Saturday 23/11/2013 Issue 418 السبت 19 ,محرم 1435 العدد

وتم العناق

تفرغ المبدع

إن الاهتمام بالمبدع في أيّ مجال، يتمثَّل في أمور عدَّة ومهمة، وذات أطر ومساحات، تختلف من مجال لآخر، حسب نوعية هذا المجال أو ذاك.. وأن لها تأثيرات تراكمية ونوعية على جودة وغزارة نتاج هذا المبدع أو ذاك، وإن تفريغ المبدع ورسم مسار وطريق له يعد أمرًا يخدم الإبداع ويطوّره ويبرزه.

والتفريغ مفردة تحتمل معاني كثيرة ومتداخلة، وإنها من المصطلحات التي تميل إلى النزعة الإدارية، التي تتناسب ومفهوم إعفاء الفرد (المبدع) من مهمة أو مهمات مُعيَّنة وجعله يركز على واحدة منها والتخلي رسميًّا عن الأخرى، قد يكون هو في الأساس يجمع بينها، وذلك بهدف إعطاء فرصة أكبر لنتاج أكثر وواسع كمًا وكيفًا.. وهنالك الكثير من المبدعين في مجالات مختلفة ومتباينة حظوا بهذه الميزة (التفريغ)، فهل المبدع في مجال الإبداع الأدبي والثقافي والكتابي يمكنه أن يحظى بمثل هذه الميزة..؟ ميزة تفريغه للإبداع والثقافة والبحث والكتابة والتأليف.. ما سبق سؤال له ثقل من نوع خاص ومعين..!!

إن تلميح وزارة الثقافة والإعلام ـ في كثير من المناسبات ـ في العمل على إعداد مشروع ينظم عملية تفريغ المبدعين والكتّاب، وأن الانتهاء منه يحتاج إلى مُجرَّد وقت لأمر يسعد كل مثقف ومبدع (شاعر - روائي - قاص - ناقد - كاتب مسرح) وكاتب أيًا كان اتجاهه وغيرهم من المبدعين في مجال الأدب والثقافة والكتابة، ولكن هل هذا المشروع؛ بل هل الوزارة جادة فيه أم أنّه مُجرَّد فرقعة إعلاميَّة فقط، كغيره الكثير من المشروعات التي حظيت بتوصيات أفرزتها عدَّة مؤتمرات وملتقيات وندوات ثقافية وأدبيَّة وإبداعية ولم تر النور..

بطبيعة الحال تفريغ المبدع فكرة جديرة بالاهتمام، فهي جدًا رائعة وإن تداخلت فيها بعض الصعوبات، فالإبداع ملكة توجد لدى كل مبدع أو هي منغرسة فيه أيا كان نوع هذا الإبداع، وإن تفريغه قد يزيده اهتمامًا ويعطيه الشعور بأنّه مهمًا ومحل تقدير وأن إبداعه له قيمة، ولكنَّ هنالك سؤالاً يطرح نفسه في مسرح هذه الفكرة: وهو من هو المبدع الذي يفرغ، أيّ بمعني آخر ما شروط وآليات التفريغ..؟ وما العمر الذي يفرغ فيه..؟ وهنالك الكثير من هذه التساؤلات، ومع كل هذه التساؤلات تبقى آلية التفريغ وثقافتها ليس واضحة وليست ناضجة لدى مبدعينا، فتفريغ المبدع من وجهة نظري ليس آلية سهلة، وإن رآها البعض خلاف ذلك، فهي عملية معقدة وشائكة وتحتاج إلى دراسة معمقة لو أُريد لها النجاح.. ومع أنها كذلك إلا أن آلية وضع قوانين لها ليس بالأمر المستحيل، بل في غاية الأَهمِّيّة حينما يؤخذ الأمر بجدية، حيث الاستفادة ممن سبقنا في هذا المجال، وخلاصة ما أقوله: إن تفريغ المبدع يعكس المرحلة والطفرة التي وصل إليها المجتمع الذي يوجد فيه هذا المبدع وما يحمله أفراده من إبداع وثقافة، وأعتقد أن وطننا ـ المملكة العربيَّة السعوديَّة ـ يزدهر بالمبدعين الحقيقيين في كافة الأصعدة الأدبيَّة والثقافية.

حسن علي البطران - الأحساء Albatran151@gmail.com