
كتب الرحلات والمذكرات
حمد الزيد

 

تستهويني كتب الرحلات والمذكرات منذ زمن طويل، ولِذا يوجد في مكتبتي المنزلية العشرات منها، ولا أتردد مطلقاً في شراء أي كتاب أراه عن الرحالة أو الرحلات، أو المذكرات والذكريات.

إنها نزعة تملكتني منذ زمن -كما سلفت- وأجد في تلك الكتب متعة كبيرة، واقرأها من الغلاف للغلاف!

وليس بالتصفح أو القراءة السريعة التي تعلمتها في السنين الأخيرة، ووفرت عليَّ جهداً ووقتاً.

صحيح أن كُتب المذكرات بالذات، قد وُجه لها الكثير من النقد، لأن كاتبها العربي أو حتى المسلم لا تساعده قيمه أو دينه على البوح الصريح بما مرَّ به في حياته، ويشذ عن القاعدة بعض من اشتغلوا بفن القصة أو الرواية، فقد سهّل هذا المنحى عليهم، تقليد الكُتاب الغربيين فيما يسمى (أدب الاعتراف)، ابتداء باعترافات (روسو) وانتهاء بـ(سارثر) الفرنسي، وأظهر مثال في الأدب العربي الحديث شذوذاً عن القاعدة في بعض وليس كل كتابات المغربي : محمد شكري ولا سيما في كتابه (الخبز الحافي) الذي ذاع صيته ونشره في الآفاق! فأتبعه بآخر وربما بثالث! والفرق بيننا وبين الأدباء والكُتاب الغربيين أن أدب الاعتراف ربما لا يتقادم مع مجتمعهم المكشوف، وعلاقاتهم المتقطعة، ودينهم الذي يعتبر الاعتراف فيه، نهاية للآثام قبل الموت!

صحيح أن التوبة عندنا تشبه إلى حد ما الاعتراف، ولكنها تختلف في أنها بين الإنسان (المذنب) وخالقه (العفو) أما عندهم فبين إنسان وإنسان، الشخص المخطئ والقس الراعي.

كما تنتقد المذكرات أو كتب الذكريات بأن بعضها أو معظمها مزيف أو كاذب، ومع أن أحداً لا يستطيع الجزم بصحة أو خطأ ذلك أو حتى درجة الصدق أو الكذب، لأن كل القراء تقريباً لا يعرفون المؤلف، ومن هنا يأتي اللبس، ويصعب الحكم على تلك الكتب فيما يخص شخصية المؤلف أو الراوي، ويمكن للناقد البصير أو القارئ المطلع أو من يعرف المؤلف أن يُفرق بين الادعاء والزيف، والحقيقة والباطل!

مشكلة كتب المذكرات والذكريات أنها كتب شخصانية، وبعض من يكتبها ينفى عن نفسه تهماً بعضها يصل إلى الجرائم والجنايات، ولا سيما عند السياسيين والموظفين الكبار، وبعضها يدخل في باب النرجسية وتمجيد الذات، والظهور الخادع والزائف أمام القارئ / الآخر بصورة أجمل من واقع تلك الشخصية التي قد تكون فارغة أو متسخة، أو على الأقل كاذبة!.

وهذا لا يمنع من القول: إن في كتب المذكرات والذكريات بعض المتعة والفائدة أما كُتب الرحلات فمعظمها وصف جغرافي أو تاريخي أو اجتماعي لما شاهده الرحالة وعايشه، صحيح أن في الرحالة كذابين! وجواسيس وعُملاء ومدّعين، ولكن معظم كُتب الرحلات مشوقة وفيها سحر خاص، ومتعة لا توجد في كتب التاريخ!.

من هنا نرى بأن كتب الرحلات أجمل من كُتب السير والتواريخ، لأنها تنقل صورة شبة حقيقية لبلدان تغيرت، ومجتمعات انقرضت، وأوضاع وحضارات ودول سادت ثم بادت!

إن كُتب التاريخ جامدة! ولا تعطينا صورة عن الواقع الاجتماعي للناس / البشر في بقاع الدنيا الواسعة، ولا لذة الاكتشاف لدول وشعوب لم نرها ولا نعرفها وبيننا وبينها فاصل مكاني شاسع وزمني واسع قد يمتد لقرون.

جدة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة