Culture Magazine Thursday  25/04/2013 G Issue 404
فضاءات
الخميس 15 ,جمادى الآخر 1434   العدد  404
 
ثقافة السياحة: صباحات من ذاكرة (لندن) (1)
د. عمر بن عبد العزيز المحمود

 

لا يختلف اثنان على أن السياحة تعد من أكثر الصناعات نمواً في العالم، وكما يقول المختصون فقد أضحت من أهم القطاعات في التجارة الدولية، ويمكن للغة الأرقام أن تؤكد ذلك، فقد اطلعت على إحصائية قديمة تؤكد أن قيمة الصادرات السياحية في عام 1998م قد بلغت نحو 532 بليون دولار، يليها مباشرة إنتاج المركبات بقيمة 522 بليون دولار، وإذا كانت هذه الإحصائية تشير إلى التفوق الواضح للسياحة على غيرها من المنتجات قبل 15 سنة تقريباً فيمكن للمتأمل أن يتصور المدى الذي وصلت إليه قيمة الصادرات السياحية اليوم.

ورغم عدم تخصصي في هذا الموضوع إلا أن الجميع يدرك أن السياحة من زاوية اقتصادية قطاع إنتاجي له أثر بالغ الأهمية في زيادة الدخل القومي، وتحسين ميزان المدفوعات، كما تعد مصدراً للعملات الصعبة، وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة، وهدفاً لتحقيق برامج التنمية، كما أنها من زاوية اجتماعية وحضارية يمكن القول بأن السياحة حركة ديناميكية ترتبط بالجوانب الثقافية والحضارية للإنسان؛ بمعنى أنها رسالة حضارية وجسر للتواصل بين الثقافات والمعارف الإنسانية للأمم والشعوب، ومحصلة طبيعية لتطور المجتمعات السياحية وارتفاع مستوى معيشة الفرد، أما على الصعيد البيئي فالسياحة تعد عاملاً جاذباً للسياح وإشباع رغباتهم، من حيث زيارة الأماكن الطبيعية المختلفة، والتعرف على تضاريسها وعلى نباتاتها والحياة الفطرية، بالإضافة إلى زيارة المجتمعات المحلية للتعرف على عاداتها وتقاليدها.

بدأت بهذه المقدمة العامة لصلتها الوثيقة بموضوع هذا المقال، هذا الموضوع الذي انقدح في ذهني أثناء زيارتي الأخيرة للعاصمة البريطانية (لندن) للمشاركة في يوم المهنة الثالث، فمن خلال تجوالي في هذه المدينة الرائعة لحظت أن المسؤولين فيها يولون اهتماماً كبيرا بالسياحة، بوصفها عامل جذب بالغ الأهمية للشعوب الأخرى، ومن ثم الإفادة من العائدات المالية في التنمية على مختلف أنواعها.

وقد كنت أعتقد في السابق أن اعتدال الجو وجماله وصفاءه فحسب هو ما يجذب السياح إلى مثل هذه المناطق ويغريهم بشد الرحال إليها، غير أن هذا الاعتقاد قد تلاشى لما رأيت الأعداد الهائلة للسياح من مختلف أصقاع العالم رغم برودة الجو التي تتجاوز العشرة تحت الصفر، دون آبهين بكل ذلك، وما ذاك إلا لأنهم أدركوا أن مقومات السياحة متوفرة بامتياز في هذه المدينة، وهنا يحضر السؤال: ما هي أبرز المقومات التي اهتمت بها هذه المدينة وحرصت على تفعيلها في الوقت الذي لم نتمكن من فعل ذلك؟ وهل ما لديهم غير موجود لدينا؟ أم أنه موجود لكننا لم نتمكن من تفعيله، ولم نعرف كيفية استثماره لإنعاش السياحة في وطننا الحبيب؟ هذا بغض النظر عن المقومات الطبيعية المتمثلة في اعتدال الجو الذي يخرج عن قدرة البشر ولا يملك التصرف فيه سوى المولى عز وجل؟ هذا ما سأحاول أن أجيب عليه وأرصده في الجزء الثاني من هذا المقال.

omar1401@gmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة