Culture Magazine Thursday  18/04/2013 G Issue 403
فضاءات
الخميس 8 ,جمادى الآخر 1434   العدد  403
 
رؤية
درباوي ودرفت .. فوق وإلا تحت
فالح العجمي

 

ربما تعددت المصطلحات الدالة على بعض سلوك الشباب المتمرد مع التقنية، وعلى وجه الخصوص مع السيارات وطرق قيادتها، أو الاستعراض بها فيما يسميه أصحابه فنوناً، ويسميه الآخرون من غير المؤيدين مغامرات وعبثاً وتعريضاً لحياة الناس وممتلكاتهم للخطر، بالإضافة إلى تعريض الأشخاص الممارسين إليه.

كانت غاية الشباب المفحطين في وقت من الأوقات أن تخرج أصوات الإطارات على الإسفلت في صرير عالٍ يلفت الانتباه، ويشعر معه المفحط بنشوة المغامرة، وربما إظهار المهارة والتحكم بالمركبة، خلافاً لمن يدارون الاحتكاك أو يخافون الخروج عن الطريق، أو حتى انقلاب السيارة.

لكن الأمر قد تطور كثيراً في السنوات التي أعقبت الطفرة الثانية، وباتت قضايا الصرير، أو اهتزاز السيارة أثناء وقوفها عند الإشارة أو انطلاقها مجرد صورة مزيفة لمدعي القدرة؛ فالبراعة في نظرهم أصبحت تتمثل في إبراز مهارات غير اعتيادية. ولا تقل درجة من يرغب في الاستعراض، وإبهار المناصرين عن الوصول إلى درجات متصاعدة من الخطر، المتمثل في عدة أصناف من الممارسة؛ منها: التخميس (وهو صناعة أشكال دائرية من أثر الإطارات على الإسفلت)، والتفجير (وهو الوصول إلى انفجار الإطار في تنافس مع آخر، وهو الذي يعلن هزيمته إذا حقق الآخر ذلك الهدف). كما تتحقق عند الممارس صفة «الصملة» إذا لم ينحرف عن الآخر في مواجهة حتمية على خط واحد، سيكون أحدهما فيه مضطراً إلى الانحراف، أو قبول الاصطدام القاتل.

من أين أتى هؤلاء بثقافة تلك الممارسات؟ وكيف بقيت أسرار هذه الرياضات الخطرة غير المرخصة حكراً على عدد محدود من المتمكنين منهم والمغامرين؟ طبعاً انتشرت في بعض وسائل الإعلام أخبار عن نتائج بعض ممارساتهم، واحتوت بعض جدران الأحياء، أو الأراضي المسورة في مخططات مجاورة لأماكن مغامراتهم بعضاً من عباراتهم، التي أدرجوا فيها انفعالات أو تحديات أو إشارات إلى رغباتهم وخططهم، والإشادة ببعض رموز المهنة، الذين أصبح بعض الأنصار يسعى إلى تدوين تاريخه.

لكن اللعبة لا تتوقف عند هذا الحد؛ فبقدر ما كنت - وربما ماثلني بعض من ترسخت في أذهانهم صور المفحطين، الذين غالباً ما ارتبطت ممارساتهم ببدايات تعلم قيادة السيارة، أو لفت النظر إلى أنهم امتلكوا سيارة يتحدون بها أقرانهم - متوقعاً أن هؤلاء الممارسين فئة من المزعجين، والذين لا يعرفون ما يفعلون، اكتشفت من خلال تحقيق تلميذي النجيب سليمان العمار في الموضوع أنه عالم سفلي، لا يقل تعقيداً عن بعض التنظيمات الحركية في المجتمعات التي تمثل فيها تلك التنظيمات بنى موازية للمؤسسات الرسمية.

ولا أود أن أخوض فيما بينته بعض شهادات أصحاب العلاقة من الممارسين، أو ممن يُطلق عليهم ألقاب «المعززين» (وهم الأنصار الذين يقومون بالتشجيع في حالات الاستعراض، والحماية أو المساعدة في حالات الاحتياج إلى الإنقاذ، أو منع الأذى أو المضايقة عن أي من أصحاب «الطارة» - وهو لقب لا يقل روحانية عن بعض الألقاب الصوفية. وللمفارقة، فإن لقب أحد تلك الرموز «الصوفي» أيضاً؛ مما يوحي ببراءة مخالفة لما عرف عن سمات أولئك الأشخاص.

فقد أوحى ذلك التحقيق بأن شبكات غير معروفة الانتماء تتداخل مصالحها مع أصحاب الممارسة والجمهور المشارك، وهي أحد أسباب تعقيد الوضع المذكور أعلاه. لكنهم - خاصة المحترفين منهم - لا يسمون أنفسهم مفحطين كما كنا نتوهم أو نخلط بينهم وبين ذلك النمط القديم. كما أن وصول محترفيهم إلى مسيرة السيارة بمسافات طويلة على عجلتين فقط - كما نقلت بعض محطات التلفزيون العالمية - يشير إلى أنهم لا ينتمون إلى طائفة الدرفت، الذين يبقى فوقهم فوق، وتحتهم تحت.

الرياض
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9337 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة